في الصحافة السعودية، نادرا ما نقرأ نقدا يناقش السياسة الخارجية بموضوعية.. نادرا ما نقرأ تقويما لأداء وزارة الخارجية.. نقرأ النقد والتقويم في الصحافة العربية، لكنها للأسف إما مغرقة في الهجاء، وإما مغرقة في الثناء، وكلاهما لا يفيد. وزارة الخارجية، دائرة حكومية، مثل غيرها تخطئ وتصيب, ولابد أن تسمع كلمة الثناء، حين تصيب وتتقن، ولا بد أن تسمع صوت النقد، حين يعتقد البعض أنها أخطأت. ولا يمكن قراءة أداء وزارة الخارجية، قبل قراءة أداء السعوديين، حين يكتبون في السياسة الخارجية. المؤسسون الأوائل: من الملاحظ اليوم، أن أغلب رؤساء الأقسام السياسية في الصحافة السعودية، من العرب، وهذه مشكلة، المؤسسات الصحافية السعودية مطالبة بتأهيل صحافيين سعوديين يتخصصون في الكتابة السياسية، استطاعت الصحافة السعودية أن تقدم الصحافي الاقتصادي المرموق، واستطاعت أن تقدم الصحافي الرياضي النشيط، واستطاعت أن تقدم الصحافي المحلي (الخدماتي) المشاغب، وقدمت أسماء جيدة جدا في الصحافة الثقافية، وقدمت أسماء جيدة في الصحافة الفنية، وقدمت في الماضي، أسماء متميزة، في الصحافة السياسية، لكنها محدودة عددا. مؤسسو الصحافة السياسية في السعودية، معدودون، هناك ومضات في المنطقة الشرقية، ك "الفجر الجديد" و"أخبار الظهران"، ومن مناطق أخرى، برزت صحيفة "القصيم" مثلا، كلها ومضات لم تؤسس مدرسة، وتأثيرها محدود زمنا، وإن قدمت أسماء تجاوزت الزمن، مثل علي العوامي، ويوسف الشيخ يعقوب، وعبدالكريم الجهيمان. نتحدث عن مؤسسي الصحافة السياسية، التي استطاعت أن تتمدد زمنيا، وحققت بشكل أو بآخر، استمرارية معقولة، يأتي على رأس قائمة المؤسسين، عبدالله مناع، مؤسس مجلة "اقرأ" ورئيس تحريرها. حققت "اقرأ" في عهد عبدالله مناع، بين نهاية الستينات ومنتصف الثمانينات، مبيعات معقولة، وفي المقابل، حققت احتراما كبيرا، ومتابعة ممتازة من النخب، ونجحت كمطبوعة سياسية راقية. لم تكن "اقرأ" عبدالله مناع، أول المجلات السعودية زمنا، هي في طليعتها مضمونا، مشكلة عبدالله مناع الوحيدة، أنه one man show، يكتب زاوية باسمه الصريح، ويملأ المجلة بزوايا يوقعها باسم مستعار، لم يكن هذا عيبا في "اقرأ"، بسبب جملة عبدالله مناع الراقية، وفكره الوثاب، أتاح "مناع" الفرصة لجيل من الشباب، مثل فائز أبا، ومحمد الفايدي، وخالد باطرفي، وعمر يحيى، بعضهم برز في الصحافة الثقافية، وبعضهم برز في الصحافة المحلية، لكن في السياسة، لم يكن هناك إلا "مناع"، وفي السخرية لم يكن هناك إلا "يحيى". بين نهاية الستينيات ومنتصف الثمانينات، أقيل "مناع" أكثر من مرة في "اقرأ"، دائما يقال عبدالله مناع، حين أسس مجلة "الإعلام والاتصال"، في نهاية التسعينيات، أقيل أيضا، عبدالله مناع صحافي مجلات من طراز رائع، في عهده تفوقت "اقرأ" على شقيقتها صحيفة "البلاد"، وفي عهده تفوقت "الإعلام والاتصال" على وزارة الإعلام التي تصدرها، للمناع عيب آخر، لا يحسن انتقاء تلاميذه، ولا يجيد صناعة خلفائه، انهارت "اقرأ" بعد عبدالله مناع، انتشلها لفترة وجيزة محمد صادق دياب ووصل بها إلى أعلى مبيعات في تاريخها، وحين تركها ماتت، في "الإعلام والاتصال" يوم أصدر الوزير فؤاد فارسي قرار إقالة "مناع"، تولاها زامل أبوزنادة واستطاع بنجاح باهر أن يضعها في القبر، لقد حقق أبو زنادة نجاحا غير مسبوق، لم يستطع خلفاؤه أن يعيدوا الحياة إلى المجلة. ظهر "مناع" بعد تجربة رائدة في المجلات السعودية، ككاتب بين عدة صحف، لايستطيع "مناع" أن يستقر في صحيفة واحدة، "عكاظ" قليلا، غريمه هاشم عبده هاشم يناكفه، وهو يناكف هاشم، إذا كتب "مناع" في "المدينة" يظهر غريم آخر، محمد صلاح الدين، إذا كتب في "الوطن" ناكفه فهد العرابي الحارثي، أو جمال خاشقجي، يكتب "مناع" هذه الأيام في "الجزيرة" في كنف خالد المالك، يبدو أن زمن المناكفات قد ولى. عبدالله مناع مبدع وآسر حين يكتب في الثقافة، ثوري حين يكتب في المحليات، قومي حين يكتب في السياسة، لا يستطيع "مناع" أن يقدم إبداعا في تحليله السياسي، يقع أحيانا في ورطة معلومات غير دقيقة خاصة إذا كتب عن الولاياتالمتحدة، يعتقد أنه متخصص في الكتابة عن اليمن، وهذا غير صحيح، يتألق إذا كتب عن مصر، يتميز "مناع" بصفات تغطي كل نقاط ضعفه، الجملة الأدبية الراقية، الإحساس المؤثر، الموقف المستقل، يكفي "مناع" أنه مستقل، رغم التحالف السياسي بين السعودية مصر، استطاع "مناع" أن ينتقد الموقف المصري من حرب غزة الأخيرة بحرافة في "القدس العربي"، بحكم ظروف الكتابة في الصحافة السعودية، احترف "مناع" تقديم آرائه المستقلة في السياسة الخارجية بدبلوماسية ذكية. حامد مطاوع، اسم آخر في الصحافة السياسية، ترأس صحيفة "الندوة" نحو عقدين، على صعيد الثقافة والمجتمع، "مطاوع" محافظ جدا، على صعيد السياسة، محترم جدا، يوم كانت الصحافة السعودية تذخر بالمداهنة والدعاية، كانت "ندوة" حامد مطاوع أكثر رصانة بتحليلات سياسية مهنية وموضوعية، كان غريبا في عصر الطفرة أن تنجح "الندوة" كصحيفة سياسية من الطراز الرفيع، قبل أي شيء آخر. بعد أن ترك "الندوة"، ظهر "مطاوع" في "عكاظ" كاتبا، تحليلاته السياسية إن خلت من الإبداع، ثرية بالمعلومات، ثرية بالهدوء والرصانة. الناشران هشام ومحمد حافظ، استطاعا أن يحدثا نهضة في الصحافة السياسية، "عرب نيوز" أصبحت صوت السياسة السعودية أمام القارئ الغربي، "الشرق الأوسط" أصبحت أهم صحيفة سياسية في العالم العربي، والأهم أنهما قدما للصحافة السعودية، صحافيين ما زالوا إلى اليوم، ناجحين ومبدعين. الناشران لا يكتبان في السياسة، لكنهما بمهنية عالية، جعلا "الشرق الأوسط" و"المجلة" وزارة خارجية ثانية، استطاعا أن يعبرا بالصحافة السعودية والسياسة السعودية القارات الست، وتلك مهنية لم يعد لها مثيل. الناشران إسلاميان بحدود، ضربا القومية العربية بالمدفعية الصحافية الثقيلة، اهتما بالمنهج النقدي في التحليل السياسي في صفحات الرأي، نجحا في أن يربطا السياسة الخارجية السعودية بالعقلانية، أسسا خطابا إعلاميا يحارب الثورية وينسفها من أساسها، حولا الصحافيين إلى مجاهدين ضد الاتحاد السوفيتي إبان الغزو الأفغاني، الناشران تمتعا باستقلالية محدودة، أيدا كامب ديفيد وقت انساقت ضدها السياسة الخارجية السعودية. الناشران تمتعا بمهنية نادرة، ثوريان في المهنة، محافظان في السياسة، متحرران إزاء قضايا المرأة، لهما نزعة شعبوية في مناقشة القضايا المحلية عبر عنها محمد التونسي في "الاقتصادية"، براغماتيان في الرياضة، أسسا "الرياضية" لتشجع "الهلال"، وأسسا "عالم الرياضة" لتشجع الاتحاد، وإذا اتجها للصحافة الاقتصادية فهما رجال أعمال من الدرجة الأولى. رجل سبق عصره: شاكر عبدالله الشيخ، اسم متواري في الصحافة السياسية، تولى في الثمانينات رئاسة مجلة "الشرق"، كانت "الشرق" ميتة قبله وبعده، ترأس "الشرق" في زمن دقيق، الحرب العراقية الإيرانية مستعرة، وزير إعلام متربص، هو علي الشاعر. ورغم ذاتية عبدالله الغذامي، شكر شاكر الشيخ على نصرة "الشرق" في عهده للحداثة والتنوير، اسم شاكر مذكور في كتاب "حكاية الحداثة" أكثر من سعيد السريحي، ورغم ذاتية فهد العرابي الحارثي أيضاً قال بأن "الشرق" هي المنافس الأوحد ل "اليمامة"، ورغم ذاتية عبدالله مناع، اعترف بأنه قرأ "الشرق" أيام شاكر. الشيخ ليس كاتبا سياسيا، شاعر وصحافي لا أكثر، اسمه برز في الصحافة الثقافية أكثر من أي مجال آخر، استطاع أن يقدم ملحقا ثقافيا محترما في صحيفة "اليوم" يوم كانت في عهدة أحد أسوأ رؤساء التحرير في السعودية، خليل الفزيع، ريادة شاكر الشيخ في الصحافة السياسية، لا يتذكرها أحد، كانت "الشرق" هي المطبوعة الوحيدة في السعودية التي تنشر