أعاد نبأ وفاة الحركي محمد سرور بن زين العابدين السرور مؤسس السرورية، الأضواء من جديد إلى حياة هذا الرجل المثيرة خاصة في مرحلته المبكرة أثناء عمله بالتدريس في السعودية. ويرى كثير من الباحثين والمتابعين للحركة الإسلامية الداعية الإخواني بن سرور الذي قدم ضمن موجات هجرة الإخوان إلى السعودية في أوائل ستينات القرن الماضي، بكونه المؤسس الحركي للتيار السروري الذي يعرّفه الكثير من الباحثين بأنه مزيج من الانضباط السلفي في العقيدة والثقافة الحركية للإخوان. تقلب ابن سرور في مراحله إلى محطات مختلفة، ففي المرحلة السورية يعتبر من الشباب المنتمين إلى ما يسمى بتيار الطليعة العسكرية أو مجموعة مروان حديد (شيخ حموي متطرف قطبي المؤسس للتنظيم العسكري للإخوان في سوريا وهو قائد العمل المسلح ضد نظام البعث في سوريا الذي حكم في بداية ستينات القرن الماضي)، وبدأ بتأييد هذه المجموعة التي كان من بينهم القاعدي "أبو مصعب السوري". بعد ذلك، جاء ضمن موجات الهجرة الإخوانية إلى السعودية حاملا ذات الثقافة، واختار العمل في بيئات بعيدة عن الثقافة الحركية والتنظيمية السياسية ليجد أرضا خصبة وجديدة للعمل الحركي الذي كان أساسه الدمج ما بين التيار السلفي التقليدي والحركية القطبية. جاء إلى السعودية عام 1385ه، وهو العام الذي أسس فيه تنظيمه الحركي مستقلا به عن التنظيم الأم الإخوان المسلمين، وكانت بدايته في حائل التي مكث فيها عاماً واحداً، ثم انتقل بعدها إلى بريدة في منطقة القصيم ليعمل فيها مدرساً لمدة خمس سنوات بالمعهد العلمي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. وبعد خروجه من القصيم انتقل إلى الأحساء، حيث أمضى فيها ما يقارب العام والنصف قبل إخراجه من السعودية إلى الكويت على يد مناع خليل القطان، لخلافات بدأت بين الشخصيتين من بين أسبابها التوجس من سعيه لتأسيس تنظيم حركي مستقل أطلق عليه "التنظيم السروري". في الكويت، واصل محمد سرور العمل على تقوية تياره وتنظيمه وعمل رئيسا لتحرير "مجلة المجتمع" الكويتية الإخوانية قبل تصادمه سياسيا مع الحكومة الكويتية منتقلا بعدها للعيش في بريطانيا وبقي فيها 30 عاماً، مؤسسا هناك في مدينة برمنغهام مركزا إخوانياً حركياً باسم" مركز الدراسات الاستراتيجية" وأصدر منه "مجلة السنة" الثورية. وبعد أحداث 11 سبتمبر خاف ابن سرور من المحاسبة، وقدم إلى الأردن دون أن يكون له أي نشاط ثم مرَّ على السعودية واستقر وعاش في قطر حتى آخر عمره، فمن هو هذا الشخص وما هي الحقيقة والأوهام التي دارت حوله؟. يتكلم ل"العربية نت"، رئيس الهيئات السابق في القصيم والمهتم بالنشاط الديني والخيري الشيخ عبد العزيز اليحيى، ومعاصر ومراقب لهذه المرحلة المهمة من بدايات العمل الصحوي في السعودية، صاحب مكتبة "ابن القيم" وأحد أقرب التلاميذ للشيخ عبد الرحمن الدوسري الشيخ السلفي السعودي الذي تميز بتعاطفه الشديد مع جماعة الإخوان وسيد قطب، إلا أنه كان يتميز عن سرور ببعده عن الجو الحركي. اقترب من ابن سرور في محاربة التيارات القومية واليسارية، وابتعد عنه في الجانب الحركي التنظيمي والثوري ضد الحكومات. كما كان يسعى ابن سرور الذي سعى إلى التقارب من الشيخ عبد الرحمن لما يتميز به من علاقة جيدة مع القيادة السعودية. قال الشيخ عبد العزيز اليحيى عن بداية اللقاء بالأب الروحي والمنظر للتيار السروري في السعودية محمد سرور، حيث بدأت مشاهدته له بعد أن سكن في منزل مجاور لأسرة اليحيى في بريدة، فبدأت تتكرر لقاءات سريعة به أثناء ذهابه إلى المسجد أو مصادفته في الطريق وإلقاء التحية، وكذلك بسبب حداثة سن الشيخ عبد العزيز حين قدوم ابن سرور الى منطقة القصيم الذي كان لايزال حينها في مرحلة الأول متوسط، حتى بدأ نشاطه في العمل الدعوي الإسلامي منذ اللقاء والارتباط الأول بالشيخ عبد الرحمن الدوسري عام 1389ه، والذي من خلاله بدأ في معرفة ابن سرور أكثر. كان الشيخ النجدي الدوسري بمثابة الأستاذ والمعلم لابن سرور بحكم فارق السن وتمكنه من المنهج السلفي والسبق في الدعوة الإسلامية المعاصرة ومحاربة التيارات القومية والشيوعية واليسارية، حيث حرص محمد سرور على حضور دروس وخطب الدوسري والالتقاء به بمناسبات مختلفة في بريدة، وكذلك الأحساء تواصل اللقاء بينهما حتى غادر ابن سرور السعودية إلى لندن.اختلف الشيخ عبد العزيز مع ابن سرور في مسائل عدة فوصفه بالثوري الصدامي، واعترض على نهجه في التقليل من العلماء بهدف إبعاد الشباب عنهم بحجة عدم فهمهم للواقع حتى أصبحوا فريسة له وكان هذا مدخله الى الشباب بحسب اليحيى، حتى طرأ خلافٌ آخر بعد توليه أول وظيفة حكومية في الهيئات بالقصيم بعد تلقيه خطابا عام 1401ه من ابن سرور خلال تواجده في بريطانيا، معترضا عليه قبوله الوظيفة الحكومية باعتبارها بحسبه غير جائزة، مفضلا أن يكون داعية ثوريا. "وجاء دور المجوس" للشيخ الدوسري حكاية مع محمد سرور. فالاثنان استمرا على وفاق رغم الاختلاف، حيث التقى معه في الدمج بين السلفية والإخوانية وبحسب ما حدثنا اليحيى، آمن الدوسري بضرورة التمسك والتقيد بالمنهج السلفي، بالمقابل اعتبر المنهج القطبي كالمنظار الذي يطلع من خلاله على العالم والقضايا المعاصرة، وإنما لابد وأن يكون بمنظار الفقه والمنهج السلفي، مشددا في ذات الوقت على رفضه "للفقه الجامد والحديث المختلف مع الفقه". أكد رئيس الهيئات السابق على أن كتاب "وجاء دور المجوس" الذي ختمه ابن سرور باسم "محمد الغريب" كان قد بدأ بكتابته الشيخ عبد الرحمن الدوسري الذي وافته المنية قبل إتمامه وقبل انتهاء الثورة الخمينية، ليكمله من بعده محمد سرور. وهي نقطة الوفاق الرئيسية بين الشخصيتين المتلخص بالموقف من الثورة الخمينية وقضية إيران، معترضا الدوسري بالمقابل على حدة ابن سرور، وعدم قبوله بأنصاف الحلول، وتصادمه مع الحكومات وتكفيره لها وهو الخط الثوري القطبي الذي تبناه محمد سرور بشعاريه "الحاكمية" و"الجاهلية" التي رفضها كذلك الشيخ الدوسري بحسبه. تأثير ابن سرور على شباب الصحوة في السعودية تأثير ابن سرور في السعودية بدأ من خلال تدريسه في المعهد العلمي فكانت أبرز الوجوه للتيار السروري الداعية "سلمان العودة"، والمفارقة وطبقا للشيخ عبد العزيز اليحيى كانت باقتراح محمد سرور على الداعية العودة الذي كان حينها اسمه سليمان تغيير اسمه كما هو معروف اليوم، مبادرا إلى تغييره إلى سلمان من سليمان وتسجيله في الأوراق