أمطار متوسطة إلى غزيرة على 4 مناطق    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على هذال بن سعيدان    الموت يغيب مطوف الملوك والزعماء جميل جلال    البليهي: مشكلة الاتحاد انه واجه الهلال وكل المدافعين في اتم الجاهزية    وزير الاتصالات: بدعم ولي العهد.. المملكة تقود أعظم قصة في القرن ال 21 في الشمولية وتمكين المرأة    رايكوفيتش: كنا في غفوة في الشوط الاول وسنعود سريعاً للإنتصارات    "متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام في السودان" يؤكد على مواصلة العمل الجماعي لإنهاء الأزمة في السودان    غزة.. الاحتلال يبيد العائلات    أمريكا: نحذر من انهيار البنوك الفلسطينية    مئوية السعودية تقترب.. قيادة أوفت بما وعدت.. وشعب قَبِل تحديات التحديث    السيوفي: اليوم الوطني مناسبة وطنية عظيمة    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الجزائري الأوضاع في غزة    ريال مدريد يسحق إسبانيول برباعية ويقترب من صدارة الدوري الإسباني    الهلال يكسب الاتحاد بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    في كأس الملك.. الوحدة والأخدود يواجهان الفيصلي والعربي    خادم الحرمين لملك البحرين: نعزيكم في وفاة خالد آل خليفة    ولي العهد يواسي ملك البحرين في وفاة خالد آل خليفة    للأسبوع الثاني.. النفط يواصل صعوده    أمانة القصيم توقع عقداً لنظافة بريدة    "طويق" تحصل على شهادة الآيزو في نظام الجودة    وداعاً فصل الصيف.. أهلا بالخريف    «التعليم»: منع بيع 30 صنفاً غذائياً في المقاصف المدرسية    "سمات".. نافذة على إبداع الطلاب الموهوبين وإنجازاتهم العالمية على شاشة السعودية    دام عزك يا وطن    بأكبر جدارية لتقدير المعلمين.. جدة تستعد لدخول موسوعة غينيس    «الأمم المتحدة»: السعودية تتصدر دول «G20» في نمو أعداد السياح والإيرادات الدولية    "قلبي" تشارك في المؤتمر العالمي للقلب    فريق طبي بمستشفى الملك فهد بجازان ينجح في إعادة السمع لطفل    اكتشاف فصيلة دم جديدة بعد 50 عاماً من الغموض    لا تتهاون.. الإمساك مؤشر خطير للأزمات القلبية    تعزيز أداء القادة الماليين في القطاع الحكومي    أحلامنا مشروع وطن    القيادة تعزي ملك البحرين في وفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    "الداخلية" توضح محظورات استخدام العلم    «الخواجات» والاندماج في المجتمع    لعبة الاستعمار الجديد.. !    فأر يجبر طائرة على الهبوط    مركز الملك سلمان: 300 وحدة سكنية لمتضرري الزلزال في سوريا    ضبط 22716 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    حل لغز الصوت القادم من أعمق خندق بالمحيطات    نسخة سينمائية من «يوتيوب» بأجهزة التلفزيون    "الداخلية" تحتفي باليوم الوطني 94 بفعالية "عز وطن3"    صور مبتكرة ترسم لوحات تفرد هوية الوطن    الملك سلمان.. سادن السعودية العظيم..!    خمسة أيام تفصل عشاق الثقافة والقراء عنه بالرياض.. معرض الكتاب.. نسخة متجددة تواكب مستجدات صناعة النشر    تشجيع المواهب الواعدة على الابتكار.. إعلان الفائزين في تحدي صناعة الأفلام    مجمع الملك سلمان العالمي ينظم مؤتمر"حوسبة العربية"    يوم مجيد لوطن جميل    مصادر الأخبار    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. تنظيم المسابقة المحلية على جائزة الملك سلمان    مسيرة أمجاد التاريخ    الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل".. الطيران المدني.. تطوير مهارات الشباب خلال "قمة المستقبل"    إقامة فعالية "عز الوطن 3"    الابتكار يدعم الاقتصاد    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضاغطاً على النخاع الشوكي    شرطة الشرقية: واقعة الاعتداء على شخص مما أدى إلى وفاته تمت مباشرتها في حينه    أبناؤنا يربونا    خطيب المسجد النبوي: مستخدمو «التواصل الاجتماعي» يخدعون الناس ويأكلون أموالهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد المنصور الحازمي
نشر في جازان نيوز يوم 16 - 01 - 2014

بعد أن هدأت الطرقات , والشوارع , من صخب البشر , وضجيج العربات , خرج إلى شاطئ البحر ,و أخذ مكانه معتلياً صخرة سوداء , كان الليل مقمراً , ونسيم البحر يحمل أمواجا متئدة تترفق بحجارة صغيرة اصطفت , تحيط بصخرة كما يحيط السوار بمعصم فاتنة , وضع مذياعه بجانبه ,أدار مؤشره بإبهامه وسبابة يده اليمنى , ويعيد باليسرى خصلات من شعره يتلاعب بها نسيم البحر مع قدوم موجة مرحبة به , صدفة صدحت أم كلثوم بأغنيتها , أقبل الليل .
