أطلت قضية «محرم الطالبة المبتعثة» مرة أخرى، عقب تصاعد حدة الخلاف حول شرعية سفر الطالبة إلى بعثتها الخارجية بمفردها أو ضرورة وجود محرم، بأي صورة من الصور، خاصة بعد ظهور أسماء مستحدثة للزواج هدفها «تحليل» مرافق المبتعثة. وهنا، يستنكر الدكتور المحامي عدنان الزهراني، شرط وجود «المحرم» وسفره وبقائه مع المبتعثة حتى انتهاء دراستها، كشرط أساسي لابتعاث الطالبة لخارج السعودية، مؤكدا أنه لا يوجد أي دليل شرعي يحرم سفر المرأة من دون محرمها، أو دليل يوجب بقاءها معه حتى انتهاء بعثتها، خاصة إذا أذن لها وليها بذلك. يأتي ذلك في وقت انتشرت فيه مواقع خاصة بزواج المبتعثات السعوديات، وحسابات شخصية لسعوديات على مواقع التواصل الاجتماعي، يعرضن أنفسهن لزواج «المبعاث أو الزواج الصوري» وأسماء أخرى لغرض إكمال أكثر الشروط تعقيدا في الابتعاث وهو وجود «المحرم». ويضيف الزهراني وفقا ل«الشرق الأوسط» أن «الزواج الصوري غير شرعي في الواقع، والعلاقة الناتجة عنه - لو حدثت - تعد علاقة غير شرعية، ومتى ما رغب الشخصان في تصحيحه شرعا يمكن ذلك، ولا يوجد مانع شرعي من ذلك في أية لحظة». ويضيف «لقد اجتهدت كثيرا لأجد دليلا على التحريم فلم أجد، لأن سفر المرأة بلا محرم لمسافة لا تصل إلى يوم وليلة حتى تصل إلى مكان إقامتها الآخر - جائز دون شك. والملاحظ اليوم أن سفر المرأة في الطائرة لا يستغرق مدة يوم وليلة في كل بقاع العالم، فلا نملك دليلا يمنعها من هذا السفر الذي لا يستغرق تلك المدة، كما أنني لم أجد دليلا يوجب على المرأة البقاء مع محرم بصفة دائمة في أي مكان تقيم فيه، كيف وقد أذن لها وليها بذلك المقام، وبناء على هاتين المقدمتين لا نجد دليلا يلزم المرأة بوجود مرافق لها في البعثة، وعليه فالحل هو إلغاء هذا الشرط، لأنه لا يعتمد على قواعد شرعية، ولكن لو قيل لا بد من هذا الشرط حماية لجناب المرأة فهذا طيب ولا بأس به، ولكن لا نجعل ذلك واجبا شرعيا، بل متطلبا قانونيا ليس غير». من جهة أخرى، يؤكد الدكتور محمد حسن عاشور، المستشار التربوي والأسرى، أن هذا الزواج هو أحد أشكال التحايل على الشرع. وأضاف: «في الآونة الأخيرة انتشرت أسماء كثيرة، وكذلك صفحات تواصل اجتماعي لما يسمى الزيجات الحديثة من مثل المسفار، والصيفي، والفندقي، وزواج الابتعاث، وغيره من هذه الأشكال». ويعتبر الدكتور عاشور إطلاق لفظ زواج على كل هذه الأشكال من الارتباطات جريمة تربوية ونفسية، تزيد الطين بلة، وزاد «في الواقع، هي علاقات محرمة، يتحفظ عليها الشرع نفسيا واجتماعيا، وإن كانت غير متساوية مع بعضها في الحلال والحرام». وفي ذات السياق، تواصلت «الشرق الأوسط» مع عبد الله الجبرتي، وهو أحد أصحاب المواقع الخاصة بزواج المبتعثين والمبتعثات، الذي كشف بدوره أن موقعه «الحاصل على شهادة من منظمة الحقوق الفكرية في بريطانيا»، يختص بالسعوديين والسعوديات فقط، وأكد وجود الكثير من الطالبات اللاتي حصلن على موافقة الابتعاث من وزارة التعليم العالي، ولكن نظرا لعدم وجود محرم لهن لم يتمكن من السفر وإكمال مسيرتهن العلمية، كما أن هناك الكثير من الشباب - والحديث للجبرتي - ممن يطمحون إلى إكمال مسيرتهم العلمية، ولكن شروط الابتعاث لا تنطبق عليهم. ويضيف الجبرتي «بدأت فكرة الموقع عندما تحدث لي أحد المبتعثين خارج السعودية عن رغبته في الزواج بطالبة مبتعثة في نفس المدينة أو أي فتاة لا تمانع السفر معه ولكن بشرط أن تكمل دراستها، وأخبرني عن مدى صعوبة هذا الأمر، كذلك الحال بالنسبة للفتاة الدارسة في الخارج، فهي بالتأكيد ترغب في الزواج بشاب سعودي يدرس معها في نفس المدينة يكون لها عونا في مسيرتها العلمية وسندا لها في الغربة من كل شر». ويؤكد الجبرتي حرصه على أن تكون جنسية المشترك والمشتركة في موقع الزواج سعوديين، ويضيف «وصلنا في وقت قصير إلى أكثر من 150 مشتركة وأكثر من 170 مشتركا، مما يعطي مؤشرا على مدى أهمية وجود مكان يلتقي فيه المبتعثون والمبتعثات أو من يرغب في الارتباط بهم». وتشير استطلاعات الرأي التي قامت بها «الشرق الأوسط» إلى أن ما يزيد على 81 في المائة من المجتمع السعودي يرفضون الزواج الصوري للمبتعثين والمبتعثات، بينما 19 في المائة لا يرون فيه أي إشكالية، كما يشير الاستطلاع إلى أن 57 في المائة يرفضون سفر المرأة وإقامتها من دون محرم في الخارج لغرض الابتعاث، بينما 42 في المائة يؤيدون ذلك. 1