حكم قاض في المحكمة الجزئية في محافظة الأحساء، أخيراً، بسجن مواطن لمدة 18 شهراً. بتهمة مساعدة والده في «حبس» والدته، ومنعها من الخروج من المنزل، لمدة ثلاث سنوات. وأنه قام بمساعدة والده، بنزع قلادة والدته من عنقها، وضرَبَ فمها بإصبعه.ودافع المتهم عن نفسه بأنه «يسكن في بيت مستقل. ولم يقم بعمل هذا الجرم»، معتبراً أن هذا الاتهام «ليس دليلاً عليه»، مؤكداً أنه «يحب والدته، ويقدرها. ولا دخل له في الخلاف بينها وبين أبيه». ولم يقدم المُدعي «وكالة» أمام القاضي عامر الودعاني، «أي دليل يثبت التُهم الموجهة» بحسب الابن، الذي طالب «إما البيّنة على المُدعي. أو تؤخذ يمينه». إلا أن القاضي أصدر حكماً على المتهم، بالسجن لمدة 18 شهراً. وأثارت كلمة «لاحتمال» الواردة في السطر الثامن من الصفحة السادسة من صك الحكم (تحتفظ «الحياة» بنسخة منه)، حفيظة المتهم، إذ ورد: «لاحتمال أن يكون المُدعى عليه قد ضرب والدته، وأدماها، وسلب مصاغها». فيما قال القاضي ل«الحياة»: «إن الحكم لم يبن على الاحتمال، وإنما على اعترافات الابن، بمشاركته والده في سجن أمه، لمدة ثلاث سنوات، وأنه كان يعمل على تمديد مدة السجن، وهي جريمة تعتبر أشد من الضرب وأخذ المصاغ». وتقدم المُدعى عليه، بلائحة اعتراضية على حكم القاضي، الذي منعه أيضاً من سماع شهوده في مدينة الدمام (على حد قوله). وسأل المدعى عليه في خطاب رفعه مع لائحته الاعتراضية، إلى رئيس محكمة الاستئناف في المنطقة الشرقية الشيخ عبد الرحمن الرقيب (تحتفظ «الصحيفة بنسخة منها): «هل يخطر في بال أي متخصص في القضاء الشرعي، أن يحكم على مسلم بالسجن من دون بيّنة، بل ب«الاحتمال»؟ وهل تنتهك حقوق المسلم، وتصدر في حقه العقوبات، وتقيد حرياته، بسبب احتمال قيامه بفعل لم يثبت، والتسبيب بالاحتمال يستدعي القول باحتمال عدم قيامه بفعل، وهذا يؤكد مخالفة هذا الحكم لقاعدة قضائية كونية، شرعها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهي: «البيّنة على المُدعي واليمين على من أنكر». كما سأل: «هل الاحتمال بينة؟ وهل يعزر المسلمون بالاحتمالات؟ وهل جاء في الشرع المطهر ما ينص على حجية الاحتمال في الأحكام القضائية؟ أليست القاعدة الشرعية تقول: إذا دخل الدليل الاحتمال سقط الاستدلال به؟ فكيف إذا لم يكن هناك دليل أصلاً؟». وأكد أن دعوى المدعي «لم تثبت شرعاً، ما يؤكد براءتي من هذه الدعوى وسقوطها على قارعة الاحتمالات». في المقابل، أوضح ناظر القضية الشيخ الدكتور عامر الودعاني، في تصريح ل»الحياة»، أنه حكم على المُدعى عليه (الابن) في البداية، بالسجن لمدة ستة شهور، وبعد أن تم رفع القضية إلى محكمة التمييز، وبعد درسها من قبل القضاة المختصين، رأوا أن الحكم «مخفف»، نظراً لشناعة الفعل وعظم الجريمة المرتكبة» بحسب قوله، مضيفاً «طالبوا بإعادة درس القضية، وزيادة فترة السجن، وأعيدت المحاكمة، وتمت زيادة فترة سجنه، لمدة 18 شهراً». وأكد الودعاني، أنه حاول «إقناع والدته بالاكتفاء بجلده. إلا أنها رفضت ذلك، وطالبت بسجنه فقط»، مبيناً أن «الحكم لم يقم على الاحتمال، فالابن أقر بعلمه بأنها مسجونة من قبل والده لمدة ثلاث سنوات، وأنه شارك في ذلك. كما أقر بضربها، وإدماء فمها، ولطم أنفها، وأخذ مصاغها». وأبان أن الحكم «لم يصدر لأنه ضربها فقط، بل لأنه كان يريد زيادة فترة سجنها في المنزل، لفترة طويلة». وشرح القاضي، تفاصيل القضية وحيثياتها، مبيناً أن «الزوجة كانت على خلاف كبير مع زوجها، الذي قام بسجنها في المنزل لفترة تزيد على ثلاث سنوات»، مضيفاً أن «أقاربها حين كانوا يطلبون لقاءها، كان الزوج يعتذر عن عدم السماح لهم، بحجة أنها لا تريد مقابلتهم. واستمر هذا الوضع إلى أن عاد أحد أشقائها من السفر، وطلب لقاءها. إلا أن الزوج كان يقابله بالعذر ذاته. وبعد مرور شهرين من وصوله، وقعت حادثة مرورية لأبناء إحدى شقيقاتها، أدى إلى وفاتهم جميعاً. وتفاجأ الشقيق بعدم حضورها مراسم العزاء، وعندما سأل عن السبب فوجئ بالعذر ذاته، وهو ما أثار حفيظته. إلى أن اكتشف أنها مسجونة في المنزل. وأنها تعرضت إلى الضرب والاعتداء من قبل الابن. وتم رفع قضية على الزوج والابن في المحكمة»، لافتاً إلى أنه «لو لم يعلم شقيقها بسجنها، لبقيت كذلك لفترة غير معلومة». وأعاد الودعاني، التأكيد على أن «الحكم ليس لاحتمال الضرب، لكن لجرم أكبر، هو أن الابن كان يريد استمرار سجنها لفترة أطول». وكشف أن «محكمة الاستئناف رفضت اللائحة الاعتراضية التي تقدم بها المُدعى عليه، باعتبارها «غير وجيهة»، وتم تصديق الحكم وتثبيته. كما جرى إرسال الحكم، للتنفيذ».