عبدالله بن زايد سيزور صتعاء لمتابعة جهود الوساطة عرضت دول مجلس التعاون الخليجي أمس على السلطة والمعارضة في اليمن رؤية جديدة، تقوم على مبادئ مبادرتها المعلنة الشهر الجاري، بهدف إنهاء الأزمة السياسية المتفاقمة في البلاد جراء اتساع دائرة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للرئيس علي عبدالله صالح، وفق مبادئ المبادرة الخليجية المعلنة الشهر الجاري. وذكرت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” أن الرئيس صالح استقبل أمين عام مجلس التعاون الخليجي عبداللطيف الزياني، الذي كان قد وصل في وقت سابق الخميس إلى صنعاء، في زيارة قصيرة لليمن، يبحث خلالها “مستجدات الأوضاع” في البلاد “في إطار ما تضمنته المبادرة الخليجية من أجل حل الأزمة اليمنية الراهنة”. وأوضحت الوكالة الرسمية أن المسؤول الخليجي قدم للرئيس اليمني رؤية وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة السياسية في اليمن “على ضوء النقاشات التي أجروها مؤخراً” مع وفدي أحزاب المعارضة، المنضوية في لواء تكتل “اللقاء المشترك”، والحكومة اليمنية في الرياض وأبوظبي، الأحد والثلاثاء الماضيين. كما عرض الزياني، عقب لقائه الرئيس اليمني، رؤية وزراء خارجية الدول الخليجية على قيادات أحزاب “اللقاء المشترك”، حسبما أفاد مسؤول بالمعارضة اليمنية ل”الاتحاد”. وقد أكد الرئيس علي عبدالله صالح تعامله “الإيجابي” مع هذه الرؤية “لما يحقق مصلحة اليمن وأمنه واستقراره ووحدته، ويخدم الأمن والاستقرار في المنطقة”. وجدد صالح – في اللقاء الذي حضره سفيرا دولتي الإمارات العربية المتحدة والكويت بصنعاء عبدالله المزروعي وفهد سعد الميع - ترحيبه ب”بالجهود والمساعي الخيرة التي يبذلها الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي”. وكان الرئيس اليمني أعلن، الأربعاء، أمام حشد نسائي من أنصاره، أنه “صامد” أمام الاحتجاجات المناهضة له، وأنه “متمسك بالشرعية الدستورية”، في إشارة لبقائه في الحكم حتى نهاية ولاية الرئاسية الحالية في سبتمبر 2013. من جانبه، قال الناطق الرسمي باسم أحزاب “اللقاء المشترك”محمد قحطان ل”الاتحاد”، إن الزياني التقى قيادات المعارضة “وعرض عليها رؤية وزراء خارجية الدول الخليجية لإنهاء الأزمة في اليمن”. ورداً على سؤال حول مضمون الرؤية، أجاب قحطان: “الرؤية هي المبادرة الخليجية نفسها، مع الأخذ بالجدولة (الزمنية) الأميركية” لتنفيذ هذه المبادرة، رافضاً إضافة المزيد من التفاصيل. وذكر مسؤول يمني كبير، لوكالة “رويترز”، أن الرؤية الخليجية تدعو ل”انتقال السلطة في غضون ثلاثة أشهر تنتهي بانتخابات رئاسية”. وقال المسؤول، طلب عدم نشر اسمه، أن الرؤية تنص على “وقف الاحتجاجات فوراً”، و”استقالة الرئيس علي عبد الله صالح في غضون شهر واحد من توقيع المبادرة ونقل السلطات لنائب الرئيس”. ووفقاً للخطة التي اقترحها مجلس التعاون الخليجي، ستعمل حكومة وحدة تقودها المعارضة على تنظيم انتخابات رئاسية في غضون شهرين من استقالة صالح. بدوره، قال أحمد الصوفي المستشار الإعلامي للرئيس اليمني، ل”الاتحاد” إن حزب “المؤتمر” الحاكم “سيتعاطى بقدر كبير من المسؤولية معها (المبادرة) رغم أن لدينا ملاحظات طفيفة لا تمس جوهرها”. وأضاف: “نحن بانتظار تحديد أحزاب اللقاء المشترك موقفها من هذه المبادرة “، مشيراً إلى أن وفداً خليجياً، برئاسة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، سيزور اليمن خلال الأيام المقبلة من أجل استكمال جهود إنهاء الأزمة في هذا البلد. وتوقع المسؤول الإعلامي لصالح أن يجتمع طرفا المعادلة السياسية في اليمن على هامش زيارة سمو وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت صحيفة 26 سبتمبر العسكرية، والمقربة من القصر الرئاسي، ذكرت أمس الخميس، أن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية سيصل إلى صنعاء “خلال الأيام