واصل مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع السعودية كشف المزيد من أسرار الفكر المتطرف، وأبرز نماذجه من أمثال "الإخوان المسلمون"، و"داعش" و"تنظيم القاعدة"، مؤكداً أن الفكر "الإخواني" أقنع الشباب المسلم بالعمليات الانتحارية والاغتيالات السياسية، مع تعبئته بمواجهة دولته الوطنية استشرافاً لقيام دولة الخلافة. وأشار المركز، عبر سلسلة من رسائله على موقع "تويتر"، إلى أن القاسم المشترك الذي التَقَتْ حوله "جماعة الإخوان" و"حاضنتها السياسية" يَنْصَبُّ على الاختراق الفكري والأمني للدول المستهدفة، وكاشفاً عن أسرار اطمئنان الإرهاب لقناة "الجزيرة"، ومدى تغلغل الاختراق الإخواني في دولة التآمر؛ لأسباب لا تستبعد فرضية الغباء السياسي. أهداف مستترة وكشف المركز عن تحالف مِحْوري التآمر لمحاولة استقطاب رموز منصات التأثير الديني من خلال الإيحاء الفكري والإغراء المادي والمعنوي، حيث استطاع هذا المخطط اختراق بعض المحسوبين على العلم والدعوة؛ فباتت مواعظهم وبياناتهم تستهدف الولاءات الوطنية. وعن الأهداف المستترة لرمزي الفكر المتطرف أشار المركز إلى أن استهداف الفكر الإخواني كان بالتركيز على ترسيخ القناعة بعدم شرعية الدولة الوطنية، مع الأمل في إقامة دولة الخلافة الإسلامية بمواصفات الدستور الإخواني. واستشهد المركز بقيام أحد كبار مشاهير الفكر الإخواني بالتصريح عبر منبره الرسمي عن أنه يريدها خلافة إسلامية (بمواصفات داعميه ومُلَقِّنيه) مُمهداً ذلك بلقاءاتٍ سياسيةٍ "موثّقة". الأولويات الإخوانية وأوضح المركز كيف كان قادة "القاعدة" و"داعش" من "الإخوان" في مرحلتي "التعريف والتكوين" (بحسب تصريح رموز القيادة الإخوانية)، ومنه جاء تأثرهم بفكرة دولة الخلافة. وكيف غاب التفهم عن قادة "داعش" و"القاعدة": "التوقيت، والتكتيك، والأولويات" الإخوانية، فسارَعوا لمرحلة "التنفيذ" بنفس مشروع وذريعة الإخوان دون تريُّث. وأكد المركز أن المشروع الإخواني يركّز على ترسيخ القناعة بأن الأمة الإسلامية ارتدَّت عن دينها، وأنه لا بد من بعثٍ وإحياءٍ إسلاميٍّ جديد. مستشهداً على فساد ذلك المعتقد بكتب عدد من رموزهم؛ مثل سيد قطب في كتابيه: "الظِّلال" و"معالم في الطريق"، وكتاب أبو الحسن الندوي "ردةٌ ولا أبا بكر لها"، حيث شمل الأمةَ كُلَّها ب: "حُكْم" سياقات "شاذة" لا تأثير لها على عمومها. التغرير بالشباب: وعن تأثير ذلك على التأثير على الشباب وحماستهم ذكر المركز أن تلك الكتب بما حوته أخافت الشباب المسلم حتى ألهبت مشاعرَهُ غَيْرَةً على دينه؛ حيث رسّخت مفهوم رِدَّةِ الأمة وكفرِها والمؤامرةِ عليها من الداخل. ورصد المركز تاريخياً بداية التطرف لأولئك الشباب، حيث لم يبدأ إلا بعد بضع سنواتٍ من انتهاء الحرب الأفغانية عام 1988م. واستعرض المركز تاريخ تلك المرحلة التي تخللها دعم بعض الدول الإسلامية والغربية لتلك الحرب؛ لمواجهة المحتل، وكيف تطوّع العديد من الشباب المتحمس، مما أدى بعد فترة لتشكّل الحماسة الجهادية بأفكارها الإرهابية، فكانت "القاعدة" بزعامة الإخواني ابن لادن، ومتحدثها الشهير الإخواني أيمن الظواهري. وصولاً لانتكاسة ابن لادن الفكرية وتشكيله لتنظيم "القاعدة"، وتبني منهج التكفير، واستهدافه لأمن المملكة والنيل من علمائها. الإرهاب مطمئن لقناة "الجزيرة"! وأشار المركز لدور قناة "الجزيرة" القطرية في تلك المرحلة، حيث أشار إلى أنه بعد توجَّس تنظيم "القاعدة" من الجميع، لم يطمئنّ في مقابلاته وترويج تصريحاته وتهديداته إلا لقناة "الجزيرة" القطرية. والتي كانت تدفع مقابلاً مادياً لتعزيز تلك الثقة، كما كان من بين مراسليها من أُدين بأحكام قضائية بالتورط في دعم الإرهاب. وأشار المركز إلى دور عاصمة التآمر (الدوحة) بالإغراءات المعنوية المتمثلة في الحفاوة المباشرة بالرموز المختطفة فيها، مع إغراقهم المادي، حيث اختصر ذلك الوقت والجهد، وهو ما أدى إلى قيام بعض المخططات باستهداف مباشر تجاوز منهجية الإخوان وحاضنتهم في استراتيجية تسلل القوة الناعمة برموزها المؤثرة، فقابله "انكشاف مباشر". دولة التآمر.. ثلاثة أسباب جوهرية: وتساءل المركز: كيف لم تخش (الدولة الحاضنة) من شمولها سيادياً بالمشروع الإخواني المرتكز على التسلل بالخديعة والتآمر بعد تمكنه واستغنائه عن حضانتها؟ ووضع المركز ثلاثة أسباب للإجابة عن السؤال، تمثلت في التالي: 1- لا تُسْتَبْعَدُ فرضية الغباء السياسي على مَنْ جازف بسذاجة التآمر "بتوصيفٍ إرهابي"، واقعاً في فخ حلم الكبار وصبرهم.. و"قدرتهم". 2- رهانُها على حفظ الإخوان لليد، والشراكة مع ما تسرب قبل سنوات من توقيع معاهدة سرية بينهما. 3- حسابات أوهام "تفريغ الأحقاد" و"تحقيق الذات" و"إبراز الكهف" تَرْجِح بالمخاطر الأخرى، ولا سيما مع تقوّي ذلك بضمانات حفظ اليد والعهد. الاختراق الإخواني لدولة التآمر: ورأى مركز الحرب الفكرية أن قوة تأثير الاختراق الإخواني في دولة التآمر بلغت لدرجة تنازل رموز دينية كانت في السابق معادية له، فقبلت أفكاره ودستوره، ودَعَت للتصويت عليه إبان حكمهم لمصر. وكذلك أن مستوى الوقوع في هذا المستنقع (برعاية ودعم دولته الحاضنة) محاولة الإساءة باسم الدين للدولة الوطنية التي حفلت بالشريعة منهجاً وحكماً. الفرق بين التشدد والتطرف وشدد المركز على أهمية التفريق بين "التشدد الديني" و"التطرف الإرهابي"، حيث إن سبب التشدد الديني (من وجهة نظر أصحابه) الاحتياط للدين، في مسائل تتعلق بالعقائد، والعبادات، والمعاملات، وبعض القضايا الاجتماعية. أما سبب التشدد الديني فهو التأثر بأفكار إرهابية استندت لتأويلات دينية محرّفة أسس لها بعد الخوارج الأوائل خَلَفُهم "الإخوان" بدعمٍ من الدولة الحاضنة. مشيراً إلى أن الصراع بين الاثنين أدى إلى أن يصدر (التطرف الإرهابي) أحكاماً تكفيرية في حق الأول، مثلما أصدرها "قبل ذلك" في حق "الاعتدال". أخطاء فادحة وإقصاء وحول العديد من المصطلحات أكد المركز أن هناك أخطاء فادحة في مفاهيم "الولاء والبراء، والجهاد، والدعوة، ودار الإسلام"، وغيرها من المفاهيم. وأن هناك مَنْ تشدد في مفاهيم تلك المصطلحات، لكنه بقي على منهج السكينة والمسالمة، وهناك من تطرف نتيجة تَشَبُّعِه بالأفكار الجهادية التكفيرية. وأكد المركز أن جماعة الإخوان تحمل فكراً إقصائياً؛ فهم يرون أنه يجب على كل مسلم الانضمام لجماعتهم، باعتبارها الوريث الحصري للدين الحق؛ ولذا احتكروا أُخُوّة الإسلام على تنظيمهم. وهذا التنظيم الإقصائي لقي مواجهة في محيطه الإسلامي، ولاسيما في انتقاد تسميته، ثم في ثاني الحال تسلل تكتيكياً على العاطفة الدينية بقالب آخر. تدليس وتزوير وكشف المركز عن قيام تنظيم "داعش" باختيار مشتركات دينية من بعض كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب وغيره من العلماء، وروجت لها؛ للتدليس والتمرير، ولم تقرر من تلك الكتب فقه السمع والطاعة وعدم الخروج على الولاة وشروط التكفير وموانعه وعلم المقاصد والترتيب بين المصالح والمفاسد. برغم أن تلك الموضوعات الشرعية وغيرها كثير هي الفارق بين الاعتدال والتطرف، لكن داعش تُزَوِّر في زعمها اتباع أئمة الإسلام؛ بهدف التمويه والإغواء. وتساءل المركز: وقد قررتْ "داعش" ما هو أعظم وأجلّ من تلك الكتب وهو "كتاب الله تعالى"، فهل يتأتَّى لمنصف أن يتهم القرآن الكريم؛ لأن داعشاً قرّرته؟ خاصة أن هذا التنظيم الإرهابي يراهن على كتب العلماء الأكثر تأثيراً واهتماماً.. فيما يهمها بشكل خاص "العنصر النوعي" في المغرَّر بهم. يُذكر أن مركز الحرب الفكرية التابع لوزارة الدفاع قد أطلق منذ مايو الماضي 2017م رسائله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، شارحة أهدافه العالمية بعدة لغات هي الإنجليزية والفرنسية، بالإضافة إلى العربية. ويهدف المركز الذي يرأس مجلس أمنائه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى كشف الأخطاء والمزاعم والشبهات وأساليب الخداع التي يروج لها التطرف والإرهاب، وإيضاح المنهج الشرعي الصحيح في قضايا التطرف والإرهاب، وتقديم مبادرات فكرية للعديد من الجهات داخل المملكة وخارجها، بالإضافة إلى مبادرات فكرية للتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب. كما يهدف إلى الارتقاء بمستوى الوعي الصحيح للإسلام في الداخل الإسلامي وخارجه، وتحقيق المزيد من التأييد للصورة الذهنية الإيجابية عن حقيقة الإسلام عالمياً، وتحصين الشباب "حول العالم" من الفكر المتطرف عبر برامج متنوعة (وقائية وعلاجية).