الرأي المؤيد لصدام حسين في حربه على إيران، على نسق السياسة الخارجية السعودية، وتنشر أيضا، الرأي المخالف لصدام والمؤيد لإيران, وضع شاكر صورة صدام غلافا للشرق، وفي العدد الذي يلي، وضع صورة الخميني، ذلك العدد، عدد الخميني، بيع في القطيف في السوق السوداء واعتبر منشورا سياسيا. الوزير علي الشاعر غضب جدا من شاكر، واستدعاه في الرياض، كيف تنشر "الشرق" تحليلا مؤيدا لإيران، مسك شاكر المجلة، وأطلع وزير الإعلام، في نفس العدد، على تحليل مؤيد لصدام، قال شاكر للشاعر: اسمع، سوقي الأساسي في الشرقية، والشيعة شريحة واسعة من قرائي، وهذه خصوصية، أنا مستعد أن أؤيد صدام على طول الخط، وإذا وقعت الفتنة، سأبرق للقيادة وأقول أن هذه توجيهات وزير الإعلام, صمت الشاعر ولم يتكلم. تتطور معطيات الحرب العراقية الإيرانية، تستولي إيران على "الفاو" قرب البصرة، جمع الشاعر رؤساء التحرير، علق في الاجتماع خرائط عسكرية، استرجع أيامه في الجيش وألقى محاضرة عسكرية لم يفهم منها رؤساء التحرير أي كلمة، اختتم المحاضرة بجملة مفهومة، "لا بد من التوازن" كان شاكر الشيخ على حق. أقلام خارج الأزمة: عبدالرحمن الراشد، ربما يكون أهم كاتب سياسي في العالم العربي، تأثير أحمد بهاء الدين واضح عليه، يستطيع "الراشد" أن يعطي للبراغماتية مشروعية منطقية، يرش مقالاته ببهارات أخلاقية هنا وهناك، يتهم الراشد بأنه على طليعة الكتاب المنافقين، يبتسم "الراشد"، لم يتورط في مقالات التبجيل المبالغ للمسؤولين التي انزلق لها مخالفوه، "الراشد" هو الخصم الأول للإسلاميين والقوميين، يربط الإسلامية بالجمود والسذاجة، ويربط القومية بالحماقة والسذاجة، حين يقف "الراشد" ضد الأيدلوجيا، فهو من حيث يدري أو لا يدري، يناصر العقل، ويرسي منهجا تنويريا في الكتابة السياسية. يوم كان "الراشد" رئيسا للشرق الأوسط، حول صفحات الرأي إلى برلمان، فيها الإسلامي والقومي والليبرالي والعلماني والمستقل، ومن كل الجنسيات العربية، القسم السياسي في "الشرق الأوسط" في عهده تحلى بالجدة والإبداع، يأتي الخبر للراشد، يتصفح دليل هاتفه، يهاتف هذا المسؤول أو ذاك لتدعيم الخبر، يخضع الخبر تحت مجهر الراشد لقواعد المهنة، التفريق بين الرأي والخبر، الابتعاد عن التبشير والوعظ، نقل الحدث والمعلومة الصحيحة. عمود "الراشد" في الشرق الأوسط، كثافة عالية، إيجاز بليغ، منطق مفحم، تأثير عميق في الخصوم والمريدين باللغة السهلة الخالية من التعقيد والتفلسف. "الراشد" ليس كاتبا، هو أقرب إلى السفير الناجح، يعادي خصوم السياسة الخارجية السعودية ويحالف أصدقاءها، لكنه دائما، كأي سياسي محنك، يحفظ خطوط الرجعة، ليست هناك مشكلة بالنسبة للراشد إذا تغيرت أجواء السياسة، لايقع في الحرج بسبب ابتعاده عن الحدية واللغة النابية، هذا المنهج يتيح للراشد أن يستقل عن مواقف السياسة الخارجية السعودية حين يريد، ودون أن يخرج عن النص أو من الصورة. مكانة "الراشد" محفوظة دوما، يعرف جدا، داهية جدا، خطير جدا، لكنه مخلص جدا، يعرف متى يسكت، قبل أن يعرف ماذا يتكلم. داود الشريان، مستقل ببراعة، تعيبه فظاظة اللغة والجملة، يتحدث في السياسة العربية من منطق متعالي، يستطيع من خلال هذا التعالي، أن يتمايز ككاتب مستقل عن سياسة دولته، يعبر عن تأييده للسياسة الخارجية دون حرج، واختلافه دون خجل أو ضوضاء. مقال "الشريان" مكثف هو الآخر، يبدع إذا ترك قلمه يرتوي من شهوة السخرية التي يجيدها الشريان. خالد الدخيل، الأكثر استقلالا، المتمكن أكاديميا، منطقي لدرجة مزعجة، يعرف نقاط الضعف في السياسة الخارجية السعودية ويعزف عليها إلى أن يغضب أصدقاء السياسة، ثم يعزف على نقاط القوة إلى أن يغضب خصوم السياسة، المنطق هو المعيار الذي يحدد موقف "الدخيل" من سياسة بلاده، تبدو تحليلات "الدخيل" منطقية جدا كأن صاحبها حاسب