الزمن الجميل ،عبارة بدأنا نعتاد على سماعها كثيرا هذه الأيام سواء في مجالسنا ،أو في قنوات التقنية المختلفة ،فالمتابع يلاحظ ذلك الاهتمام الشغوف بكل ما يمت للماضي بصلة فأصبحنا نشاهد المقاطع الصوتية والمرئية القديمة تنتشر بشكل لافت في أوساط المجتمع ،وأصبحت تندرج ضمن مسمى (الزمن الجميل ) في إشارة مضمرة إلى إزاحة الجمال عن الزمن الحالي ، ووقف كل المعاني الجميلة على الماضي . وهذه الأيام –ونحن نعيش أجواء عيد الفطر المبارك- ما عليك أيها القارئ العزيز إلا أن تثير بكلمة أو كلمتين موضوع مظاهر الفرح في أعياد الماضي لتجد فيضا من المشاعر يتحدث عن ذلك الزمن الجميل بكل نقائه وصفائه وألفته وأفراحه وأنسه على عكس أعياد أيامنا هذه التي انسلت منها كل تلك المعاني الجميلة . لكن لماذا لا نتوقف عند عبارة (الزمن الجميل ) هذه ؟ ونحاول قراءتها بشكل واع ،ثم نتساءل هل هذه الأفضلية للماضي هي أفضلية عاطفية فقط ؟ وهل كل ما في الزمن الجميل جميل حقا ؟ ألم يكن الزمن الجميل في وقتها حاضرا ،وقد سبقه زمن جميل أيضا ؟ وهل أيامنا هذه ستكون في يوم من الأيام زمنا جميلا ؟ إنني أعتقد أنه لا أحد الآن ممن يحن لذلك الزمن الجميل يرغب العودة للعيش فيه – لو كان ذلك ممكنا – فالذي يحدث أننا نكتفي بمحاسبة الزمن عاطفيا دون تأمل عقلاني لإيجابيات وسلبيات كل من الماضي والحاضر في حيادية بعيدة عن المبالغة في تزيين الماضي أوتشويه الحاضر .