يعاني أهلي قطاع غزة رغم مرور خمس سنوات من تفاقم أزنة الوقود لكن في الفترة الأخيرة تصاعدت الأزمة التي لم يكن لها مثيلاً اثر رفض الجانب المصري إدخال مشتاقات الوقود من سولار وبنزين دون إبداء الأسباب بشكل واضح مما انعكس سلبا على مناحي الحياة. لو أردنا تعدد الآثار السلبية فلن ننتهي وسنتناول هنا بعض أثارها فمثل شريحة الموظفين والطلاب كان هناك تأثر كبير عليهم بسبب تقلص عدد السيارات نتيجة نقص المحروقات. من يعاني أكثر من هم داخل المدن نفسها حيث يرفض السائقين العمل بها بسبب كثرة الشوارع والمنعطفات وإشارات المرور والوقوف لتحميل الركاب وقلة الأجر بالنسبة لأجرة التنقل بين المحافظات. يقول الطالب حمدي حسن من احد الجامعات وهو من سكان جنوب قطاع غزة وجامعته وسط القطاع "نعاني كثير من مسألة المواصلات حيث اضطر إلى الخروج قبل موعد المحاضرة بعدة ساعات حتى أصل بالموعد المحدد " ويستطرد "في بعض الأحيان اضطر أن لا اذهب إلى الجامعة". أما المدرس هاني حمد فلا يختلف كثيرا حيث قال "المواصلات صعبة للغاية ولا احد يوصلك إلى المكان الذي تريده فالسائق أصبح هو من يحدد أين يمكن أن يوصلك وليس الراكب كما أن الأسعار قد ارتفعت عما كانت عليه سابقا ,وفي نفس الوقت لا نلوم السائقين فالوضع صعب عليهم كذلك ". ويستغل بعض السائقين الأزمة لتبرير رفع التسعيرة ويقول السائق أبو محمد "كنا من قبل نقوم بتعبئة جالون 20 لتر السولار ب50 شيكل أي ما يقارب "13 ونصف دولار " أصبحنا حاليا نحصل على نفس الكمية ب130 شيكل " 35 دولار " أي أن التكلفة أصبحت ضعف ونصف من القيمة الأصلية فلذلك نقوم برفع الأسعار وتحديد الأماكن التي يتم التوصيل لها ". ويتابع "هذه الأسعار ارتفعت ليست في المحطات فاغلبها قد أصبح فارغا بل من قبل من يمتلكه وكان بخزنه من قبل ,وفي بعض الأحيان يتم تعبئة المحطات ونضطر إلى الوقوف لأكثر من ثلاث ساعات لنحصل على الوقود وفي كثير من الأحيان لا يصل لنا الدور ". وتوقفت عدد من السيارات عن العمل في القطاع بفعل نقص الوقود مما زاد من أزمة المواصلات حيث قال السائق رفعت علي "لم استطع أن احصل على السولار رغم أنني ابحث عنه منذ أيام فتحولت سيارتي إلى كومة من الحديد ملقاة في الشارع بدون فائدة " . ونفى رئيس جمعية أصحاب شركات البترول في غزة محمود الشوا لوكالة " جازان نيوز " عن رفع تسعيرة الوقود مشددا على عدم توقعه بانفراج قريب لازمة المواصلات في قطاع غزة قريبا بفعل استمرار منع إدخال الوقود من الجانب المصري . وقد شهد القطاع سابقا نقص وقود السيارات مما اضطر السائقين إلى استخدام زيت الطهي بدلا من الوقود ,وهذا الأمر يخشي منه أبو عبدو سائق السيارة من عودة الكره مرة أخرى مما يعود بالضرر عليه جراء الغازات المنبعثة من السيارات ,ويضيف " أخاف من استخدام الزيت مما سيؤدي إلى أضرار في ماتور السيارة وفي عملها مما يزيد الأعباء علي جراء تعطل أجزاء السيارة كذلك ". كثير من سكان عزة يعتمدون في حياتهم على العمل بالسيارات من اجل لقمة العيش الأزمة أثرت عليهم كثيرا فيتابع رفعت "توقفت سيارتي عن العمل وتوقف المصدر الأساسي لرزقي حيث أنني أعيل عائلة مكونة من 