آلي. يتحلى "الدخيل" بثقافة متنوعة، تجلت في كتاباته في مجلة "فوربس" العربية، تنقل بين صحف عربية، استثمرها لنقد الأوضاع الداخلية في بلاده، أو أنماط تفكيرها، عاد مؤخرا إلى "الحياة". تركي الحمد، رغم تخصصه في السياسة إلا أنه يركز على الفكر، يريد أن يكتب عن الداخل السعودي، "الشرق الأوسط" تمنعه، فيحتال بالكتابة عن الأوضاع الداخلية من خلال الأحداث الخارجية أوالكتابة الفكرية، وعلى صعيد الكتب، فالروايات احتيال ذكي آخر. "الحمد" إذا تحدث في أمور الداخل مشاغب جدا، لا ينتهي من جملته إلا وقد صدر قرار الإيقاف، له "كاريزما" شخصية وفكرية جعلته وليا من أولياء السياسة والفكر، مقال "الحمد" هو المقال الذي يكتب بالمعايير المهنية السليمة، يتفوق على الكثير من الصحافيين في أسلوب الكتابة. اتفاق "الحمد" مع السياسة الخارجية لبلاده، يبدو في الظاهر، أقوى من اختلافه، والحقيقة، أنه يتفق معها في النتائج، ويختلف معها، في أصول المنهج. جمال خاشقجي، جملة أقل جودة، فكر منظم، معلومات واسعة عن الخارج، وبالتفاصيل، أما في الداخل، فيعرف الضروري، لا أكثر، أوهذا ما يبدو، يتميز عن سابقيه بحس إنساني في الكتابة السياسية، هذا الحس جعله محبوبا من الخصوم، وقريبا من الحلفاء، إخلاص خاشقجي هو ورقته الرابحة، وتقلباته أيضا، يخجل "خاشقجي" قليلا حين تواجهه بمواقف سابقة، ينساها سريعا، يشترك مع "الراشد" في اهتمامه بالصحافة السياسية كالاهتمام بالرأي السياسي، هو مثل "الراشد" أيضا في العقلانية، ويتفوق عليه بالنوايا الطيبة، مهني خالص، يحطم خصوم السياسة الخارجية السعودية بالورود، ويكافئ أصدقاءها بالورود أيضا. أحمد زكي يماني، قد يبدو غريبا إيراد هذا الاسم، يحب البعض أن يصوره كمحلل نفطي فاشل، وكمتحدث مغرض في السياسة الداخلية، لا يصرح "يماني" عن مواقفه صراحة من سياسة بلاده الخارجية منذ ترك السلطة، جملته صعبة ومملة، العمق هو ما يغفر لها، حين تقرأ له يذكرك بالمتون العباسية، ماينقص مقاله، عن المتون، الحواشي فقط، يخطئ في تحليلاته النفطية أحيانا، ويستفز كثيرا، في أواسط التسعينات، حذر "يماني" من انهيار أسعار النفط، الصحافة السعودية هجمت عليه هجوما كاسحاً وانبرت له افتتاحيات الصحف، بعد فترة من تصريحات "يماني" انهارت أسعار النفط، وصرح المسؤولون: "زمن الطفرة انتهى". "يماني" يهتم بالموسوعات، ربما لذلك يظهر ككاتب موسوعي، يكتب في الدين، محافظ في المنهج، تنويري في النتائج، يكتب في النفط، وهو يعتقد أن المتلقي له نفس معلومات "يماني"، أو يفكر مثله، لذلك ينتهي محرجا حين تخيب توقعاته ويهاجمه الآخرون، هناك كتاب "يمانيون" نصفهم مهمته الثناء عليه كلما صرح قال حقا أو باطلا، ونصفهم الآخر يهاجمه قال حقا أو باطلا. "يماني" له قيمة رمزية لم تتوفر لسعودي آخر، القرب من الملك فيصل، الحضور العالمي الأسطوري، يثير الجدل حين يقصد وحين لا يقصد، هو نفسه صرح أيام وزارته "من الصعب أن أكون متواضعا وأنا أحرك العالم من مكتبي"، ربما لذلك لا يكتب في السياسة إلا عند الأحداث الكبرى. "يماني" ككاتب سياسي يتفوق على "يماني" النفط و"يماني" الإسلامي، قبل غزو العراق كتب في "المدينة" محللا، تنبأ تحليلا بأن إيران ستستغل سقوط صدام، تنبأ بحمامات الدم، تفوق في التحليل على الإدارة الأمريكية، حين مات صدام كتب تحليلا سياسيا رائعا لمسيرة الطاغية، وفي فروسية نادرة تغاضى عن محاولات صدام لاغتياله في الثمانينات، كتابات "يماني" الأخيرة في السياسة يسجل لها أنها لم تنسق وراء الشعبوية، سجل الأخطاء الأمريكية في العراق وأفغانستان، ولم يرحم الطغاة البائدين في العراق وأفغانستان. يوسف مكي، بعثي التوجه، اكتسب من "البعث" الصرامة المنهجية، يمتلك أجوبة حاسمة، لم تعقه الأيدلوجيا عن تقديم أفكار مبدعة في التحليل، خاصة إذا تناول الوضع العراقي، نموذج مشرف