نشرت صحيفة سبق الالكترونية بتاريخ 20 يناير 2016 خبرا مفاده* أن رسالة دكتوراه اعدها مبتعث سعودي بجامعة استرالية* اوضحت أن شهادات الاعتماد للمستشفيات لم تؤد الى تحسين خدماتها , وقال الدكتور المصعبي صاحب الرسالة (ان نتائج الدراسة تمت على استبيان شمل عددا من مستشفيات المملكة , وأضاف أن الاعتماد ساعد المستشفيات في عملية التوثيق وان عملية الاعتماد تتمحور بشكل كبير على الجانب الورقي اكثر منه على الجانب الاكلينيكي . كما أن الوضع الصحي في بعض المنشأت الصحية قد تدهور عما كان عليه قبل الاعتماد !! ) .* ورغهم اتفاقنا او اختلافنا مع نتائج البحث إلا انه يجب ألا نهمش أن النتائج كانت مبنية على استبيان من الموظفين والمراجعين وهم المعنيون بالخدمات الصحية *. إن برامج الاعتماد ولاشك هي برامج ذات فائده وتهدف الى تجويد الخدمة الصحية وتهتم بتوحيد السياسات والاجراءات الامنة لسلامة المرضى . ولعل *من اهم المشاكل التي تقف عائقا في تحقيق الاعتماد لأهدافه* هي أن الاعتماد مرتبط بفترة زمنية محدودة بمعنى أنه ليس تقييما مستمرا للخدمة الصحية وكذلك فإن الاعتماد لا يتطلب رضا العميل (المريض ) كشرط للاجتياز . ان مصطلح الحوكمة الصحية او الحوكمة السريرية ليس مصلحا جديدا فقد عمل به الملك البابلي (حمورابي )* قبل ميلاد المسيح بمئات السنين* , وكانت الحوكمة في عهد حمورابي* قاسية جدا فقد كانت تكلف الاطباء بعض اعضائهم وأحيانا حياتهم لتتوافق مع شرائع حمورابي الشهيرة* (السن بالسن ) !! .... وظلت الحوكمة الصحية تتأرجح عبر التاريخ لتشهد اوج عظمتها في تسعينات القرن العشرين عندما اهتزت بريطانيا على فضيحة* مدينة* بريستول والتي* شهدت* وفيات عديدة مجهولة السبب بين مرضى جراحات القلب !! وعليه تم استحداث افضل نظام طبي* في المملكة* المتحدة* والذي يُفاخر به البريطانيون بقية دول العالم* . ويعتمد النظام الطبي البريطاني على الحوكمة الصحية والتي تختلف كليا عن حوكمة حمورابي , فهي حوكمة تعتمد على الشفافية* ووضع مقاييس ومعايير ذهبية للأداء المثالي ولم يكن الهدف منها التشهير او اللوم او اصدار الاحكام .* ونظام* الحوكمة الصحية البريطانية ينقسم الى عدة اركان منها على سبيل المثال* ادارة اداء العاملين وتطوير قدراتهم حتى اصحاب الاداء المتدني , و قياس الفاعلية الطبية لكل ممارس صحي ولكل قسم *بشكل مستمر والاستخدام الامثل لتكنولوجيا الحاسب الالي , وإدارة المخاطر ووضع الحلول لمنع وقوعها* , واشتراط التدريب المستمر لكل ممارس صحي في احدث ما وصل اليه الطب*. وأخر واهم* هذه الاركان هو* التدقيق السريري والذي يتابع الممارس الصحي بشكل يومي فيعرف عدد مرضاه وعدد من تشافى منهم ومن توفى ومن حصلت له مضاعفات وكم عدد العمليات التي تم اجرائها وكم عدد الشكاوي والملاحظات على ذلك الممارس . انه نظام اقرب ما يكون للرقابة الذاتية على الممارس الصحي ولكن بلغة الارقام والوقائع* وليس هناك من تجني او واسطة او* اساءة لاستخدام السلطة قي تقييم الممارس الصحي.ورغم أن برامج التقييم الحالية كبرنامج (صباحي والجي سي أي )* هي برامج جيدة في سياساتها واجراءتها إلا أنها لاتوفر *ألية للمتابعة المستمرة للحفاظ على المكتسبات في المنشأة الصحية , والعيب قد لا يكون* في هذه البرامج ولكن في طرق التعاطي معها حيث أن هم ّكل منشأة هو الحصول على الشهادة دون اهتمام باستمرارية العمل بتلك الإجراءات والسياسات التي تحقق سلامة المرضى . كما إن* فشل بعض المنشات الصحية في الحصول على الاعتماد قد يكون بسبب عدم القناعة بأهمية تلك البرامج** وعدم الاهتمام هذا لم يقابله إجراءات تجعل كل موظف حريصا على الحصول على الاعتماد* ليتجنب *لتلك الاجراءات التي قد تكون متعلقة بالحوافز والمكافآت والعلاوات . ولعل توجه الوزارة الى خصخصة النظام الصحي سيكون حلا لرفع معايير السلامة* كما أن الالتزام بالحوكمة الصحية سيوفر رقابة فريدة من نوعها على الأداء يختلف كليا عن تلك الرقابة في المنشات الحكومية والتي لازالت تعمل بألية ونماذج التقييم الوظيفي والتي فرضتها انظمة العمل الحكومي* ولم تتبدل منذ عشرات السنين . *