أرض العُلا    تكاتف أهلي وشعبي لتسريع تحقيق مستهدفات رؤية 2030    إسطبل أبناء الملك عبدالله يتزعم الأبطال بثلاث كؤوس    تطلعات العربي تصطدم بالصفا والعدالة يترقب الباطن    البحرين بطلاً لكأس «خليجي 26»    فاتح ينطلق مع الشباب بمواجهتي الفيحاء والأهلي    ضبط 19541 مخالفًا للإقامة والعمل    «عون الحرم».. 46 ألف مستفيد من ذوي الإعاقة    الإغاثة السعودية.. إنسانية تتجلى وقت المحن    «تليغرام» يتيح التحقق من الحسابات بتحديث جديد    وصول الطائرة الإغاثية السعودية الخامسة إلى مطار دمشق الدولي    وفاة والدة الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    القيادة تعزي الرئيس الأمريكي في ضحايا الحادث الإرهابي الذي وقع في مدينة نيو أورليانز    «911» تلقى 2,606,195 اتصالاً في 12 شهراً    30 % نمو الميزان التجاري في أكتوبر 2024م    استشاري ل«عكاظ»: 5 نقاط مهمة في كلاسيكو كأس الملك    خيسوس وبلان في تحدّي «كلاسيكو الكأس»    نادي سباقات الخيل يختتم مهرجان كؤوس الملوك والأمراء بنسخته العاشرة    3 أندية تتصارع لضم نجم مانشستر سيتي    ما مصير قوة الدولار في 2025 ؟    جمعية «صواب» بجازان تسيّر أولى رحلات العمرة ل«40» متعافياً من الإدمان    4,494 حقيبة إيوائية لقطاع غزة    ضبط 19541 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    المهرجانات الشتوية.. إقبال متزايد على الفعاليات المتنوعة    الصندوق الثقافي يعزز قدرات رواد الأعمال في قطاع الأزياء    رضيع بدوام يجني 108 آلاف دولار في 6 شهور    انطلاق ملتقى دعاة «الشؤون الإسلامية» في نيجيريا    الكذب على النفس    مخلفات العنب تعزز علاجات السرطان    طريقة عمل سندويتشات الشاورما المصري    ثقافة الاندماجات والاستحواذات في القطاع الصحي..!    المرأة السعودية من التعليم إلى التمكين    القيادة التربوية نحو التمكين    مشكلات بعض القضاة ما زالت حاضرة    الفن والابتكار في عالم الديكور والمفروشات    شخصية المدير والنجاح الإداري    الحِرَف اليدويّة بين أيدي المُترجمين    البرد لم يمنع نانسي ورامي من رومانسية البوب    «كود» عالمي للمساجد    ظلموه.. فمن ينصفه؟    حركية المجتمع بحركية القرار    الإنسان الواقعي في العالم الافتراضي    مشاعر الذكاء الاصطناعي    ترمب سيمثل أمام المحكمة قبل عشرة أيام من تنصيبه    روسيا تعترض ثمانية صواريخ أميركية أطلقتها كييف    تأخر المرأة في الزواج.. هل هو مشكلة !    الفاشية.. إرهاب سياسي كبير !    سوق العمل السعودي والتنافسية العالمية    كيف تُخمد الشائعات؟    هدنة هشة ومستقبل غامض في لبنان    2.6 مليون اتصال للطوارئ الموحد    رصد حالات تعشيش لطائر «الرخمة» المهدد بالانقراض بمحمية الملك سلمان الملكية    نجران: القبض على مخالف لتهريبه 14850 قرصا خاضعا لتنظيم التداول الطبي    فرص تطوعية للعناية بالمساجد والجوامع والمصليات النسائية تطلقها إدارة مساجد فيفا    الدفاع المدني: أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة حتى الأربعاء القادم    إيران.. استخراج 100 عبوة مخدرة من معدة شاب    بعد انتشاره في الصين ..مختصون يوضحون ماهية فيروس HMPV ومدى خطورته    الكلية الأمنية تنظّم مشروع «السير الطويل» بمعهد التدريب النسائي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 02 - 04 - 2011

من البائس، تحويل العمود الكتابي، إلى مجلس عزاء، أو بطاقة تهنئة. خصوصا حين يتعلق الأمر بالشخصي والقريب والذاتي. سواء كان الأمر متعلقا بنعي وفاة، أو ترويج كتاب لقريب. بتعزية أهل، أو إشادة بأخ شقيق.
لكن الفاجعة تصبح أحيانا شيئا يفوق التعهد الشخصي. تحاصرك بوجعها، وبأنين أهلها. وتغدو مسارا يغلق عليك بقية المسارات. القضية باختصار: أن «أشواق»، كانت تحلم يوما أن تكون طبيبة، فجاءها الموت على يد الطبيبة.