للسعوديين الذين يختلفون مع السياسة الخارجية لبلادهم، استطاع أن يحمي أفكاره الحدية بجدار حديدي من المنطق، لا يسقط في الزلات الصغيرة، لا ينساق وراء المعلومات الكاذبة. سعود كابلي، قلم شاب، جملة واعدة، ولغة سهلة، يكتب في السياسة بروح السياسة، لا بروح الصحافة أو الثقافة كما عند بعض الكتاب الآخرين، منصبه السياسي أتاح له المعلومة، يتفوق على الآخرين بالعمل الميداني، يحتاج فقط، إلى توسيع قراءاته السياسية، يرصد التنظير، هادئ في التحليل، وفي لفتة نادرة، ينطلق في بعض تحليلاته من المصلحة السعودية، ولا يقمعها بالبعد العربي أو الإسلامي. زهير الحارثي، عضو مجلس الشورى، مؤيد دائم لسياسة بلاده، ويصمت إذا اختلف مع السياسة، تنطبق عليه مقولة "الصمت موقف"، لكنه إذا تحدث لديه طريقة أخرى لانتقاد السياسية، يكتب عن "العقل السياسي العربي" أو "أزمة النظام العربي" وينتقد سياسة بلاده من خلال توجيه النقد للعرب، يحسب ل "الحارثي" أنه يضع المصلحة السعودية نصب عينيه، محارب عنيد للشعاراتية والغوغائية، يتميز ككاتب سياسي بمجافاة الملل، والكتابة السياسية بروح السياسة، خلفيته في حقوق الإنسان أتاحت قدرة جيدة على التنظير. توفيق السيف، إسلامي مستقل، يمزج بين اللغة الصحافية واللغة الأكاديمية في خلطة موفقة، خلفيته الدينية مكنته من الحجة، يتميز في وجهات نظره العراقية والإيرانية، يستغل التنظير السياسي لتمرير رسائل تنويرية إلى الداخل. عاصم حمدان، يبدو غريبا إيراد هذا الاسم، مثل أحمد زكي يماني، إسلامي، محافظ في المنهج تنويري في النتائج نوعا ما، كتاباته في الثقافة يغلب عليها نفس "الحكواتي"، كتاباته المحلية صادقة، يحضر "حمدان" كمحلل سياسي محترم إذا تحدث عن السياسة البريطانية، معلومات دقيقة، دراية تقارب المختصين، استحضار تاريخي، تحليلات وجيهة، ندرت كتابات "حمدان" عن السياسة البريطانية لأن "السوق عايز كده". عبدالله حميد الدين، قدمته صحيفة "الحياة" كمحلل سياسي متميز، متخصص في الشأن اليمني، يكتب عن اليمن بروح السياسة، وفي القضايا الأخرى بروح الفلسفة، يعيب "حميد الدين" الأسلوب الذي لا يلقى الرواج إلا في أوساط نخبة النخبة. مشاري الذايدي في "الشرق الأوسط"، قلم عميق، لا يكتب في السياسة لغرض السياسة، عينه على تجديد الخطاب الديني وإعلاء العقل، لا يدافع عن السياسة السعودية مباشرة، يصوغ موقفه بمبررات منطقية وأخلاقية متعاليا على سياسة الدولة، تعضده الجملة الجذابة، يعيبه تأثير قراءاته الدينية والفلسفية على تحليله السياسي، اطلاعه ضعيف في التاريخ السياسي. عادل الطريفي في "الشرق الأوسط"، شيخ طريقة، مقالاته في "الرياض" اتسمت بالسذاجة، لا يتقن الظهور بمظهر الموضوعي، مقالاته مؤخرا في "الشرق الأوسط" أفصحت عن محلل واعد، ثقافة جيدة، مطالعة تاريخية جيدة، أسلوب جيد، يجيد إخفاء نقاط ضعفه، حين ينطلق من موقف مسبق مثلا، أو تحليل ضعيف، بالتنظير الأكاديمي. أقلام في صلب الأزمة: تركي السديري ويوسف الكويليت في "الرياض"، جرى العرف على اعتبار ما يكتبانه على أنه الرأي الرسمي، وهذا يورط المملكة أحيانا، خاصة مع كتابات تركي السديري، أسلوبهما جيد، ليس سهلا تماما، البيانات الرسمية تصاغ مرة أخرى بلغة صحافية، يتفوق "السديري" حين يكتب ناقدا في القضايا المحلية، ويتفوق "الكويليت" إذا اقتحم القضايا الفكرية، كتابات "السديري" و"الكويليت" تعطي صورة سلبية عن السياسة الخارجية السعودية، كأنها إنشاء جيد ومضمون هزيل أو مكرور. رضا لاري، صحافي عريق، نجح رئيسا لتحرير "عكاظ"، يكتب في "الرياض"، جملته محكمة، يعيبه أنه لم يتطور منذ زمن، لا فرق بين كتابته عن الصراع العربي الإسرائيلي بين اليوم وبين عقدين منصرمين، مع العلم بأن مقاله قبل عقدين كان يعتبر مهما وتجديديا. يتفوق كثيرا في الكتابة عن الشأن المحلي. هاشم عبده