أخرج من حافظة من الخوص "ترمس شاي " وكأس شاي بظاهر قاعدته ( با دريق ) سكب فيه شاياً, وأخرج من جيب معطفه سيجارة واحدة حملها لمثل هذه الليلة المقمرة , كان وحيدا أنيسه البحر وأمواجه , ورفيقه القمر , بينما كان يتابع انعكاس صورة القمر على سطح البحر , مع نسائم ليل تتلاعب أمواج تحرك صورة القمر المنعكسة على سطح البحر, يقترب منه , كانت سيجارته شارفت على الانتهاء فعزم أن يرميها بالبحر , فاحترم آية من آيات الله القمر , ومخلوقا من مخلوقاته محدثا نفسه , قد تصعد أسماك لسطح البحر ويكون عقب السيجارة أخذ طريقه إليها , خشي أن تدعو عليه , فقام وغرزها في مال الشاطئ ...
ومع مقطع , من أقبل الليل من مذياعه من إحدى الاذاعات : "وبت من شوقي أغني والليل يروي الحديث عني , يا هدى الحيران في ليل الضنى , لست أدري من أنا اين أنا " كان القمر في عز تألقه وبهائه , تمتم : لِأنعم بسويعات أغفو فيها , فأحضر من سيارته بطانية عتيقة يصطحبها معه بسيارته, فرشها على الصخرة , أسند ظهره , واضعا يده اليمنى على رأسه و اليسرى على صدره , ليغفو.
وما أن أخذ النوم منه ساعة , أيقظته أصوات شاحنات قادمة من ميناء يبعد عن موقعه مسافة 400 متر , نظر إلى ساعته فكانت الرابعة والنصف , فعاود النوم لدقائق , فغط في نومه , لم يسمع أذان الفجر , كأن عودته للنوم بفعل شيطان زيَّن له أن يغفو , و مع السادسة صباحاً سمع اصوات طرقات حذاء على الرصيف القريب من رمال الشاطئ , تشبه أصوات "مشية الأوزة " التي يتقنها الجنود الروس بالحفلات والاستعراضات الرسمية , وبعد فترة وجيزة انقطع صوت قرع الحذاء , أدرك أنه ربما مجرد عابر ونزل للشارع المقابل .
واصل في مضطجعه, وما هي إلا دقائق وكفين تطبقان على عينيه , فسأل من أنت , ساد الصمت و بعد دقيقتين , وإذ بصوت أنثوي يسأله : ألم تعرفني ؟ قال : كلا .. لكن ليس بغريبة علي حرارة تلك اليدين التي تغطي عيني , لعل من كنت أسمع طرق حذائه على الرصيف , وانقطع قلت لعله , نزل إلى الشارع المقابل , وحينها انقطعت الاصوات , فآثرت أن أظفر بدقائق من نوم.
أزاحت يديها عن عينيه , واستدار , يغمض بعينيه تارة ويفتحها تارة أخرى , يعود ويفرك جفنيه , يبحلق فيها , فبادرته , قائلة :تعمدت أن أطرق بكعب حذائي على الرصيف المقابل لعلي أو قضك , فاستغرب وما يدريك عني أني هنا , فأخبرته أنها مرت من جواره , وعرفته , وكنت يا علي : نائماً , قال أتعرفينني , لم تجبه , بل بادرته بسؤال : ما جاء بك وحيدا , لم يجبها , بل عاجلها : من أنت ؟ قالت له بعد أن اشاحت غطاء راسها واطرقت برأسها حتى انسدل شعرها على محياها , . ومكثتت تبحث عن علامة برأسها , تتحسس مكانها , ودعته ليقترب : ؟ أدن مني وانظر تأمل , قال ماذا , قالت , ألم تصب أحدا بطفولتك في رأسه ؟ عندها قال أنت سمية , قالت له , كأنها أنا .
