فتيات في عمر الزهور أجبرتهن ظروف الحياة على قبول "زواج المسيار"، والخضوع لشهوة الرجل الأنانية أحياناً، والعيش على وهم لم ولن يستمر طويلاً، مهما كانت المغريات..بل إن الأمر تحول إلى مزايدات وتجارة، فحين تطلب المرأة الطلاق والخلاص من هذا "الزواج الفاشل" تتفاجأ برد الزوج "أطلقك بمبلغ وقدره"، أو أنه يضع رقماً للمهر في عقد الزواج ولم تتسلم المرأة ربعه، ثم إذا طلبت الخلع أو الطلاق حصل على المبلغ كاملاً، وترك المرأة الفقيرة تعاني الأمرين.. فقر وطلاق!. في هذا التحقيق نتناول "زواج المسيار" كمشروع استغلال وظلم للمرأة، ونروي بعض القصص والآراء حوله؛ لبيان كم عانت المرأة في مجتمعنا من هذا الزواج.. الضحية الأولى وهي أغرب وأصعب حالة انفصال لهذا الزواج وأشدها إيلاماً..الشابة "فاطمة.خ" من مدينة الرياض، شابة في العقد الثالث..بعد طلاقها من زوجها الأول لم يأوها سوى منزل متهالك في أحد الأحياء القديمة بالرياض، لديها ستة من الأبناء، وجدت نفسها مضطرة لزواج المسيار لتحسين وضعها المادي، حيث تسكن منزلا بلاسقف، واتفقت مع زوجها عند عقد النكاح على الخروج معه لساعات خلال النهار في أحد الفنادق، واشترط الزوج عليها استعمال موانع الحمل، وأن تجتهد بأن لا تحمل منه، وأنه سيغيب عنها ويعود متى شاء، وعليها أن تتوقع الانفصال في أي لحظة، وبعد الدخول بها وفي ليلة الزفاف يتفاجأ الزوج باتصال من زوجته الأولى، فارتبك وتبدلت أحواله، فأعاد زوجة المسيار من الغد إلى منزلها، وتركها شهراً كاملاً؛ معللاً ذلك بالبحث عن شقة، حيث نصح مأذون الأنكحة بالابتعاد عن الفنادق. عاد يطلبها للخروج معه بعد خمسة أشهر وكانت مريضة، واعتذرت عن الخروج على أن يعود إليها في الغد لتخرج معه ليجدها فرصة للخلاص منها، ولكنه رفع دعوى كيدية في المحكمة أن الزوجة لا تريده، كما أخفى أن زواجهما في الأساس مسيار كي يتمكن من استرداد مهره، رغم أن مأذون الأنكحة على علم بحقيقة الأمر، واستدعتها المحكمة العامة بالرياض، وكانت الجلسة الأولى، تبعتها جلسات أصر فيها الزوج على رأيه، وأصرت الزوجة على أن تبقى في ذمة زوجها شريطة أن تبيت في منزلها مع أولادها، والزوج يرفض ذلك رغم اتفاقهما قبل الزواج، وكل ذلك ليرغمها على طلب الطلاق بنفسها لكي تعيد له المهر، ولكنها ظلت تقاوم من أجل أن تبقى على ذمته، خاصة أنها قد اشترطت مصروفا شهريا من زوجها 2000 ريال، وهو ماجعلها تقبل بهذا الزواج، ووافقها الزوج الذي نقض ماتعاهدا عليه بعد الزواج، ثم كان الخبر الصاعقة، القاضي حكم بطلاق الزوجة منه، وقال لها: (خلعتك من زوجك وعليك دفع 35 ألف ريال) وهو نصف المهر وذلك مراعاة لظروفك الصعبة، والسؤال: هل يعقل أن هذا الزوج دفع مبلغ سبعين ألف ريال. شعرت الزوجة بمرارة الظلم فهي لاتريد الطلاق، فلا مال لديها لتعيد