مع تباشير فجر يوم العيد ونسائمه الندية التي تعطر قلوبنا بالفرح والبهجة نزف التهنئة لكل من صام، وقام، واجتهد في شهر الرحمة لينال جائزته، مغفرة وعفوا. «فكل عام وأيامكم أعياد» والسعادة قناديل تضيء لياليكم في زمن الأفراح القصيرة. لم يعد من عبق ذكرى الاحتفال بالعيد إلا تلك العبارات التي نبدع في صياغتها، ونحمل البعض منها صورا وموسيقى تدندن بفرحنا المعلق بمجيء العيد، والذي لا يمكث بيننا إلا اليسير من الوقت ثم يتلاشى مغادرا مع وعد منه بعودة. لا ندري هل أصبحنا طاردين للبهجة أم هي من ترفض المقام بيننا، فكل الأشياء حولنا لا تشجع على استمرارها لذلك تسكن عيون الأطفال برهة ثم تغادرنا إلى آخرين بسطاء حد الكفاف لكنهم سعداء يضحكون ملء أفواههم الخاوية وقلوبهم المخضرة رغم الجفاف، ثمة أمل يسكن فقرهم وعوزهم أن القادم سيكون أفضل لا محالة. ونحن تثقلنا هذه المواسم فهي تدفعك إلى تغيير روتينك اليومي، والخروج من الصومعة لترى أسرتك وجيرانك وتتبادل معهم التهاني ورأسك إلى الأرض أقرب فمثل هذا الوقت وأنت في سباتك، اعتدت طوال العام أن صباحك يبدأ بالنوم ومساءك هو إطلالتك البهية على الحياة، لهذا تتلاشى أعيادنا قبل أن تبدأ، تعودنا أن نعيش بالمقلوب والعيد لا يأتي إلا مع البكور عند انبلاج النور وعبق الطين مع الندى يبعث نسائمه باردة تنعش الأرواح. ومع ما كسا حاضرنا من الاختلاف إلا أنه لازال فينا من يوقظ الإحساس بالفرح، أولئك الذين غنوا ورقصوا في أعيادهم وهو ليس يوما وينتهي بل يسبقه ويعقبه أيام وتلك الدفوف يتعالى طرقها والكل يتمايل طربا مرددا أهازيج لا تقال إلا في تلك المناسبات وكلها تشي بالأمل والفرح حتى وإن كانت القبيلة لتوها ودعت أحدا أو خرجت من مواجهة خسرت فيها الكثير، الحياة علمتهم أن الحزن واجترار المآسي يعتبران نذيرا بما هو أكثر إيلاما مما مضى. وكم هي جميلة عبارات التفاؤل عندما نعتاد تداولها، إن لها ألوانا آسرة وهي تدغدغ حبالك الصوتية لتبدو وأنت تنشرها إلى الخارج حديقة أزهار نحتاجها في زمن القحط حيث العويل ولواعج الدهر تنظم شعرا ونثرا وتلقى على المنابر والمسارح لتخلف النحيب والدموع. إذا لنكثر من زخرفة الجمل ونشرها في كل وقت وحين، لنحتفي دائما بالفرح حتى وإن لم يتجاوز حدود رسالة أو بطاقة لأن الهدف أن نعتاده، لذا جرب مع كل صباح أن تبادر من حولك بعبارة رقيقة ندية ودعهم يبادلونك ذلك وراقب فيك وفيهم أثر الفعل، وسترى عجبا !!. فاطمة آل تيسان عكاظ