تعج مواقع التواصل الاجتماعي والأخبار بشريحة من الغوغائيين، الذين ينظرون للأمور والأحداث ويفسرونها بطريقة بعيدة كل البعد عما هو حقيقي، حيث تعمد هذه الشريحة إلى الدفاع عن آرائها بطريقة تفتقر لأبسط مقومات التفكير العقلاني. إذ تعتمد طريقة تفكيرهم في الدرجة الأولى على أسس ومعايير ذاتية والسبب في ذلك ضعف ومحدودية المستوى المعرفي عند هذه الشريحة، حيث تبرز سطحيتهم التحليلية للمواضيع والأحداث والظواهر والحكم عليها من دون أية معايير موضوعية، لتكون كعلامة تميزهم دون غيرهم من الناس، تجد الواحد منهم يخيل إليه أن له الحق في التدخل في كل شيء، وأنه قادر على إبداء رأيه تقريباً في كل شيء ؛ دون أن يكلف نفسه عناء البحث والقراءة والتقصي عن الأدلة المعتبرة. وفي الغالب ما تنساق العقلية الغوغائية إلى الجوانب التي تؤثر على بصيرة الفهم الصحيح والمنطق والمعقول عند أصحابها، ذلك لأن الجوانب العاطفية والانفعالية من المؤكد أنها تؤثر فيهم سلبيا. في المقابل ؛ شريحة أخرى تتوفر على فكر ناضج وتتوفر على خلفية ثقافية وتراكمات معرفية وتجارب تسعف أصحابها في فهم وإدراك ما ينشر بمواقع التواصل من أخبار وأحداث . وحتى تتحق الفائدة، والانتفاع بما ينشر بها أن تحاول الفئة أقل ثقافة واطلاعا أن تفحص ما ينشر وإن استعصى عليها فهم ما يقابلها من أخبار وأحداث، أن تبحث، تسأل، تناقش بهدف الاستفادة واثراء معارفها كي تتمكن من الإحاطة بجوانب معينة وبعدها يمكنها بناء قاعدة معلوماتية تنطلق منها للتفاعل تعليقاً، أو ردودا، أو تنطلق مما استجد لديها من أفكار لتكتب أفكارها، وتتقبل ما يتناوله المتابعون ونصل بذلك إلى ثقافة الاختلاف، عوضا عن خلفية مسبقة معلَّبة ترسخت بفكر يكون أحادي يؤسس لخلاف ، وهنا يكمن الخلل. 1