ويجيء يوم الخروج من شهر عظيم، فيه الجو الروحاني للعبادة والاستغفار، إلى زمن قصير فيه البشر والضحك والوفاء والإخاء، وقول الإنسان لأخيه الإنسان كل عام وأنتم بخير. لقد طوى شهر القرآن أيامه، وانقضت ساعاته، فربح من ربح، وشقي من شقي، وسعد من سعد..! انقضى الشهر فمن أدرك خيره نال الرضا وفاز، ومن فرّط فيه خسر خسرانًا مبينًا..! والناس في ذلك على مذاهب، فمنهم من طهّر قلبه ونفسه فوصل رحمه الذي طالما كان قاطعًا له ردحًا من الزمن، وآخر ذو مخاصمة صفح فيها، فنال رضا الرب ومحبة العباد، وآخرون أعادوا حقوقًا مسلوبة لأصحابها..! فليتذكر الإنسان أن ما بقي من الأجل أقل ممّا مضى ..! نقول يأتي العيد اليوم وهناك مَن فقد عزيزًا لديه، فهو في ذلك جدير بالترحم عليه، والعظة منه، فإن غادر هذه الدنيا الأحباب، فإن الباقين ينتظرون الرحيل بالباب..؟ إنها طريق على الجميع أن يسلكوه، والقبر دار على الجميع أن يسكنوه..! فكم من عزيز رحل في العام الذي مضى، وكم من كريم طيب الأخلاق رحل.. وكم من شقي رحل.. كلهم رحلوا، وكل شيء مصيره التآكل والزوال، ولم يبق إلاّ وجه ربك ذي الجلال والإكرام. فالعاقل مَن يدرك أن أيام العيد أيام عفو وصفح وتسامح ووئام، فلا تكتمل أفراح العيد إلا بلم الشمل بين الأهل والأرحام والأصدقاء، والأصحاب والزملاء، ولنبعد فى هذا اليوم عن منازعات وهموم الحياة، فما طوَّل في الأعمار كثر الجفاء، وما زاد في الثروة طوُل الخصام، ولم يحصد المتخاصمون والمجافون إلاّ بُعدًا من الله، وشقاءً بين العباد. وحسرة تؤجج الألم في النفوس بما فيها من ضغائن لا مبرر لها، والكريم من يصفح عن الزلات، فلا نعلم متى يكون الرحيل، وإلى أين العبور، ومستقر المصير..؟ وها قد مضى يومان من عيد الفطر المبارك.. عيد الثياب الجديدة، إشعارًا بأن الوجه الإنساني جديد في هذا اليوم.. عيد تقدم فيه الحلوى إلى كل فم لتحلو الكلمات والمعاملة الحسنة.. عيد تبتهج فيه النفس البشرية وتمتلئ بالحب والوفاء والإخلاص.. ويبتهج الأطفال بهذا العيد، وتظهر عليهم السعادة والسرور، وهم مجتمعون في ثيابهم الجديدة والمُلوَّنة كاجتماع قوس قزح بألوانه الجميلة..! فكل عام والأمة الإسلامية والعربية بألف خير وعافية.. [email protected] ف/048470836