شدتني عبارة قرأتها لأحد المفكرين ، قال فيها "إذا كان لك ذاكرة قوية وذكريات مريرة فأنت أشقى أهل الأرض" لنتخيل معاً : (ماذا يمكن أن يحدث لو استحال علينا نسيان شيء ، ونتذكر دائماً كل شيء) ،تصوروا لو لم تكن نعمة النسيان ، أو التناسي موجودة في حياتنا اليومية ...وكيف سيصبح مزاجنا وحالتنا النفسية والجسدية !؟نتيجة التفكير المتواصل في الأحداث المؤثرة والمواقف الحزينة التي تعترينا . من منا لم يفقد قريب، أو يصاب بمرض، أو تمر به نكسه في عمله، وعلاقاته ،وأحلامه ...لقد جعل الله هذه النعمة العظيمة جزء من تركيبة الإنسان ، والتي لا يدرك قيمتها ،ومكانتها إلا من حصلت له مواقف مأسوية تجعله ضعيفاً لأبعد الحدود... وكم من الأمثلة الحية التي تمر أمامنا لكثير من الناس عانوا ،وذاقوا مرارة اليتم، وقسوة الحياة ‘وربما ظلم الأقارب ...ونستغرب كيف استطاعوا تجاوز هذه المرحلة العصيبة من حياتهم ..وتبدلت أحوالهم ، ووقفوا صامدين أمام كل الظروف . إنها نعمة النسيان يا سادة ، وقبلها عناية الله بهم ...الإنسان لا يستطيع العيش بذاكرة حديدية تستذكر الأحزان والهموم والمصائب .في كل وقت ، سوف تتوقف حياته ويجد صعوبة بالغة في التعايش مع المجتمع بسبب عدم قدرته على الخروج من دائرة الذكريات السيئة والحزينة..لذلك من رحمة الله بنا جعلنا ننسى الأحزان والآلام التي تصيبنا ويقل أثرها علينا مع مرور الأيام لكنها تبقى محفورة في أذهاننا لنتعظ ونعتبر منهاونستمر في الدعاء لمن فقدناه ، والتأمل والاستفادة من الأخطاء والمواقف السلبية السابقة لذلك فإن النسيان نعمة كبيرة من نعم الله علينا . لولاه ما انتهت للإنسان حسرة أو حزن أو مصيبة، ولا نسى حقداً حمله في صدره لأحد، ولا تمتع بشيء من متاع الدنيا مع تذكر المصائب والمخاطر التي تنغص عليه عيش أيامه بكل آلامها وأحزانها، لذلك يساعد النسيان الإنسان في التغلب على مصاعب الحياة والتقدم نحو مستقبله من دون التوقف عند اللحظات الأليمة ، والمواقف المحزنة ....