وأنت تجول بناظريك في طرقاتنا لن ينقطع بصرك عن شارع للحلاقين وآخر للخياطين وجواره للمطاعم... حتى طغت مسمياتها على أسماء بعض الشوارع واشتهرت به ، أما البقالات فبين كل بقالة وأخرى بقالة ؛ تخمة في المحلات وتكدس في العمالة غير المدربة ورداءة في المنتج، يقابلها تحويلات مالية ضخمة بالمليارات و هدر للطاقة وزحمة للطرقات ؛تنافس هدفه الوحيد الكسب السريع والزيادة في فتح محلات تجلب لهم فيزا يستقدمون عليها مزيدا من أقاربهم وبني جلدتهم ولدَّ كثرةً حمَّلت الجهات الرقابية والصحية عبئًا والأمنية ثقلاً بسبب تجاوزاتهم المتكررة ، وأغرت المستهلك بزيادة الاستهلاك . في غالب الدول، تجد المحلات تتركز في المنطقة المركزية، وتكاد تخلو منها بقية أنحاء البلدة وشوارعها، بخلاف ما نراه في مدننا وحتى قرانا من تزاحم مزعج لها وفي كل فترة، ينشط مجال استهلاكي جديد ليبدأ في التوسع وينضم لسلسلة الفتحات المنتشرة على امتداد شوارعنا دون دراسة لجدوها الاقتصادي فما تلبث أن تعلن انتكاستها وتضع ملصقات تقبيل نشاطها بعذر عدم التفرغ، وتسرح وتمرح عمالتها باحثة لها عن مصدر للكسب وجني المال بأي طريقة و وسيلة غالبها يتم بصورة غير نظامية ووسائل غير شرعية . وكان يكفينا منها محلٌ في كل حي يفي بمتطلباته ومنطقةٌ تجتمع فيها بشكل متنوع ومنظم كافة احتياجاته ،ولعل في الرؤية الاقتصادية التي تنهجها حكومتنا الرشيدة وتتجه إليها بتقدم وثبات توجه سيقلل من عدد هذه العمالة وتحويلاتها الخارجية، وإحلال لأبناء الوطن ليستفيد من خيراته ، وتدوير لأموال الوطن داخل حدوده ، وتنظيم لعشوائية المحلات سيحُد من فوضويتها واستغلالها.