وعاجلته بسؤال ما جاء بك وحيدا , قال أتأمل البحر واستنطق أسراره , وأمتَّع عيني بالقمر وجماله , وها هي الثالثة الشمس وقد زارتني قبل شروق الشمس , قالت كيف ها هي , ولم تشرق بعد , تبسم وقال , أنسيت يوم كنا نلعب كنت تنادينني يا قمر , وأناديك يا شمس ... قالت له : علي .. ماذا نسيت اليوم .. فهم إشارتها وأستأذنها ليصلي الفجر , فتبسمت قائلة : نومك ثقيل يا علي أما سمعت الأذان والمسجد على بعد خطوات من الشاطئ .
صلى ركعتي الفجر , وطوى بطانيته , ووضع ترمس الشاي , ومذياعه , وبينما هو يبحلق فيها وبيده اليسرى كاس الشاي يهم بوضعه في الحافظة سقط منه على الصخرة وصار , تردد هل يعود لبيته أم يسألها , أعاد بطانيته أرضا , واطرق يفكر هل تمكث سمية هنا أم تعود , فحزم أمره وسألها , قالت ما دمت هنا لن أعود , واليوم يوم إجازة, سأمكث هنا لما بعد شروق الشمس ألتمس منها دفئها وأعود , لتبقى معي .
أخذ طرف الحديث , بعد أن رميتك خطأ حبسني والدي اسبوعا بالبيت عقابا , ويا ليته أخذني لأزورك , أمي كانت حريصة ألا اختلط مع أحد لإ شفاقها علي من عقاب والدي , بعد انقضاء الأسبوع , خرجت للشارع المقابل للبيت , انتظرت , لم أراك كالعادة , عدت أدراجي أحبس نفسي , سألتني أمي لم عدت سريعا , فأجبتها أولا أخبريني أين سمية , فقالت سمعت من الجيران أنها واسرتها انتقلوا لبيتهم الجديد ويقولون أنه يبعد كثيرا عن هذا الحي .
تبسمت وماذا بعد , قال : توفي والدي فقامت والدتي وأجرت البيت , وانتقلنا لبيت كان والدي أنتهى من بنائه لننتقل إليه فعاجله القدر , وبعد انقضاء عدة والدتي انتقلنا إلى بيتنا الجديد , ورفضت أن اترك مدرسة الحي , كنت أمشي ما يقاب نصف ساعة , كنت بالصف السادس , وأنا على أمل ألقاك بطريقي بمدرستك , وبعد أن انقضى العام , أيقنت أنك لم تعودي تدرسي بمدرسة الحيّ , فواصلت دراستي المتوسطة والثانوية بالمدرسة القريبة من مسكننا الجديد ,وأكملت دراستي الجامعية والآن أعمل معلماً بالمدرسة الابتدائية القديمة بالحي الذي ولدت أنا وأنت فيه .
روت له مشوارها وبأنها وأسرتها انتقلوا إلى بيت قريب من الشاطئ وأكملت دراستها بالتعليم العام بالقرب من منزلها , ودرست الطب و تعمل طبيبة بالوحدة الصحية المدرسية (بنات) .
وماذا عن .. قالت له فهمتك , يئس مني والدي لقد رفضت كل من تقدم إليَّ , وقررت أن أبقى أميرة نفسي ,لعلمي بان مجتمعنا لا يزال يرى فيمن تعمل بالطب أن وقتها ليس لسواها وحتى ان طلبني الكثير خشيت من لازمة السؤال والجواب يومياً ..
وماذا عنك يا علي : قال كما أنت أنا .. لم أجدها من قبل ووجدتها اليوم .. ضحكت , وسألته من هي ؟ قال إنها شمسي لقد أشرقت وأذابت كتل الجليد المعشعش على وجداني ... فأجابته : سأنتظر الليل لأرى فيه قمري .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.