كنت دائما، تماما مثلما أكتب: عكس الفزعة وفي مواجهة تيار السائد المألوف. وفي قصة ابنتي، رهام الحكمي، سأكتب أن القصة بالنسبة لي من شقين: الأول تعاطفي الشديد مع قصتها المؤلمة المحزنة ولن يستطيع فرد أن يمسح انحيازي الأبدي للبسطاء، وسأكتب أن حادثتها تعبير صارخ عن هزيمتنا الأخلاقية. الثاني، أن يسار هذه الصفحة على الموقع الإلكتروني يحتفظ بكل رسائلي إلى معالي الوزير عن الصحة وعن حاجة (الأطراف) إلى ما هو أكثر من مشافي المهدئات ومشاريع الورق الوهمية. لكنني، وبكل شجاعة، ضد أن نمسح تاريخ معالي الوزير لأن التركيز على هذا (الوهم) قد ينسينا صلب الرسالة الأهم من ثنايا هذه القصة. الرسالة من شقين: لمعالي الوزير ومن ثم، بحسب تراتب مسؤولية القصة نفسها لسمو أمير منطقة جازان ولكل منهما مع التقدير والتحية: ساقول لصاحب المعالي إن مجرد نقل (رهام) إلى مستشفى تحويلي بالرياض يختزل معالم القضية. نحن، صاحب المعالي، في هذه الأطراف من الوطن، لسنا مجتمعا قابلا للتحويل ولا ضيوفا في نهايات البحر على أسطول الإخلاء الطبي. بسبب (الأنيميا) كانت رهام تذهب للمركز من الأطراف بضعة مشاوير في العام الواحد، وللحاجة لأربع إبر كيميائية كان مريض (المثانة) يذهب للحقن أيضا في غرفة مجاورة. ومثلهم أيضا مرضى القلب والمفاصل وجراحة الأعصاب ونحن يا معالي الوزير ننتظر أوهام خرائط المدن الطبية. نحن صاحب المعالي في وجه (رهام) أن تنتصر لهذه المهازل. الرسالة الأخرى للأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز: وسأقول للحق وللتاريخ إنك تقود في جازان واحدة من أصدق مشاريع التنمية التي غيرت أديم المنطقة في السنوات الأخيرة وإنك بهذا المشروع تبز الرقم الوطني في الإنجاز الذي لا ينكره إلا جاحد. لكن الأمانة مع مقامك الكريم وتقديرا لجهادك الضخم في خدمة ما أؤتمنت عليه تستلزم أن نطلب منك أن تقف بحزم في وجه كل المتخاذلين الذين جعلوا من (جازان) قصصا لذيذة لعناوين الإعلام ومقالات الكتاب وسهرة للتشفي على مواقع التواصل الاجتماعي. الصحافة، هنا، لا تصنع الأخبار ولكنها تذهب لمن يتسبب في صناعتها. تذكر، أيها الأمير أن مجرد اثنتين منها كانتا كفيلتين بزلزلة وزارتين في أقل من شهر واحد وما زالا على رأس المكان وكأن شيئا لم يكن. مثل هؤلاء لا يصادرون مشروعك الاستثنائي فحسب، بل يجران الإعلام والمجتمع إلى مزيد من عناوين (المنجم). المقال نُشر بصحيفة الوطن الثلاثاء 9 4 1434ه