هاشم، النكبة الكبرى، أفسد الصحافة السياسية باستقطاب الأكاديميين في "عكاظ"، قدم د. وحيد هاشم ود. طلال بنون ود. صدقة فاضل، فلم يصبحوا صحافيين وقدموا صورة سلبية عن الأكاديميين باستثناء صدقة فاضل، "فاضل" أكاديمي متمكن، لكن هذه الأكاديمية حولت مقالاته السياسية إلى محاضرات مدرسية تنفر القارئ، يتعمد "فاضل" التنظير الأكاديمي ليمرر مواقفه المستقلة دون أن يغضب أحد، وحيد هاشم وطلال بنون لم يقدما الجديد أوالمتميز، مقالات غير مفهومة إلا في حال التبجيل، وأسلوب رديء, هاشم عبده هاشم أذكى بكثير، لايخرج عن الموقف الرسمي ويتمسك كثيرا بالنزعة الأخلاقية، أداءه ككاتب في "الرياض" مفاجئ، تكلم بشجاعة لأول مرة بعد عقود من مزاولة الصحافة، مقالاته السياسية جيدة ومؤثرة، بسبب الأسلوب لا المضمون. خالد المالك، ملك "الجزيرة"، في فترته الأولى قدم تجربة ممتازة قياسا بظروف عصره، في الفترة الثانية لم ينجح إلا إعلانيا، صفحات الرأي في "الجزيرة" من أضعف الصفحات في الصحافة السعودية، لا تسبق إلا "اليوم" و"البلاد" و"الندوة" و"شمس". يعرف خالد المالك، أنه كاتب ضعيف، لذلك لا يكتب كثيرا، المشكلة أنه حين يكتب يعطي صورة سيئة جدا عن الصحافيين السعوديين، ركاكة في الأسلوب، هشاشة في المعنى، كتابات "المالك" تصور السياسية السعودية، دون أن تدري، على أنها ساذجة، وتصور الصحافي السعودي على أنه شاعر بلاط. جاسر الجاسر، قدم في صحيفة "الجزيرة" تجربة نادرة، في الكتابة السياسية اليومية لصحافي سعودي، لغته رصينة، مقاله مكثف، لكن مضمونه ضعيف, إنشاء بالدرجة الأولى، يجذب أنصاف المثقفين والعامة، ثقافته السياسية ضعيفة، وظهوره التلفزيوني منفر، على عكس أداءه الجيد في القضايا المحلية. محمد صلاح الدين في "المدينة"، شعبوي، جملته كالرداء الجميل الذي يغطي دمى العرض، أسلوبه متماسك وجذاب وموجز، يكتب في القضايا المحلية بتهذيب مبالغ لا يفرق عن عدم الكتابة، يركز اهتماماته على قضايا المسلمين في كشمير والشيشان والبلقان وجزر الواق الواق ومملكة تمبكتو، وكأي كاتب سياسي ضعيف، يجيد الثناء على السياسة الخارجية السعودية، وهجاء أمريكا وإسرائيل، يتحدث كثيرا عن مؤامرة تستهدف المسلمين في العالم. يظل كاتبا محترما له تاريخ مؤثر في الصحافة. عبدالمحسن هلال في "المدينة"، كاتب مؤثر ومهم في الشأن المحلي، مبدئي ومحترم، لا ينساق وراء مقالات التبجيل، له مقال مشهور "من غيب البسمة عن مكة"، مشكلته أن أسلوبه يخلو من الجاذبية، متخصص في السياسة، لكن تخصصه لا يظهر له أثر في كتابته السياسية، ينساق وراء التصورات الشعبوية الجاهزة والمعلبة، من دون أن يحاول التفكير خارج الصندوق. أنس زاهد في "المدينة"، شعبوي حين يكتب في السياسة، في المقابل هو أهم كاتب رياضي في الصحافة السعودية، "زاهد" دليل واضح على أن الابتعاد عن التخصص قد يقود إلى كارثة، متناقض كثيرا، يهاجم المتطرفين في الداخل، لكنه يؤيدهم في مواجهتهم للولايات المتحدة، موقفه طفولي من الغرب، وحدّي، الغرب كله سيء وسقيم، مشغول هو الآخر بنظرية المؤامرة التي توقف أصحابها عن ترديدها، يتمسك في تحليله بانعزالية القوميين ورجعية الإسلاميين، له ومضات في الكتابة الثقافية يستحق عليها التحية، رغم ندرتها، هو النسخة الموازية لطارق الحميد، باستثناء الأسلوب الرشيق والبليغ. طارق الحميد في "الشرق الأوسط"، صحافي فقير التجربة، كاتب فقير الأسلوب، "الحميد" وزير إعلام ناجح في زمن الحرب، في زمن السلم هو عبء، يحسب له التصدي للأيدلوجيا، ونسف المتطرفين، يعيبه مطلقا، أنه يكتب بلغة "الردح"، ليس ذكيا مثل "الراشد" ليحافظ على طرق العودة مع خصوم السياسة الخارجية السعودية، المصالحة السعودية سببت الحرج لمقالاته، لا يستطيع أن يهاجم سوريا، تورط مع قطر واضطر للاعتذار، يوالي السياسة الخارجية وأصدقاءها أكثر من