العيد في معناه السامي شكر الله تعالى على إتمام العبادة وإكمال عدة الصيام , يقول الله تعالى { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } , والعيد في معناه الإنساني لقاء بإخاء وصفاء يتجسد فيه التلاحم النقي ويظهر اللقاء حميما بين أفراد المجتمع قويهم وضعيفهم ,غنيهم وفقيرهم , على محبة ورحمة وعدل جعله رب العباد في منهج الدين الحنيف عنوانه الزكاة والإحسان والمودة , والعيد في معناه الروحي , صفاء القلوب وبشاشة الوجه وسماحة اللقاء والإقبال على العناق لكائن من كان وإزالة شوائب الضغائن والأحقاد ورواسب الجفاء والشقاق , وفتح صفحات المودة والوئام والتجديد بلين الجانب والإحسان , وترك دعوى عزة النفس التي نقيمها في غير مكانها فيما نطمسها وقت الحاجة لها . إننا في كل عيد نتوهم فرحة العيد ونتخلقها في الملبس والمسكن بكل ما هو جديد ونسرف في المأكل والمشرب بدون حساب , فنتكلف في النفقات فيما يفيض عن الحاجة مع غض الطرف أن هناك بالجوار أسر محتاجة , وأصدقاء هجرناهم نحن وهم لبعضنا في أمس حاجة , وجيران أهملناهم ومنهم من يشتكي الفاقة , وأرحام قطعناهم فقست القلوب وما عادت لهم مشتاقة . فأي فرحة للعيد ندعيها ونحن عن حقيقتها غافلون , إن للعيد فرحة إذا سايسنا أنفسنا الجامحة وقدناها إلى الخير , ونزعنا عنها جلباب العظمة والزهو والكبرياء الذي هو أساس البغض والشحناء ومورد الضغينة والجفاء , فإذا تلاقينا بأنفس طيبة راضية مقبلة بالصفح والعفو والتسامح , واصلة غير قاطعة لتحقق في مجتمعنا معنى فرحة العيد الحقيقية التي ننشدها وننشد بها . ما أجمل العيد حين نصفح عمن أساء لنا ونبادر بالاعتذار لمن أسأنا له وقد جددنا قلوبنا وأنفسنا بالصفاء والوفاء وغمرها الإخاء , يرحم قوينا ضعيفنا , ويعطف غنينا على فقيرنا , ونصل أرحامنا , ونتعاهد جيراننا , فما أطيب العيد بطيب النفوس , وما أعذب فرحة العيد حين تغرد القلوب بعناق بشوش , وكل عام وأنتم طيبين وإلى الله أقرب . وصلى الله وسلم على حبيبنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . 1 ..