الرسمية، عام 1987ه، مستدعيا ابن سرور وباستمرار قصة سلمان الفارسي، مرددا "سلمان منا آل البيت"، ولا يوجد بعائلته اسم سلمان والده فهد السليمان وعمه حمد السليمان كلاهما سمي على اسم والدهما سليمان، حيث إن الإخوان يركزون على بعض الأسماء ك "سلمان وصهيب". وبحسب اليحيى، كان العودة كثير التردد على دروس ابن سرور والاجتماع به، ولقي منه عناية ورعاية خاصة. في غضون ذلك الوقت كان سلمان العودة يشهد دروسا للشيخ الدوسري مع مجموعة من الشباب سواء في مكتبة ابن القيم أو في المسجد وكانوا يحتجون على قوله بأن السعودية بلاد التوحيد، محتجا العودة على وجود الربا، وكان كثيرا ما يقوم الدوسري على إسكاتهم بالحجج الشرعية. أقرب تلاميذ الشيخ الدوسري تحدث في حوار خاص مع "العربية نت": متى كان أول لقاء جمع بينكما مع ابن سرور؟ بدأت بمشاهدة محمد سرور منذ أن قدم إلى مدينة بريدة حيث كان منزله مجاورا لنا وكنت حينها في مرحلة الأول متوسط، وكنت أراه في الصلوات الخمس وبقي جارا لنا لمدة 3 سنوات، في بداية وصوله لم يكن يبرز الى الضوء أبدا، ولا يتحدث كثيرا يأتي للصلاة بالمسجد لم نختلط به حتى انتقل الى الأحساء وصار نشاطه علنيا بعدها التقيت به في عام 1994 في مكة، وفي الكويت عام 1998. كيف أصبحت علاقتكما مع مرور الوقت؟ بعد أشهر على قدومه زاد تكرار تردده الى المسجد وبدأ بالحديث والتودد والدعوة إلى قراءة الكتب والجلسات معه كانت بالمسجد بالنسبة لي، أما مع الآخرين، فقد كان يختلط بهم بالمعهد العلمي. ماذا بشأن القيادي الإخواني محمد العبدة، هل التقيت به؟ جاء محمد العبدة إلى بريدة ودرس بالمعهد للمرحلة المتوسطة ثم انتقل الى الرس وكنت أسمع عنه سماعاً، لم أصادفه فلم يكن لي احتكاك به حيث كنت بمتوسطة القادسية، وهو كان بالمعهد العلمي وتركيزهم كان هناك على الجانب الشرعي. بماذا اتفقت واختلفت مع ابن سرور حينها؟ في ذلك السن لم أكن لأجرأ أن أختلف معه بالكلام، إلا أنني كنت متحفظا على الثقافة التي حاول توصيلها فلم تعجبني، حيث كان ارتباطي بمشايخ السعودية المحللين أكبر، ولم يكن مدرسا لي حتى أحتاجه في التدريس والتعليم، إلا أنه بحسب كلامه كان يتردد على دروس بعض المشايخ يحضر درس الشيخ الخريصي بعد العصر ودرس محمد بن صالح المطوع، لكن الناس لم يجالسوه. إلا أنه استطاع بعد فترة تكوين مريدين له؟ نعم كان يأتي إليه من الشباب في شقته، ويلتقي بهم في المعهد وأماكن أخرى وإنما ليس بشكل علني فلم يكن يعطي دروسا بالمساجد، فكان عمله بالظل، حتى ذهب إلى الأحساء وكان لديه حرية أكبر وأصبح أكثر نشاطا والتي مكث بها عاما ونصف العام. ما أبرز الأسماء التي تأثرت حينها ب "ابن سرور"؟ الذي برز في وقته وخصه بالعناية والرعاية هو سلمان العودة فقد تأثر والتصق به، حيث درس على يده في المعهد العلمي حتى إن محمد سرور هو من سماه سلمان العودة، إلا أنه كان لافتا انقلاب محمد سرور على سلمان بعد أن رأى أنه لم يمش على الخط الذي وضعه عليه والذي يريده بالابتعاد عن الوظائف ورأيه في الحكام، وتصاعدت الخلافات بعد الأحداث بالسعودية، ومن المعروف تقلبات ابن سرور طوال السنوات الماضية. متى بدأ اهتمامك بالنشاط الدعوي؟ منذ أن بدأ التصاقي بالشيخ عبد الرحمن الدوسري في عام 1389 والذي تربطني به صلة قرابة، وعلاقتي بالشيخ عبد الرحمن لم ترتبط بابن سرور رغم محاولاته بالتقرب إلي إلا أنني لم أحرص على ذلك. لكن الشيخ عبد الرحمن كانت علاقته طيبة مع ابن سرور؟ نعم الشيخ عبد الرحمن عالم جليل يستطيع أن يدافع عن قناعاته ومنهجه الذي يسير عليه. التقى به في بريدة، وكذلك عندما ذهب إلى الأحساء وانضم معه إلى جمعية الإصلاح. ما دور الشيخ عبد الرحمن الدوسري بجمعية الإصلاح؟ الشيخ عبد الرحمن كان من المؤسسين لجمعية الإصلاح وعضوا فيها، وتبنى كذلك قضية التمويل الإسلامي، ودعم ماليا ومعنويا "مجلة الشهاب، ومجلة المجتمع الكويتية، ومجلة البعث الإسلامي" التي كان يكتب فيها كل من أبو الأعلى المودودي، ومحمد طفيل، وأبي الحسن الندوي. ما طبيعة الخلاف الذي تسبب في خروج محمد سرور من جمعية الإصلاح ومغادرة الكويت؟ لا أعرف بالضبط، إلا أن الشيخ عبد الرحمن قال لي حينها هذا مسكين لا يرضى بأنصاف الحلول، وما فهمته منه حينها أنه قال له مجلتك بالكويت ورخص لك بالكتابة والحرية بالدعوة يجب عليك عدم مهاجمة الكويت وأنت بدارهم، وأعتقد أن الخلاف كان حول هذه المسألة. كيف كانت علاقة الشيخ عبد الرحمن الدوسري بأبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي؟ كان الشيخ عبد الرحمن يحتفي بكل علماء الأمصار ومن ضمنهم الندوي والمودودي، التقيت بالندوي وابن طفيل في بيتهما عدة مرات في مدينة الرياض، كانا يأتيان بحكم كونهما بالأمانة العامة للدعوة الإسلامية أعضاء في رابطة العالم الإسلامي يمثلان أهل الحديث، ويأتيان لزيارة الشيخ عبد الرحمن لتناول الغداء ويلتقوا به في منزله، ومجلة البعث الإسلامي التي تبنياها للإصلاح كان الشيخ عبد الرحمن من أركانها ومن الداعمين لها ماديا ومعنوياً حتى إنه كان يرسل إلى مجموعة منها لأخذها الى مكتبة تسمى "مكتبة النهضة" تباع بسعر رمزي ويتم توزيعها. وكان يتبنى مثل هكذا مجلات، ويدعم العلماء أمثال المودودي والندوي ومحمد طفيل والبصيري وكان يساعدهم إذا احتاجوا إلى شيء. كان يؤيد منهجهم أكثر مما كان يذهب اليه محمد سرور. ماذا عن تقارب الشيخ عبد الرحمن مع أبو الأعلى المودودي رغم تأييد الأخير للثورة الخمينية؟ الثورة الخمينية صار لنا جدال فيها مع مدرسين شرعيين في المعهد العلمي اعتبروه نصرا للإسلام، فالمودودي تبنى ذلك. كان من ضمن هؤلاء فقد أخذها غيره لكن الشيخ عبد الرحمن له موقف قديم منذ حياته بالكويت، إلا أن الشيخ عبد الرحمن كان قد أثنى على كتاباته ويحرص على مؤلفاته ورسائله في الدعوة بشأن الصحوة. وكان يشير الى بعض رسائله لقراءتها والاطلاع عليها. ما رأي الشيخ عبد الرحمن بسيد قطب؟ يرى أنه مفكر إسلامي ويثني عليه في مجال ويحذر من بعض ما ذكر في كتابه "الظلال" وقال فيه كتاب قيم وإنما به مطبات يجب أن ينتبه إليها طالب العلم، منه ما قاله بالأسماء والصفات. التقى الشيخ عبد الرحمن كذلك بمحمد قطب وكانت علاقتهما طيبة، محمد يختلف عن سيد حيث فيه شدة الإخوان ويدعو إلى الثورة. ماذا كان رأي محمد سرور بمناع القطان؟ كان يسبه سباً عظيماً لأنه تولى منصبا، حيث كان مديرا للمعهد العالي للقضاء في السعودية، وكذلك محمد محمود الصواف أحد الدعاة العراقيين وكان مستشارا لدى الملك فيصل، والشيخ علي الطنطاوي درس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجميعهم تولوا مناصب وكان يرى أن هؤلاء خضعوا للدولة وكل من كان يجلس معه يقوم بالتحذير منهم. لم يوافق على أي داعية جمع بين الحسنيين بين الدعوة والعلاقة الجيدة مع الدولة، حيث كانت علاقة الأسماء السابقة بالملك فيصل فرأى أنهم جواسيس، ومناع كان يشتغل في طريقه ويلتزم الصمت لم يرد على هذه الأقاويل. كان محمد سرور شديد الاعتداد بنفسه حيث يرى أنه المصلح الوحيد، لم يكن يعترف بالفضل للآخرين من العلماء. من اللافت انتشار الفكر السروري بين أوساط النساء، فكيف جاء تأثر الداعيات به؟ لم يكن لابن سرور نشاط مباشر بين الأوساط النسائية، وإنما وصل فكره ومنهجه من خلال تلامذته، كان من أبرزهم سلمان العودة عبر أشرطته وكلماته ومحاضراته التي كانت كلها إلى زمن طويل وفق منهج محمد سرور. ذكرت الملك فيصل ودوره مع العلماء والدعاة، هلا أخبرتنا عن لقاءاتك بالملك فيصل بن عبد العزيز؟ التقيت به مراراً في مجلسه العام الذي عادة ما يكون بعد صلاة العشاء كان الأمر متاحا للجميع، ذهبت إليه أكثر من مرة أحمل إليه خطابات لمشايخ مختلفين وأستلم الرد منه وكانوا عادة ما يطرحون قضايا عامة للناس، أذكر من بينها طلبا لتسوير بعض المقابر التي كان جزءا منها مبعثرا ولم تسور فأمر بتشكيل لجنة خاصة لبحث الأمر وإتمام تسويرها، كذلك طلب عدم اقتطاع جزء من مصلى العيد الذي كان وقفاً، حيث حاول بعض الناس اقتطاع من أرضه، فأصدر الملك فيصل أمرا بالإبقاء عليه، وأيضا رفعت خطابا بطلب إزالة صور عن بعض الكتب جسدت فيها الملائكة والأنبياء وتفاعل مع الأمر كذلك بعد أن أخذت الصور إليه وأطلعته عليها. وأذكر أن الشيخ الدوسري كان قد تقدم للملك فيصل بكتاب للعرض على زعماء بعض الدول قضية بورما أنهم مسلمون ويجب على كل دولة إسلامية أن تأخذ منهم وتحتضنهم فاستجاب الملك فيصل وأمر بتخصيص أراض بمكة وتسكين البورماويين وأشار الدوسري بالأمر ذاته إلى حكومة الكويت كذلك. أخيراً، يمكن إيجاز القول وبحسب وصف الكاتب "مشاري الذايدي" في حديث ل"العربية نت" أن الشيخ الدوسري جاء من السلفية إلى الإخوانية. وابن سرور جاء من الإخوانية إلى السلفية، فالتقيا منتصف الطريق، واصفا الشيخ عبد الرحمن الدوسري بالشيخ التقليدي والمسيس في الظرف الذي كانت فيه المنطقة تشهد صراعا شرسا بين المعسكر العربي المحافظ والمعسكر العربي القومي واليساري. فرمز للتيار الأول الملك فيصل، والتيار الثاني جمال عبد الناصر، ملتقيا من هنا الشيخ النجدي بأفكار ابن سرور وسيد قطب والمودودي والندوي، مع احتفاظه الشديد لولائه للدولة. قائلا: "ربما يكون الدوسري أول شيخ سعودي تحمس للترويج لفكر الإخوان المسلمين دون أن يكون منخرطا في أي انتماء حركي إخواني بل على العكس كان يعتبر شخصا مواليا للدولة". إلا أن محمد سرور بحسب الذايدي لم يكن يؤمن بالعمق بالدولة السعودية رغم أنه رأى أنها من الممكن أن تخدم أجندته في لحظات منها التصدي للثورة الإيرانية التي تطلبت منه مهادنة الدولة السعودية، وكذلك موقفه الأخير من عاصفة الحزم.