القليلة المقبلة في زيارة رسمية تستغرق بضعة أيام”. وأوضحت أن سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان “سيجري لقاءات مع كبار المسؤولين” في السلطة والحزب الحاكم، وقيادات أحزاب “اللقاء المشترك” المعارضة “بغرض عرض أفكار تمت بلورتها من قبل الأشقاء في مجلس وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي بشأن تنفيذ مبادرة دول الخليج لتسوية الأزمة اليمنية”. وأشادت الصحيفة، التي تصدرها وزارة الدفاع اليمنية، بجهود “الأشقاء في دول الخليج” في “تقريب وجهات النظر” انطلاقاً من المبادرة الخليجية المعلنة في 10 أبريل الجاري، التي قالت إنها “لاقت استحساناً كبيراً من مختلف القوى الدولية ولإقليمية”. إلا أن المعارضة اليمنية أبدت تحفظها على هذه المبادرة، وأكدت تمسكها بالمبادرة الخليجية الأولى المعلنة في 3 أبريل الجاري، التي نصت على تنحي الرئيس صالح، خلافاً لما ورد في المبادرة الثانية التي دعت إلى نقل صالح صلاحياته إلى نائبه، دون التصريح بتنحيه عن الرئاسة، التي يتولى مقاليدها منذ عام 1978. إلى ذلك، أفاد عضو المجلس الأعلى لأحزاب “اللقاء المشترك” حسن زيد، لوكالة فرانس برس، أن صالح سيحظى، في حال موافقته على الرؤية الخليجية، بضمانة بعدم ملاحقته قضائياً من خلال “إصدار قانون عفو”. وحول موقف أحزاب المعارضة من هذه الرؤية، قال زيد، الذي شارك في اجتماع الرياض الأحد الماضي: “قد نجازف ونقبل كلقاء مشترك إذا كانت الموافقة (من قبل الرئيس) في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة”. وأضاف “قد تكون هناك إمكانية لإقناع أطراف اللقاء المشترك بقبول هذه الخطة”. وكان قيادي بارز في المعارضة اليمنية ذكر في تصريح صحفي سابق أن لدى “اللقاء المشترك اعتقاد بأن السلطة لا تؤمن بالحل السياسي”، مشيراً إلى أن خيار هذه الأحزاب “في حال فشل الحل السياسي” سيكون “الالتحام مع خيارات الشباب وخيارات الشارع”. من جهتها، أعلنت ما تسمى ب”اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية” رفضها أي مبادرة أو رؤية لا تنص على “الرحيل الفوري للرئيس صالح وكافة رموز نظامه”. وقال المسؤول الإعلامي باللجنة المنظمة للاعتصام الشبابي بجامعة صنعاء، حسن لقمان، ل”الاتحاد” إن الاحتجاجات الشعبية ليس ضد شخص الرئيس صالح فقط وإنما كافة أقاربه ورموز نظامه”، مشيراً إلى أن “الشباب يرفضون انتقال الرئاسة إلى نائب الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي”. وأشار إلى أن “ثورة الشباب لا تهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وإنما إلى إسقاط النظام اليمني الحالي وإعادة صياغته من جديد من خلال تشكيل مجلس رئاسي من خمسة أشخاص مشهود لهم بالكفاءة، يتولى عملية الإشراف على إعادة تنظيم الحياة السياسية والبرلمانية في البلاد”. وفي سياق متصل، استمرت المنافسة المحمومة بين السلطة والحزب الحاكم من طرف، والشباب المحتجين وأحزاب المعارضة من طرف آخر، على حشد تظاهرات ضخمة، اليوم الجمعة، الذي بات موعداً أسبوعياً لاستعراض كل طرف “حجمه في الشارع” اليمني. ففيما دعا الحزب الحاكم أنصاره إلى المشاركة في “جمعة التصالح”، دعا ما يسمى ب”اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية” المواطنين إلى الانضمام للمعتصمين بالساحات العامة في “جمعة الفرصة الأخيرة”. وأوردت وزارة الدفاع، عبر خدمة الرسائل القصيرة، أنباء عن وصول قبائل يمنية من مختلف المحافظات إلى العاصمة “لتأييد الشرعية الدستورية”، “والمشاركة في جمعة التصالح”. وجابت، مساء الخميس، مسيرة للمئات من الشباب المحتجين عدداً من شوارع العاصمة صنعاء تدعو المواطنين إلى أداء صلاة “جمعة الفرصة الأخيرة” في شارع الستين الشمالي، أحد أكبر شوارع صنعاء. كما خرجت مسيرتان مناهضتان للرئيس صالح في مدينتي إب “وسط” والبيضاء “شرق”، طالب المشاركون فيها ب”إسقاط النظام ومحاكمة رموزه”. 1