12 فرد فأين سأحصل على المال بعد توقف مصدر رزقي ". وهناك شرائح أخرى أيضا تعاني ومنهم أصحاب المخابز حيث أن عدد من المخابز الرئيسية في قطاع غزة قد توقفت عن العمل ومنهم مخبز أبو رائد حيث قال " اضطررت أن أوقف المخبز عن تصنيع الخبز بمختلف أنواعه وبذلك تم حرمان شريحة كبيرة من الحصول على الخبز " ويتابع " أقفال مخبزي أوقف رزقي ورزق 8 عاملين لدي كما أوقف عدد من المطاعم التي أقوم بتوزيع عليهم الخبز ,لا نعلم إلى أين سيصل به حالنا فالأوضاع من أصعب ما مر على قطاع غزة ". في غزة التعليم تأثر كثيرا وكذلك الوزارات حيث أن اغلب الوزارات مرتبطة مع بعض عن طريق الحاسوب فتقول المعلمة إيمان حسن " أنا اعمل كموظفة في وزارة التربية والتعليم كمدرسة كمبيوتر وأعاني كثيرا في تطبيق ما اعلمه إلى الطالبات بسبب انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود وقود لتشغيل الماتورات المزودة للكهرباء ". وتبين أنها لا تستطيع أن تعلم التطورات في التعليم وفيما يخص قسيمة راتبها أو المراسلات على أيميل المدرسة أو أيملها الحكومي مما أدى إلى تراجع تنفيذ الطلبات التعليمية بسبب نقص الوقود . ومن نفس المعاناة حدث ولا حرج لمن يسكن في الأبراج السكنية العالية عند انقطاع التيار الكهربائي وعدم وجود الوقود المشغل لماتورات الكهرباء ومنهم أم محمد الستينية في العمر حيث قالت "أنا اسكن في الطابق الرابع عشر ولا أتحرك من البيت إلى في حاله وجود التيار الكهربائي كما أنني لا أعود للبيت إلا في حاله عودته فانقطاعه يعني توقف المصاعد الكهربائية ". وتذكر أن انقطاع التيار الكهربائي يصعب عليها التنقل وخاصة مع توقف المصعد واضطرارها لصعود الدرج للوصول إلى شقتها وهي مريضة بالضغط والسكر مما يزيد من تعبها وإرهاقها في حاله صعودها الدرج. ومن أكثر الوزارة أيضا تأثر بانقطاع الكهرباء هي وزارة الصحة حيث أعلن اليوم عن توقف كافة سيارات الإسعاف التي تعمل على البنزين في وزارة الصحة وعددها 36 بعد نفاذ كامل الوقود لدي الوزارة. حذر الناطق الإعلامي باسم اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في قطاع غزة أدهم أبو سلمية من التدهور الخطير في الخدمات الإسعافية بعد توقف نحو 36 سيارة إسعاف عن العمل جراء نفاذ مخزون البنزين لدى مقدمي الخدمة الإسعافية. وأوضح أبو سلمية أن 27 سيارة إسعاف في وزارة الصحة و 3 في الخدمات الطبية و 3 من الهلال و3 من الدفاع المدني توقفت عن العمل من السيارات التي تعمل على البنزين، وذلك بعد نفاذه بشكل كامل من قطاع غزة. وأضاف أبو سلمية أن الوضع الصحي برمته يشهد تدهور ملحوظ قد يصل بنا إلي كارثة حقيقة إذ ما استمرت أزمة الكهرباء والوقود خلال الأيام القادمة. كما أعلن سابقا عن حاله وفاة لطفلة نتيجة انقطاع التيار الكهربائي بشكل مفاجئ مما أدي إلى توقف جهاز التنفس عنها . انجاز ملموس لحل الأزمة وفي هذا السياق أكد الناطق باسم الحكومة الفلسطينية طاهر النونو أن الحكومة في غزة حققت إنجازًا ملموسًا خلال لقائها مع المسئولين في جمهورية مصر العربية لحل أزمتي الكهرباء والسولار. وقال النونو خلال البرنامج الإذاعي الحكومي الأسبوعي "لقاء مع مسئول حكومي" الذي ينظمه المكتب الإعلامي الحكومي بحضور مراسله وكالة "جازان نيوز " "منذ اللحظة الأولى لبدء الأزمة لم تتوقف الحكومة عن البحث عن حلول لها ولن تتوقف حتى اللحظة عن عمل ذلك". وتابع "هناك تقدم ملموس في المفاوضات مع المسئولين المصرين، ومن أجل ذلك أوفد رئيس الوزراء نائبه لبحث المستجدات التي سنطلع عليها شعبنا الفلسطيني حين الانتهاء منه، خاصة وأن وفدًا من الضفة سيحضر اللقاءات حتى لا تكون عنوانًا للمناكفات السياسية في أي وقت". معاناة المواطنين وأشار إلى أن أنه الاتفاق يتضمن إنهاء معاناة المواطنين الفلسطينيين، وزيادة قدرة محطة الشيخ زويد لتوليد الطاقة ب40 ميجا إضافية تصل جميعها إلى القطاع، وتأهيل المحول الرابع لمحطة الكهرباء في غزة لاستيعاب طاقة المرحلة بشكل كامل، واستكمال خطوات الربط الكهربائي وتزويد محطة التوليد بالغاز بدلا من الوقود. وعن أسباب الأزمة، أشار إلى أن الأزمة التي يمر بها سكان قطاع غزة ليست بالجديدة وإنما عانى منها السكان قبل حوالي عامين ونصف، مشيرًا إلى أن سببها المباشر هو تقليص الاحتلال لكمية الوقود التي يدخلها لغزة. وبين أن حاجة قطاع غزة للكهرباء هو 320 ميجا وات يوميًا، فيما أن محطة الطاقة لا تنتج سوا 40 ميجا وات بعد استهدافها من قبل الاحتلال بعد أن كانت تنتج 80 ميجا، وأن إسرائيل تزود القطاع أيضًا ب120 ميجا والخط المصري 22 ميجا أخرى، مبينًا أن مجموع ذلك لا يفي بحاجة القطاع اليومية للكهرباء. بدائل وأوضح أن الحكومة الفلسطينية في غزة اضطرت للبحث عن بدائل وهو استخدام الوقود المصري بدلًا من الوقود الإسرائيلي بعد تبين صلاحيته لأن يكون بديلاً عن الإسرائيلي بعد إجراء بعد المعالجات عليه. وبين أن الحكومة لم توافق على إصدار الوقود من الجانب المصري بعد مروره على الجانب الإسرائيلي لأنها لا تريد أن يكون هناك وسيطًا بين العلاقات الفلسطينية المصرية، مبينًا أن تكلفة السولار بين المصري والإسرائيلي تعادل النصف. يؤكد م. أحمد أبو العمرين مدير دائرة المعلومات بسلطة الطاقة ل "جازان نيوز " على أن حقيقة الأزمة لا تتمثل في أن حكومة غزة غير قادرة على دفع تكاليف الوقود، وإنما تكمن في منعنا من شراء الوقود المصري المتفق على شراءه بالطرق الرسمية من خلال عرقلة متعمدة من عدة أطراف لتعطيل الاتفاق، وذلك لزيادة الخناق على القطاع وحصار الشعب الفلسطيني ومحاولة إجبارنا على شراء الوقود الإسرائيلي الأعلى سعراً لتستفيد حكومة رام الله من عوائد الضرائب عبر المعابر الإسرائيلية. وأوضح العمرين أنه تم الاتفاق مع وزارة البترول المصرية على توريد الوقود عبر معبر رفح الحدودي و تم تحديد نقطة تسليم الوقود بناءً على طلبهم و تجهيز المعدات اللازمة كما تم تحويل 2 مليون دولار، لكن لم يتم ادخل أي سولار لقطاع غزة حتى ألان . وشدد العمرين على أن الحكومة لم تصدّر الأزمة لمصر بل لديها شعور إسلامي وقومي بأن مصر والشعب المصري مفتاح الحل في ظل الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر، وإيقاع فياض مع المصريين ومطالبته لهم إغلاق الأنفاق ووقف ضخ الوقود لتحقيق أجندات سياسية خاصة به. 1