اللزوم، كتب مقالا فاقعا اعتبر محمد هيكل حسنين مراهقا وجمال مبارك ناضجا، وهذه فضيحة. يحتاج "الحميد" إلى بعض الهدوء والاتزان ومزيدا من الذكاء ليعبر عن السياسة الخارجية السعودية دون أن يضرها أو يضر نفسه. حسين شبكشي في "الشرق الأوسط"، أضاع مجده ككتاب محلي بالكتابة في السياسة، آراءه في الشأن المصري والشأن اللبناني، تسمعها من سائقي التاكسي وعمال محطات البنزين، يتميز فقط بكتابة تحمل المعلومة إذا تحدث عن السياسة الأمريكية، وللتأكيد، هو كاتب محلي جيد جدا. زين العابدين الركابي في "الشرق الأوسط"، كاتب ممل، يحمل أفكارا جيدة وجاهزة عن التعايش وحوار الحضارات، مدافع جيد عن الإسلام بمنطق داخلي، وليس بمنطق يصلح لمخاطبة الخارج، من الممكن تحويل مقالاته إلى خطب جمعة. عثمان الرواف، متخصص في السياسة، كان يكتب في "الشرق الأوسط"، يحسب لطارق الحميد استبعاده، تستطيع أن تقرأ مقاله دون أن تفهم شيء، وتستطيع أن لاتقرأه. جميل الذيابي في "الحياة"، متميز في الكتابة المحلية والاجتماعية، قاس مع خصومه، مواقفه الاجتماعية تنحاز بشكل واضح للتنوير، حين يؤيد سياسة الخارجية يكتب بوضوح تام اتساقاً مع البيان الرسمي، وحين يختلف يجنح إلى المنطقة الرمادية، لامع سياسة الخارجية ولا ضدها، يجمع في مقاله الآراء المتناقضة ويمضي. على التواتي في "عكاظ"، شعبوي هو الآخر، يتميز بأنه يواجه الخلافات العربية – العربية بالمصلحة السعودية، هذه ميزته الوحيدة في الكتابة السياسية، في المقابل يتحدث عن الإمبريالية كأننا في السبعينات والستينات، ويتحدث عن الاستعمار كأننا في الخمسينات والأربعينات، يتحدث عن السياسة الأمريكية حتى تشعر وكان له ثأرا شخصيا مع الإدارة الأمريكية، جيد جدا في الكتابة المحلية والاقتصادية، يسقط أحيانا في مقالات التبجيل. نجيب الخنيزي في "عكاظ"، منهجي يفتقد أدوات الإثارة والجاذبية، عقلاني إلى حد بعيد، مستقل، ورغم مزاياه المهمة تعيبه الجملة التي تعاني من السمنة، وعدم تحديث المعلومات والقراءات. عبدالله أبو السمح في "عكاظ"، شعبوي بطريقة معاكسة، يتبنى موقف الدولة في السياسة الخارجية نكاية في القوميين والإسلاميين، سطحي سياسيا، مثير للجدل، حين يكتب في القضايا الاقتصادية يطغى عليه النفس البرجوازي، حين يتبنى قضية محلية أو فكرية يذهب إلى النهاية، شجاع وصادق، له الريادة في طرح قضايا المرأة وتجديد الخطاب الديني، يبرع حين ينتقد الدوائر الحكومية. أقلام أخرى محمد عبده يماني، يتذكر المتابعون، مقالات "يماني" أيام الجهاد الأفغاني، كتب مرة، أن المجاهدين لم يستطيعوا أن يتجاوزوا حقل ألغام، فناموا، وأثناء نومهم سخر الله الفئران لتمشي فوق الألغام وتتفجر جميعا، استيقظ المجاهدون، ووجدوا أن الألغام قد زالت بعون الله، فانقضوا على السوفيت، الذين لم يستيقظوا على انفجار الألغام بعون الله أيضا، وهزموهم. هذا المقال قد يعطي صورة سلبية عن محمد عبده يماني، المفكر الإسلامي النشيط والمستنير، الحقيقة ليست كذلك، "يماني" يفاجئ قراءه، يكتب مرة عن شعر فلان، ويكتب مرة عن الراحل فلان، ويكتب مرة عن المولد النبوي وغزوة بدر، وبعد هذا كله يفاجئنا "يماني" بمقال محكم عن سياسة "أوباما"، ومقال محنك عن المشروع النووي الإيراني، "يماني" يعرف مقالاته القيمة لأنه يرسلها ل "الحياة" أو "الشرق الأوسط"، أما المقالات الأخرى العادية يقوم بنشرها في الصحافة المحلية، يعيب "يماني" أنه لا يطعم مقالاته بمواقف من تجربته السياسية كأحد أهم وزراء الإعلام، ومعاصرته لأحداث مهمة لعب فيها دورا سياسيا محوريا. سلطان القحطاني، صحافي جيد جدا، لكنه حين يكتب في السياسة تشعر أن "إيلاف" تريد أن تعاقب قراءها أو تختبر قدرتهم على الصبر. فهد العربي الحارثي، رئيس "الشعبوية" بعد كتابه "أمريكا التي تعلمنا الديمقراطية والعدل"، ظهوره المحدود