مهر طليقها، وبكت أمام القاضي لينظر في أمرها فهي لاتريد الانفصال، ولكن القاضي أصر على أن يطلقها؛ وعلل ذلك أن قضيتهما يجب الفصل فيها ولا يود أن تبقى معلقة، ومن الأفضل أن يطلقها منه، وتطالبها الحقوق المدنية الآن في تدبير المهر أو السجن، رغم الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها، حيث تعيش في منزل موحش بلا سقف، ولكنها أرادت البحث عمن ينقذها مما هي فيه وقد توخت في هذا الزواج الخير، ولكن "أشباه الرجال تنكروا، واستفردوا بالنساء الفقيرات"!. وقال المحامي صالح بن ناصر القحطاني الذي وقف على القضية ان هذه دعوى كيدية راحت ضحيتها الزوجة ظلماً وجوراً، فالزوج لم يقر بأن الزواج مسيار، وعليه إما أن يمسكها بالمعروف أو يسرحها (دون عوض). الضحية الثانية "آمال" -عمرها 24سنة- ضحية أخرى، تزوجته بعدما أغراها وأغرى أسرتها بالمال، وأنجبت منه طفلاً، وبعد سنة كان مصيرها الطلاق؛ معللاً عدم الانسجام فيما بينهما، حيث الفترة الزمنية القصيرة التي يقضيانها معاً، واعترفت أنها كانت مقبلة على هذا النوع من الزواج لتهتني بالمال والرفاهية ولم تر لوعوده واقعاً، فلا سفريات كما وعدها، وتعترف بأنها كانت مشتتة فلا تعرف متى سيأتي ومتى سيرحل؟، ولم تكن بينهما سوى المفاجآت وطفل أشبه باليتيم!. الضحية الثالثة "وصايف" ظهر رقم جوالها لدى زوجها "المسياري"، حيث كان من سوء حظها يتواجد مع زوجته الأولى، فغضب منها، وطلقها فوراً؛ بحجة أنها خالفت الاتفاق بينهما، وهو ألا تتصل عليه ولاتبحث عنه وإنما هو من يطلبها، والنهاية عادت إلى بيت أهلها بعد أن قضى منها شهوته، ونزوته الأنانية، ليكون الطلاق بتعجل وبدون وعي، وكأنه مبيت لأتفه الأسباب!. نتيجة متوقعة وعلق الشيخ ابراهيم بن حمد الجطيلي -إمام وخطيب أحد الجوامع بعنيزة- قائلاً:" هذا ماكنت أخشاه.. وماتلك النتيجة التي آلمتني وتلك الضحايا إلا أحد الأسباب التي جعلت من الشيخ ابن باز -رحمه الله- يبطل هذا الزواج؛ حتى وإن كان العقد صحيحاً؛ لأنه لم يشهر زواجه لدى الأهل والأقارب، وغالباً ماتنتهي تلك الزيجات بالفشل، وماهذه النماذج إلا نتيجة لتلك الزيجات، ورغم اني عقدت أكثر من زواج من هذا النوع، إلا أنني لم ولن أرضى عنها، ولست مؤيداً لها، لذلك إن لم نتحرّ عن الحالة الاجتماعية للزوج، والأسباب المقنعة للزواج فمن الأولى عدم القبول، فكيف لزوج أن يطلب من زوجته عدم الحمل؟، أليس لتلك الزوجة مشاعر حالها حال النساء، وكيف لها أن تقبل بذلك الشخص؟، فما هو إلا رجل أراد أن يشبع غريزته ليس إلا"، مشيراً إلى أن من الأسباب التي تجعل الزوج يقدم على هذا النوع من الزواج هو خوض تجربة جديدة، أو أنه يريد الابتعاد عن مسئولياته لدى الزوجة الأولى، أو تأديبها، فيفشل زواجه من الثانية، ولهذا كرهت هذا النوع من الزواج.