توشك اللعبة بين موسكووبروكسل في أوكرانيا على الإنتهاء زحفاً . ولعل القول الأوروبي : الأسرع في الوصول إلى الفتاة هو الفتاة ذاتها ينطبق على مجريات الحدث هناك . فحتى هذه اللحظة , نجد روسيا وقد اتخذت نهجاً أكثر براغماتية ووعدت أوكرانيا بما لم يكن في مخيلة قيادتها : صندوقاً يزن 15 مليار دولار يفي بتحقيق نمو إقتصادي فيها . وفي نفس الوقت , ستحصل أوكرانيا على خصم 30% من سعر الغاز الروسي في غضون الأعوام الستة القادمة . وبالرغم أن المعارضة الأوكرانية حذرت من فتح الصندوق الروسي , لأن ذلك يعني أن البلد قد بيعت بأكملها لروسيا إلا أن قيادة أوكرانيا ترى في عرض موسكو إتفاقاً تاريخياً . وأما الإتحاد الأوروبي فلا يزال يأمل أن أوكرانيا ستختار الباب الأول المتمثل في التعاون الإقتصادي التجاري السياسي مع بروكسل حتى لو ضحت بالباب الثاني وهو الإتحاد الجمركي مع روسيا وبيلاروسيا وكازاخستان . لقد خاضت روسيا معركتها الأولى في كييف قبل الإعتصامات في الفترة التي كانت فيها تتلقى أوامر الإتحاد الأوروبي ( إمّا وإمّا ) . وسارعت موسكو إلى اتهام الغرب باستخدامه الضغط على جارتها . وبغض النظر عن اتفاق الروس والأوكران إلا أنه برهن على حجم البيروقراطية البروكسلية ومدى الفرقة التي تسود في صفوف الإتحاد الأوروبي وأيضاً مدى الرؤية للعين الروسية فيه . والأهم هو سوء الإدارة الذي تبيّن لنا من خلال التأخير في اتخاذ القرارات وأبرزها فيما يتعلق بالشأن السوري والذي خلط الأوراق الأمنية في العالم . صحيحٌ أن الإتحاد الأوروبي يعي تماماً أن لعبة البارد الحار مع أوكرانيا محظورة . لكنه ماطل أو تعثر في اقتطاع 600 مليون يورو لمساعدتها وتعجيل قرض بقيمة عشرة مليارات يورو إليها من صندوق النقد الدولي . ولحين وقتئذٍ , سارعت موسكو متخذة خطوات سريعة غير متهمة جارتها باستثمار الوقت وكأنها على علم بالعجز الأوروبي . ولكن التفوق الروسي هنا سيقابله تدهور في الشرق الأوسط . وتعدد الجبهات يرهق الحلفاء الأضداد في موسكووبروكسل ومثلهما واشنطن . وقد تفرز انتخابات أيار القادم برلماناً أوروبياً غير الذي اعتدنا عليه . فمنذ الآن , بدأنا نعرف أن شعار المرشحين الأبرز هو الموضوع السوري .