رقيقٌ جدًا نسيم هذا الليل بشكلٍ متعبٍ ومؤلم. نعم .. إنه يمر علي برقةٍ ولطفٍ يداعب مشاعري،ويستثير حنيني، ويبعثرني بطريقةٍ ناعمةٍ لا أستطيع مقاومتها البتة، ثم يغادرني وقد أيقظ في كل شعورٍ كان غافيًا بسلام. هل ألوم نفسي لأني فتحت له النافذة؟ أم ألومه؛ لأنه خان ثقتي به وفعل بي مافعله وهو من توسمت فيه منحي بعض النسمات المنعشة في ليلتي الصيفية هذه. أشعر به يحمل روحي عاليًا تارةً، وتارةً يهوي بها بلا مبالاة. حتى الأشياء الرقيقة جدًا قد تغدو مزعجةً أحيانًا من حيث لا ندري. تلك النسمات تغريني بالوقوف خلف نافذة غرفتي، وتأمل الكون تحت سطوة الظلام، وياله من شعورٍ رهيبٍ ما خلفته تلك الوقفة، كأن العالم فارغ إلا مني، ولا ينتزعني من هذا الشعور سوى ضجيج بعض السيارات وصراخ الأطفال الذين يلعبون أمامي ويتعاركون بين الفينة والأخرى كما يحصل بيني وبين الحياة. نسيم هذا الليل زائر خائن وثقت به وفتحت له قلبي قبل نافذتي، فعربد وبعثر وغدر وغادر، ولا زلت واقفةً أتساءل كيف يخونني شيءٌ رقيقٌ. الخاطرة الفائزة بالمركز الرابع في المسابقة الأدبية بمجموعة الحازمي الأدبية.