إن الحرَث بدأت تندب حضها العاثر على مفترق المصوغات المستجدية بتمتمات الصوت الحزين المتجهة نحو المجهول الذي ألمَ بها عن قرب احتضارها بنظرات المتأمل لسراب الشوق والحنين بأهزوجة الأيام والليالي الملاح التي قد تكون شيئاَ من الذكرى التي قذفها بحر النسيان على شاطئ ملئ بالمخاوف على ومضات الأمل . طال البعد وطال الشوق المكنون الذي قد يتطاير كتطاير أوراق الشجر في فصل الخريف مع حلول العاصفة , فترسبات الأحداث دعتها تحلق إلى حنايا القادم من بعيد لتتعرف على تقاسيم الخطر المحدق بها وتنشد الركبان عن الأحزان والخلجات والعبرات الموؤدة في خلدها التي طالما أسهرت مضجعها لعلها تجد لها الإجابات التي تنقي خاطرها من شوائب المخاوف المظلمة كظلمة الليل البهيم الذي جافته نجوم الأحلام المتلألئة في زمن التساؤلات . فحال النازح النائي المبعد عن أرضه الحائرمن تربصات الزمن بأشد عبارات التهكم المنشطر من عتبات فراق مسقط الرأس ,ومتعب الكاهل الذي تبدل سكنه من القصور والفلل إلى خيم تعتريها العواصف والحر من كل جانب أو تجده متنقل من عش إلى عش آخر كطائر الكناري الباحث له عن مأوى , فالبسمة قد غابت عن ثغره الأغر وتبدل حاله من زمن الفرح إلى زمن الترح . نائي بصوت الناي ناء من أرضه مجبراً ولا يدري بأن النوى الذي نواه قد ناء حارثي قد كان يحرث أرضه فيما مضى واليوم حرثه هشيماً ومسكنه مهدم البناء يشكي داء الأسى من بعد ما كان آسياً يندب حظه العاثر بفراق أرضه الغناء فالحارثي ضرغام من نسل ضراغم لا يضيره ولايخيفه شراذم بغاة جبناء إن الحرَث تكالبت عليها ظروف القهر وارتشفت من كأس المرارة بملء فيها فتواصلت بها الآهات المنبعثة من تجاويف قلبها فتوارت خلف قضبان البعد ريثما يلوح في الأفق خيط الفجر الجديد الذي يبشرها بتدفق دم الحياة إلى شرايينها ليعود لوجناتها البهاء الذي فقدته مع تصاريف القدر لتكون شاهدة على ما كان وما سيكون ,إن كان لها شئ من مرادها المكنون , فكانت بحالها اليوم لتكتوي بنار الشوق والوجد . بكى لبكائها الغروب حتى أحمرت مدامعه ونعاها طائر الشجن في صبيحة العيد حزن الحزن لحزنها وحاك ثوبه الأسود ودمعت عينا الفج والعصابة من بعيد وتبرجت عبرة الحزن الأليم من وجهها لأطياف الصبابة العابرة لعلها تجد ما تريد فهاهي المياه عادت لمجاريها وعادت الحياة , ولاح في الأفق الفجر الجديد بالبشارة وبالنغمات الشجية المنتشية ببراهين الأمان الذي انتظرناه , فالزهر قد تخضب بالندى , واستساغت تعابير النفحات على التربة المخملية وبنخيل الأودية المتعانقة والمتراقصة على سيمفونيات زخات المطر, وتعالت تغاريد طيورالصباح على أشجار الأراك مستبشرة بزوال الخطر. وبتمايل أشجار السدر المثمرة بحفيف أغصانها المتدلية على الظلال الوارفة ,وبتنهدات الفل المرصع في مكامنه , وببزوغ عقد الكاذي الذي يطل كإطلالة الوليد , وبهبوب نسمات السيل التي تشفي علة المشتاق , فقد تبدل الحال من مدافع ودبابات إلى أهازيج ومفرقعات أفراح , والسحابة السوداء قد انقشعت وحل مكانها وميض الأمن والأمان . أما آن لنا أن نعود ؟ وأما آن لنا أن نعود ؟؟؟؟!!!!!!!!!!!!!! علي بن أحمد أبوعقيلة