مراحل ثلاثة مرت بها عملية الاشراف التربوي (تفتيش – توجيه – إشراف) دون معرفة سبب التغيير، إذ يبدو أن الذي تغير في الوقت الراهن هو الاسم دون المسمى، فطبيعة عمل المشرف التربوي حالياً ترتكز على عملية التفتيش من خلال الزيارات الميدانية للمدارس- والاطمئنان إلى أن المعلم المزار قد أعد أوراقه، و ملأ سجلات طلابه، وأحضر سجل تحضير الدروس، فوجود الملفات والسجلات وأوراق العمل - هو ما يشغل ذهن المشرف التربوي- وكأن المعلم قد تحول عمله إلى موظف ارشيف لجمع وتنظيم وترتيب السجلات، ما يجعل المشرف التربوي على يقين أن المعلم قد أدى المطلوب منه على الوجه الأكمل. ونظراً لأن المشرف التربوي لا يجد ما يقدمه للمعلم في معظم زياراته- باعتبار أن كثير من المعلمين لديه من الخدمات التعليمية، والخبرات التربوية، والمؤهلات الدراسية ما يتفوق به على المشرف التربوي أحياناً، فقد أضحت الوسيلة التعليمية المستخدمة وطريقة التدريس المعتمدة هي ما يعني المشرف التربوي حالياً، وليس المخرجات التي هي الناتج النهائي من العملية التعليمية. وما أن ينتهي دور مدير المدرسة (الرقيب) من زيارة المعلم حتى يأتي دور المشرف التربوي (العتيد)- فتراه يدلف مسرعاً إلى قاعة الدرس بصحبة الرقيب ومعه عدته وعتاده، يرصد حركات المعلم وسكناته ، ولسان حال الطالب الذي على الطاولة المستديرة يهمس في أذن زميله متسائلا – ما الذي أتى بالمشرف لزيارة الصف؟ فيجيبه الآخر بقوله يفتش على عمل المعلم. وما أن يقرع الجرس إيذاناً بانتهاء الحصة حتى يبحث العتيد عن قاعة فارغة ليتفرغ للمعلم متسائلا عن ( ماذا ولماذا وكيف وأين ) وما على المعلم سوى الاستماع والاجابة على أسئلة المشرف التربوي الذي امتثل قول الشاعر قم يا معلم وامتثل لنصائحي --------------- كيما تكون معلماً مذلولاً ويتبادر إلى الذهن السؤال التالي: ماذا يمكن أن يقدم المشرف التربوي للمعلم في الزيارة الميدانية ؟ في الوقت الذي نجد أن معظم المعلمين لديهم القناعات أن الاشراف التربوي بالوضع الراهن إنما هو ترف وليس ضرورة، فزيارة خاطفة من المشرف التربوي للمعلم في حصة دراسية أو حصتان في عام دراسي كامل، لا نتوقع أن تؤتي ثمارها بالشكل المطلوب، سيما وأن مصادر المعرفة للبحث عن المعلومات قد تعددت، ويمكن للمعلم البحث عنها عندما يرغب في ذلك. خلاصة القول : إن الآلية التي تحكم عمل المشرف التربوي في الوقت الحاضر يكتنفها الغموض، وتفتقد للمصداقية، ما يحتم على وزارة التربية والتعليم إعادة النظر في آلية عمل المشرف التربوي على أن يقتصر دوره في الاشراف العام على المدارس- وتنفيذ الدورات التدريبية على مدار العام للمعلمين، وترك الجوانب الاجرائية والفنية داخل الصف الدراسي لإدارة المدرسة – فالمدير أو من ينيبه من الوكلاء هم الضامن بعد الله في تنظيم سير العملية التعليمية والمتابع باستمرار لعمل كافة المعلمين، وهم الأعلم بشؤون المدرسة، كما أن منح الثقة للمعلم والصلاحيات لمدير المدرسة تزرع في النفوس المراقبة الدائمة وأداء الأمانة على الوجه المطلوب، والله الموفق.