أشواق، البنت التي لما تقضي حلم مراهقاتها، في جنوب البلاد البعيد، وفي مستشفى حكومي، يندرج كل موظفيه، تحت طائلة مقولة «كائنا من كان»، قضت آخر أنفاسها، وودعت مراهقتها، وأحلامها، ورحلت بنت السابعة عشرة، لأن المستشفى البقالة ، لم يكن يحوي في بنك الدم، ما يكفي لإنعاش فتاة بعمرها.
الخطأ الطبي، مكرور، وكثير. يتزايد بقدر ما تتناقص كفاءة أطباء الصحة. وحين تجيئنا الحكايات البعيدة، من بلاد «الكافرين» خصوصا، عن أخطاء طبية، لم يقدر الغرب «الكافر»، بكل جبروته التقني والمادي، أن يتفاداها، وبرغم تقدمه العلمي المذهل، أن يتخطى عقبتها اللعينة. حين تجيئنا الحكايات، من لوس انجلوس، وايوا كلينك، وبرلين، وفرانكفورت، ومستشفيات التخصصات الجامعية الدقيقة، فإن جازان مثلا، ليست نشازا من بين بلدان العالم، لكي لا يحدث فيها خطأ طبي، لفتاة في السابعة عشرة من عمرها، يحيلها به، من طالبة الثانوية العامة المجدة، مريضة بالزائدة الدودية، إلى جثة ميتة، تخرج من باب خلفي للمشفى، ولتستقر بدلا من طاولة الفصل وكرسي الدراسة، إلى نعش الجنازة، وحفرة القبر.
الخطأ الطبي الذي يحدث في الغرب الكبير والبعيد، يحدث من بشر على بشر. يتحملون بعده إثم الخطأ. يجيء للعائلات من رسائل الاعتذار، وشيكات التعويض، ما لن تنسى به طيف الراحلين خطأ، أو ما ذهب من أعضائهم، لكن ما يهبك حسا بكونك إنسانا بشريا، تملك حق الكرامة، وحيز الوجود، ولو لسلام، أو كلام، أو رؤية مدير وحدة، أو قسم تمريض.
ماتت أشواق. ليست الأولى. وبالطبع: ليست الأخيرة. في إدارة تمديد زيارة وقت المرضى، وتسويف إنشاء المستشفيات العامة، والجديرة بعلاج مواطنين بشرا، بعيدا عن ذباب غرف العناية المركزة، أو صالات المستوصفات المستأجرة، تحت أيدي أمهر السباكين وعمال التلحيم واللياسة، القادمين بفيز الاستشاريين وأخصاء الجراحة الدقيقة في المخ والجهاز العظمي والهضمي، لا في حفر التفتيش، ولا أنابيب المياه الملوثة.
شيخ القرية الحزين، على واحدة من بنات قريته، يقسم أن يرفع الأمر إلى الجهات المختصة. أشواق أهل أشواق، تزداد ولعا، كلما لمحوا في الأفق إمكانية محاسبة مخطئ، وعقاب تقصير. مستشفى عام، يشغله أطباء، برتبة قتلة أحيانا، ومستهترين أحيانا أخرى. لأن دما لم يكف، وأحيانا لأن التخدير لم يكن مناسبا لعمرها وجسدها الضعيف، وأحيانا، لأن الخطأ خطأ، ولأن الأقدار والأعمار بيد الله، «والله يعوضكم خير».
تمت مواراة أحلام أشواق مع جثمانها الصغير. طالبة الصف الثالث ثانوي، يفتقد زميلاتها في الفصل مكان طاولتها الفارغ. تتذكرها المعلمة بصمت. أهلها يلمحون مكان نومها بحزن آسر. أبناء عمومتها، أزالوا اسمها الآن من خارطة أحلام شريكة العمر. كراريسها الصغيرة، رسوماتها، حقيبتها، تشكل موسم حزن كبير لكل القريبين منها. وحدها إدارة المستشفى العام بجنوب جازان، فائح السمعة، وحاوي أكبر أخصائي الاستهتار بأعمار البشر وكرامة الحزن البشري، يسرحون ويمرحون، تجلجل ضحكاتهم، وترن هواتفهم بغبط ليست فيه تأكيدا مكالمة واحدة تخص أهل جثة جزرت على أيديهم.
يضحكون فرحين، غير حزينين، تأكيدا لأن أحدا منهم، ولو عقابا، وإلى الآن، لم يفقد أشواقه.
[email protected]
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 252 مسافة ثم الرسالة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.