قال إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن علاقة حركته مع الجمهورية الإيرانية "قديمة ومتينة، وليست موجهة ضد أي من الدول العربية والإسلامية"، معربا في الوقت ذاته عن تأييد "حماس″ للمصالحة التي تمت، مؤخرا، بين مصر وقطر. وقال هنية، خلال لقاء تلفزيوني بثته قناة (الأقصى) الفضائية التابعة لحركة "حماس″، مساء الاثنين: إن "العلاقة مع طهران قديمة ومتينة وإيران دولة إسلامية وقفت مع المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني منذ سنوات طويلة ونقطة الارتكاز في العلاقة مع إيران هي فلسطين والمقاومة والقدس″. وأضاف أن "العلاقة مع طهران ليست موجهة ضد أحد من الأشقاء العرب والمسلمين وهي ليست على حساب مواقف حماس فيما يتعلق بقضيتنا الفلسطينية ونظرتها للإقليم والمنطقة. نحن بحاجة إلى عمق استراتيجي". وأوضح أن "حماس″ حريصة على أن تكون في علاقات مفتوحة مع أي دولة عربية وإسلامية طالما أنها تدعم حق الشعب الفلسطيني. وزار وفد رفيع المستوى من حركة "حماس″ العاصمة الإيرانيةطهران، مؤخرا، في محاولة لتحسين العلاقات الثنائية بينهما. وعلى مدار سنوات عديدة، أقامت حماس، علاقات قوية ومتينة مع النظام الإيراني، ضمن ما كان يعرف قبيل اندلاع ثورات الربيع العربي، ب"محور الممانعة" الذي كان يضم إيران، وسوريا، وحزب الله اللبناني، وحركة حماس، في مقابل "محور الاعتدال"، الذي كان يضم مصر (في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك الذي أطاحت ثورة شعبية بنظام حكمه في عام 2011)، والسعودية والإمارات، والأردن. لكن اندلاع الثورة السورية، عام 2011، ورفض حماس تأييد نظام بشار الأسد، وتّر العلاقات بينهم، إلى أن وصلت لقطيعة تامة بين الحركة ودمشق، وشبه قطيعة بينها وبين إيران، وحليفها "حزب الله" اللبناني. وأشار هنية إلى أن علاقة حركته مع قطر "وطيدة" لأنها وقفت مع الشعب الفلسطيني وساندته ومع المظلومين في قطاع غزة. وفي تعليقه على المصالحة التي تمت، مؤخرا، ما بين مصر وقطر، قال هنية "نحن مع المصالحات العربية العربية وخفض مستوى التوتر في هذه العلاقات ونشعر أن قطر من الدول التي لا يمكن أن تكون مصالحتها مع الغير على حساب دعمها للقضية الفلسطينية واحتضان الشعب الفلسطيني". وأضاف هنية: "ما زال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في قطر ولم يُطلب منهم أي شيء يتعلق بإقامته أو نشاطه السياسي والإعلامي وهذا مؤشر يدل على ثبات العلاقة ما بين قطر وحماس وأن المصالحات العربية العربية تخدم الشعب الفلسطيني وتعزز صموده وثباته". وتوترت العلاقات بين مصر وقطر، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، في 3 يوليو/ تموز 2013، والذي دعمته قطر خلال حكمه الذي استمر عاما. وفي العشرين من الشهر الجاري، أعلن الديوان الملكي السعودي، في بيان، أن قطر ومصر استجابتا لمبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، "للإصلاح بينهما، وإعادة توطيد العلاقات وتوحيد الكلمة، وإزالة ما يدعو إلى إثارة النزاع والشقاق بينهما". وقطر من أبرز الداعمين الإقليميين لحركة حماس، التي حكمت غزة بين يونيو/ حزيران 2007 ويونيو/ حزيران الماضي، وهو ما عرّض الدوحة لاتهامات بدعم الإرهاب، ولا سيما من جانب إسرائيل، التي تعتبر الحركة "منظمة إرهابية"، وتحاصر قطاع غزة، حيث يعيش نحو 1.9 مليون فلسطيني، منذ أن فازت "حماس″ بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. ولفت هنية إلى أن العلاقات ما بين حركة "حماس″ ومصر تراجعت بعد عزل الرئيس المصري محمد مرسي في يوليو/ تموز 2013، مشيرا إلى أن اتصالات تجري بين حين وآخر بين حركته ومصر "عبر المخابرات المصرية". وشدد على أن حركته حريصة على أن "تبقى العلاقات مع مصر في سياقها الطبيعي لما تمثله الأخيرة من أهمية بالنسبة لفلسطين وقطاع غزة على وجه الخصوص". وقال إن "الحملات التي تشنها بعض وسائل الإعلام المصرية ضد حركة "حماس″ لا تعبر عن ضمير الشعب المصري أو حقيقة موقف مصر تجاه القضية الفلسطينية". وفي تعقيبه على الإجراءات الأمنية المصرية على حدود قطاع غزة، قال إسماعيل هنية: إن "الإجراءات التي تقوم بها السلطات المصرية إذا كانت تتعلق بأمنها الخاص فهذا الأمر يعود إليها وكل ما يهمنا أن لا تكون هذه الإجراءات على حساب زيادة معاناة أهلنا وشعبنا الفلسطيني في غزة". وجدد مطالبة حركته لمصر بفتح معبر رفح بصورة دائمة لأنه يشكل المنفذ الوحيد لقطاع غزة نحو العالم الخارجي، مشددا على رفض حركته لاستمرار إغلاق المعبر لما يسببه ذلك من معاناة حقيقية للشعب الفلسطيني. ومنذ الإطاحة بمرسي، توترت العلاقة بين مصر و"حماس″، وفي مارس/ آذار الماضي، صدر حكم قضائي بوقف نشاط الحركة داخل مصر، وحظر أنشطتها بالكامل، والتحفظ علي مقراتها داخل البلاد. لكن بعد شهور، التقت قيادات في الحركة ضمن وفد من منظمة التحرير الفلسطينية مع أجهزة السلطات المصرية على طاولة واحدة، من أجل التهدئة في غزة إثر الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، التي بدأت يوم 7 يوليو/ تموز الماضي، ودامت 51 يوما. وفي سياق آخر، طالب هنية مصر بأن تضغط على إسرائيل لتفي بالتزاماتها تجاه قطاع غزة المرتبطة باتفاق وقف إطلاق النار، مشددا على "ضرورة وجود ميناء بحري، ومطار في غزة باعتبارهما حق من الحقوق الفلسطينية ومن متطلبات الصمود والانتصار الذي تحقق في المعركة الأخيرة". وبشأن علاقة "حماس″ في القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، قال هنية: إن "العلاقة مع دحلان هي أننا أبناء شعب واحد. نحن نرحب بكل من يريد أن يخفف عن أبناء قطاع غزة طالما أنها مساعدات غير مشروطة ويجري توزيعها بشفافية ونزاهة وغير مرتبطة بأجندة إقليمية ومحلية". وأضاف: "نحن نقترب من أي جهة بقدر اقترابها من الوطن، ونبتعد عن أي جهة بقدر ابتعادها عن الوطن". من ناحية أخرى، قال هنية إن المصالحة الوطنية الفلسطينية تمر ب"منعطف خطير"، داعيا الفصائل والقوى والأطراف الفلسطينية إلى بناء إستراتيجية وطنية جديدة تقوم على برنامج وطني مشترك لحماية المقاومة والثوابت الوطنية. وشدد على إيمان حركته المطلق بأن المصالحة يجب أن تكون قائمة على الشراكة وعدم إقصاء أي طرف. وحمل الرئيس الفلسطيني محمود عباس المسؤولية عن تعثر المصالحة الفلسطينية، وقال "يجب على الرئيس عباس أن ينطلق بعيدًا عن الحسابات الضيقة والخاصة، والنظر للفضاء الواسع لقضيتنا ومتطلبات الإجماع الوطني". وأعرب عن عدم تفاؤله بأن تعالج زيارة وزراء حكومة التوافق لقطاع غزة المشاكل الحقيقية للقطاع، مشيرا إلى ضرورة أن يصدر الرئيس عباس قرار يقضي بالالتزام في تطبيق كل ما تم الاتفاق عليه. وفي معرض رده على سؤول حول النقطة التي أخطأت فيها "حماس″، قال هنية "في موضوع تشكيل حكومة التوافق الوطني كان يجب توثيق بعض القضايا وإلزام الطرف الآخر بها قبل الشروع بخطوات التنفيذ وعلى رأس هذه المسائل موضوع الرواتب والموظفين" (اعتماد موظفي حكومة حماس السابقة). واتهم هنية حكومة التوافق بأنها لم تفي بالتزاماتها أو بالمهام المطلوبة منها وفقا لاتفاق المصالحة الفلسطينية، قائلا "المطلوب من حكومة ثلاث مهمات رئيسية هي إنهاء الحصار وإعمار غزة، وتوحيد المؤسسات الوطنية الفلسطينية في إطار السلطة الفلسطينية، والتحضير لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، ولكنها لم تحقق هذه المهمات حتى هذه اللحظة بالإضافة إلى أنها لم تعتمد موظفي غزة". وأكد أن حركة "حماس″ في علاقتها الوطنية "تتحلى بالصبر وطول النفس وتعتمد على المتغيرات التي ستكون لصالحها". ووقعت حركتا "فتح" و"حماس″ اتفاقا في أبريل/ نيسان الماضي، يقضي بإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وفاق فلسطينية تتولى شؤون الحكم. ورغم تشكيل الحكومة وأدائها اليمين الدستورية أمام الرئيس الفلسطيني، زعيم "فتح"، محمود عباس، في الثاني من يونيو/ حزيران الماضي، وتخلي "حماس″ عن حكم غزة، إلا أن الحكومة لم تتسلم فعليًا الحكم في القطاع، بسبب خلافات سياسية بين حماس وفتح. وعلى صعيد ثان، قال هنية إن مسيرة التسوية والمفاوضات وصلت إلى الفشل ولا حاجة لها ضمن مسيرة الشعب الفلسطيني ولا يمكن أن تحقق أي اختراق لشعبنا. هناك التفاف حقيقي حول المقاومة". ووصف مشروع تحديد سقف زمني لإقامة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي المقدم لمجلس الأمن بأنه "ينافي حقوق الشعب الفلسطيني وفيه تلميحات بإسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين". وفي السابع عشر من ديسمبر/ كانون أول الجاري، قدّم الأردن نيابة عن المجموعة العربية، مشروع قرار إلى مجلس الأمن الدولي لإنهاء "الاحتلال" الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ 4 يونيو/ حزيران 1967، وفق سقف زمني لا يتجاوز نهاية عام 2017، لدراسته، تمهيداً لتحديد جلسة للتصويت عليه لاحقا. 1