ككاتب، أو كضيف تلفزيوني، أثر سلبيا على صورته المشرقة كرئيس تحرير لمجلة "اليمامة"، حين يكتب في السياسة الداخية أوالخارجية تستحضر مقولة "ملكي أكثر من الملك". خالد باطرفي، بعد أحداث سبتمبر سطع كمتحدث في العلاقات السعودية الأمريكية، قال عنه توماس فريدمان في أحد كتبه أنه مستقبل الصحافة السعودية، يتميز "باطرفي" بأسلوب سلس، يكتب بوضوح في قضايا تجديد الديني، لكن بسطحية، مدافعته عن المحافظة في القضايا الاجتماعية تتفوق على مواقفه التغييرية، لا يحمل مقاربة واضحة في السياسة الخارجية، مؤيد غالبا، متناقض كثيرا، لا ينتقد، تعيبه المثالية المفرطة، وضعف القراءة. فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، له رسالة ممتازة عن العلاقات مع إيران، صدرت الرسالة بالعربية مؤخرا في الخارج، يستحق فيصل بن سلمان الثناء من الناحية الأكاديمية والمنهجية، يعيبه الإفراط في الأكاديمية. خالد بن سلطان بن عبدالعزيز، كتابه "مقاتل من الصحراء" يسجل له أنه أول مسؤول حرص أن يدون شهادته التاريخية، لم يقدم تحليلات سياسية كثيرا، انهمك في سرد الوقائع والرد على الخصوم، وهذه تسجل له، يفاجئ قراءه بالجرأة أحيانا، استياءه من منهج الولاياتالمتحدة بعد الانتصار على صدام، رواية تفاصيل شخصية في حياته لم يعتد عليها القارئ السعودي من أمير، حديثه عن دور إسرائيل كعقبة في تسليح الجيش السعودي. تركي الفيصل، ينشر في الصحافة الغربية، مقالات قيمة، واضح، تعيبه المثالية أحيانا، يفاجئ القراء بالإفراط في الدبلوماسية، أو بالإفراط في اللا دبلوماسية، يكتب عن تجربة. تأثير وزارة الخارجية اهتمام وزارة الخارجية بالصحافة السياسية في المملكة محدود، أهم التصريحات والتحليلات تقرأها عن محللين وصحافيين عرب مقربين من الوزارة، أهم الحوارات مع القيادة ترتبها الوزارة للصحافة العربية والغربية، من النادر أن تقدم الوزارة معلوماتها لصحافي سعودي، لذلك نجد الكتاب السياسيين في السعودية، غير المقربين من الوزارة، أقرب إلى المنجمين، يحاولون التنبؤ، أو يحتالون على القارئ بإعادة صياغة البيانات الرسمية. بيانات وزارة الخارجية، لا تشفي الأسئلة، من النادر أن نجد موقفا واضحا، "الحرص على قضايا الأمة العربية والإسلامية"، "ناقشت القمة المستجدات في المنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين". المطلوب من وزارة الخارجية أن تؤسس خطابا لايخجل أبدا من الحديث عن المصلحة السعودية، يستطيع القارئ السعودي والكاتب السعودي الحديث عن قضايا العرب والمسلمين، لكنه لا يعرف مطلقا المصلحة السعودية التي تتحرك من أجلها وزارة الخارجية،على الوزارة أن لا تخجل من التوضيح بأن بعض مصالحنا تتصادم مع مصالح دول أخرى في المنطقة، بسبب المصلحة السعودية، وليس بسبب قضايا كونية، باختصار، لدينا مصالحنا الخاصة، هذا ليس عيبا. تظهير المصلحة السعودية مهم، ويعزز قيمة المواطنة، ويستقطب تأييدا حقيقيا لسياسات البلاد من مواطنيها، خطاب المصلحة السعودية، سيعالج الأسئلة الساذجة التي يطرحها البعض على غرار: لماذا نهتم بالخارج على حساب الداخل؟ على وزارة الخارجية أن تتعاون مع وزارة الثقافة والإعلام، لتشجيع نشر الرأي المخالف للسياسة الخارجية في الصحافة السعودية، لتطوير خطاب وزارة الخارجية في مواجهة الخصوم وإقناع المواطنين، من خلال إثراء النقاش والتدريب على الاختلاف. على وزارة الخارجية أن لا تسمع للسفراء الذين ينتقدون تناول الصحافة السعودية لأوضاع بلادهم، كل الصحافة العربية تناقش المشهد السعودي وبالتفصيل، فلماذا نمنع الصحافة السعودية من مناقشة أوضاع البلاد الأخرى؟ لماذا تكون الكتابة عن السعودية في مصر أو لبنان أو الأردن حرية صحافة وتكون الكتابة عن تلك البلاد في الصحافة السعودية تدخلا في شؤون الآخرين؟. المصدر : و كالة أخبار المجتمع السعودي