جلست أشواق خلف مكتبها على منضدها الخشبي وهي تنظر للأفق البعيد حيث كلية الطب والمعطف الأبيض كأجمل حلم يراودها منذ نعومة أظفارها كانت أناملها تمتد بكل براءة الطفولة وتشطب مسمى الطالبة من على ملازمها الورقية وتكتب بدلا عنه الدكتورة أشواق ظلت كذلك تكرر هذا اللقب على مسامع أسرتها وزميلاتها حتى تحول ذلك اللقب إلى مسماها الذي تتباهى به بين الجميع أقول الجميع لأنها كانت تحب الجميع فقلبها الطاهر لا يعرف الكره كانت أشوق تتحول إلى نحلة عندما يمرض أحد أخوتها فتسهر على راحته وتباشره تتخيل نفسها وكأنها طبيبة تباشر مرضاها ومع الأيام تحول هذا الحلم إلى صرح شامخ لكن وآه من لكن كان حلم أشواق (صرحا من خيال فهوى) هوى بهدوء ولم يبقي خلفه أنقاضاً بل توارى وذاب ورحل بعيداً هناك عند أشواق التي أجهز عليها جراح متمكن في مستشفى الموسم العام تحولت أشواق وحلمها الشفاف بتضميد الجراح إلى جرح نازف على معطف طبيب لا مبالي في مستشفى بارد ليس فيه إلا غبرة الصيف وزمهرير الشتاء وأحضان الكهوف وسراديب القبور طبيب لو تحدث معك ظننت نفسك حشرة تلهو في ملاعب قولف الصراصير داخل أروقة مستشفى الموسم العام . ماتت (أشواق) أقول ماتت ؟؟!! لالالا بل قتلت خطئاً عمداً لامبالاة تحت أي مسمى فليكن لكنها قتلت نعم قتلت وتحولت إلى خبر على صفحات الصحف تحولت الدكتورة أشواق إلى ذكرى ولا يزال ذلك الطبيب الوافد المقيم داخل (مستشفى) مسلخ الموسم العام كالذئب الوديع يتربص بأشواق أخرى يحملها قدرها المحتوم ليديه المعقمتين بمحلول الموت المركز فيتولى سلخها من الحياة وتعلن صحة جازان على صفحات الجرائد مرة أخرى أنها تجري تحقيقا لتعرف ملابسات القضية وتعاقب المتسبب كما فعلت مع (أشواق) وتحقيقها لكن الصحة ورغم مرور شهرين على قتل الدكتورة أشواق لم تنتهي بعد من تحقيقها المزعوم لأنها لم تجد الوقت الكافي نظراً لانشغالها في تجهيز بعثات (عزرائيل) من شبكة مستشفياتها المتقدمة وغداً ربما ولعل وعسى وليت وسوف وبما أنماووو سيخرج التحقيق وستظهر نتائج هذا (الترقيع) لتؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الطبيب باشر الحالة وفق الاجرائات الطبية العالمية وليس عليه مثقال ذرة من خطأ أو تقصير ومستشفى الموسم العام حاصل هو الآخر على شهادة الجودة العزرائيليه وقد قدم للمريضة المذكورة في أدنى!!!! التحقيق كل الوسائل والأدوات والتقنيات المتقدمة وغير المتقدمة (ولا فيه أي قصور)أيضاً والخطأ كل الخطأ على المريضة التي اختارت توقيتاً غير مناسباً لمرضها؟ وعلى أهلها الذين نسوا أوتناسوا عمداً!! عند حضورهم للمستشفى جلب الشاي الدمشقي الأخضر وبعض السجائر الأمريكية للجراح ليمز مز عليها أثناء العملية العزرائيلية وفي الختام ستؤكد الادارة العظيمة لزبائنها الكرام حرصها على راحتهم وصحتهم وعزمها أن تكون بالمرصاد لكل من يتلاعب بحياتهم . هكذا ستكون نتيجة الترقيع (التحقيق) هذا فقط إن أجري ترقيع عفوا تحقيق لكنه لم يجرى أي تحقيق أو ترقيع ولن يجرى فثوب الشؤون الصحية بجازان لم ينقطع الذي انقطع هو ثوب أشواق ولبست بدلا عنه لفة من القماش الأبيض. مر شهران كاملان ونسي الجميع أشواق مثل ما نسيتها الشؤون الصحية بجازان وأتلفت ملفها وأضاعت قضيتها واقفلت عليها بالضبة والمفتاح . وحدها أم أشواق لازالت تجلس هناك على شفا قبر أشواق تنتظر الجواب؟! ويا عالم غدا أي أم أخرى ستنتظر ؟ يا مدير مستشفى الموسم يا .. يا مدير الشؤون الصحية بجازان يا.. يا وزير الصحة يا. يا ناس . رجاء أسمعوا . الذئب لايزال موجود هناك .....!!! [email protected] 5