دخل قطاع غزة في أزمة إنسانية جديدة نتيجة توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل بعد نفاد الوقود الذي كان يعتمد عليه بالتهريب عن طريق الأنفاق مع مصر، في ظل الحصار الإسرائيلي المطبق على عنق القطاع منذ أكثر من خمس سنوات. وكشف د. عودة أبو شعبان، جراح في مستشفى الشفاء، عن وجود خطورة كبيرة من انقطاع الكهرباء خاصة على المرضى الذين يعالجون في العناية المكثفة، لأن العديد منهم سيتعرض للموت في حال توقفت مولدات الكهرباء العاملة في المستشفى عن العمل لمدة ساعة واحدة. وقال أبو شعبان ل “الشرق” إن إدارة المستشفى اضطرت اليوم لتوقيف أول مولد احتياطي نظرا لانقطاع السولار. وألقى انقطاع التيار الكهربائي بظلال سوداء على عمل المخابز والمطاعم في غزة. ويقول سامح ريحان، الذي يعمل في أحد المخابز ل “الشرق” أنهم اضطروا لتوقيف عدد من العمال بسبب تقليص الطاقة الانتاجية بعد انقطاع الكهرباء، ويعرب عن خشيته من أن يتم إغلاق المخبز خلال الأيام القادمة. وأشار إلى أن الناس قد عادوا للقرن السادس عشر، بعد انقطاع الكهرباء وأصبحوا يبحثون عن البدائل مثل الحطب والشمع. من جانبه اضطر صادق حداد، صاحب أحد المطاعم الكبيرة في غزة إلى تقليص إنتاج مطعمه إلى الربع، جراء الأزمة ويقول ل “الشرق”: “نعمل على إطفاء المطعم وإبقاء آلة واحدة فقط تعمل، وأصبت بخسائر كبيرة بعد أن تعرضت المواد الغذائية التي أخزنها في البرادات، خاصة اللحوم للتلف”، مؤكدا بأنه سيضطر لإغلاق المطعم إذا استمرت الأزمة حتى الأحد القادم. وطالب حداد الحكومة في غزة بأن تعمل على توفير الوقود اللازم لتشغيل محطة الكهرباء، “خاصة أننا ندفع لها الضرائب المطلوبة، وتطالبنا بالمزيد”. أما الشاب محمد أبو أرجيلة، فقد بدا غاضبا وهو يتحدث ل “الشرق” وحمل الحكومة في غزة المسؤولية عن انقطاع التيار الكهربائي وإمدادات الوقود، وطالبها بالرحيل إذا كانت عاجزة عن القيام بالتزاماتها تجاه المواطن الفلسطيني في غزة. وقال: “نريد حكومة قادرة على البناء والتطوير، وليست حكومة عاجزة”. وينذر انقطاع التيار الكهربائي في غزة بكارثة بيئية وصحية وإنسانية خطيرة، إذا لم يتم إنهاء الأزمة بشكل عاجل. ويقول جبر وشاح، نائب رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ل “الشرق” إن انقطاع التيار الكهربائي وإمداد الطاقة لمناحي الحياة سيؤثر على الصحة والتعليم والخدمات الأساسية للبلديات على صعيد الصرف الصحي وتزويد السكان بالمياه، مشيرا إلى أن أخطر ما في الأمر هو تعرض المستشفيات لهذا النقص لأن الأضرار التي يحدثها انقطاع الكهرباء هو ضرر غير قابل للإصلاح فيما يتعلق بالمرض، وسيكون له آثاره الكارثية على المناحي الأخرى. وحمل وشاح مسؤولية انقطاع الكهرباء بالدرجة الأولى على عاتق الاحتلال الإسرائيلي نتيجة فرضه للحصار الظالم على قطاع غزة ومنع إدخال المواد الأساسية اللازمة ومن ضمنها إمدادات الوقود، ثم على الحكومة في غزة والحكومة في رام الله، لأن حكومة غزة هي السلطة المباشرة للحكم هناك ومسؤوليتها تأمين هذه الإمدادات، أما الحكومة في رام الله فعليها أن تتعاون في تأمينها، لأن سلطة الطاقة ومحطة توليد الطاقة جميعهم يدعي أن المشكلة سياسية وليست فقط مادية. وشدد وشاح على أن إمدادات الوقود المهربة التي تأتي عبر الأنفاق من الجانب المصري لا يجب أن تحرف النظر عن المسؤولية الأساسية التي تقع على سلطة الاحتلال أولا، مشيرا إلى أن مصر تعتبر دولة جارة لقطاع غزة ليست مسؤولة عن إمدادات الوقود، لكنها فقط يمكن أن تمده عبر المعاملات التجارية بشراء البترول منها، “إلا أنه لا يجب أن يكون إمداد الوقود القادم من مصر بديلا عن إمدادات الوقود الملزمة إسرائيل بتوفيرها بصفتها دولة احتلال، ومن الخطورة أن نقول أن مصر مسؤولة عن الأزمة”. وأضاف: “سلطات الاحتلال هي المسؤولة وفق اتفاقية جنيف الرابعة عن توفير مستلزمات الحياة للسكان المحليين الواقعين تحت الاحتلال ومن ضمن تلك المسؤوليات توفير الكهرباء”.