زواج المسيار هو الزواج الذي يتم بعقد شرعي كعقد الزواج العادي يترتب عليه حقوق يضمنها العقد للزوجة مثل الصداق، الانجاب، السكن، النفقة، الإرث، الطلاق، اقتسام المبيت، ولكن وبعد مرور أكثر من عشر سنوات على ظهور زواج المسيار ما هي النتائج الايجابية التي حققها هذا النوع من الزواج داخل المجتمع السعودي؟.. وهل أسهم في بناء الأسر وعمل على متانة التكافل الاجتماعي للنساء اللاتي لم تخدمهن الظروف الأسرية وقبلن به كأحد الحلول لهذه الظروف؟.. لماذا يقدم الرجل السعودي على زواج المسيار بصراحة؟ ولماذا تقبل المرأة على التنازل عن حقوقها الشرعية التي ضمنها لها العقد؟ وهل لمأذوني الانكحة دور في جهل المرأة في التنازل عن حقوقها؟.. هل لزواج المسيار ضحايا؟ ومن هم؟ في هذا التحقيق سوف نناقش الآثار الاجتماعية المترتبة على زواج المسيار من واقع تجارب حقيقية لبعض النساء وكيف يغفل بعضهن عن حقوقهن الشرعية في النكاح، والعمل على وضع ضوابط للحد من تفاقم مشاكل المطلقات من زواج المسيار.. خاطبات وخطاب لزواج المسيار بعد تحليل زواج المسيار برزت فئة من خاطبي الزواج من النساء الرجال للعمل في هذه المهنة (الخطبة) التي تدر على صاحبها مبالغ وفيرة نظير ذلك خاصة أن أمور الخطبة تمر بسرية تامة وخاصة للرجل الراغب في الزواج، ولكن ذلك ادى إلى فشل الكثير من زيجات «المسيار» لما يحدث فيه من الغش والتضليل للأسر وخاصة للنساء المخطوبات نظراً لعدم المصداقية في المعلومات عن الخاطب.. ٭ «الرياض» التقت بأم أحمد لمعرفة حقيقة الخطبة في زواج المسيار وكيف تتم؟ تقول أم أحمد مهنة الخطابة مهنة كغيرها من باقي المهن تعمل المرأة فيها بناء على علاقاتها الشخصية والطيبة مع الكثير من الأسر، كما تسهم الخاطبة في مساعدة الراغبين في الزواج على سنة الله ورسوله ودورها لا يتعدى تعريف الأسر ببعضها البعض وبعد ذلك يكون التأكد من العريس أو العروس مسؤولية أسرة العريس والعروس، اما ما يقال بأن الخطابة تغش أو تبالغ أو تكذب بالفعل هذا الكلام يتداول بين الناس ولكن ارجع وأقول بأن الخطابة سواء لزواج المسيار أو غيره تعتمد على ما يقوله العريس أو أهله عنه وأنا أعمل بناءً على المعلومات التي تصل إليّ فالمفترض أن أهل العريسين هم من يبحث عن هذه الأمور فهل من المعقول أن كل خاطب راغب في الزواج نعمل له (بحث وتحري) عن حياته فنحن نخطب له بناء على ما يقول لنا من معلومات وإذا كان الخاطب كاذباً فهذه المعلومات في ذمته. ولا أخفيك أن زواج المسيار (عليه طلب) من الرجال أكثر من النساء وخاصة كبار السن والأغنياء هم من يبحثون عن زواج المسيار وعن مواصفات مميزة للعرايس وبصراحة هم يدفعون نظير هذا النوع من الخطبة الكثير ولكن تحكمها السرية، فالشرط الأساسي لراغب الزواج من المسيار انه لا يريد أن تعرف زوجته أو أهله بهذا الزواج وفيهم من يقول انه لا يريد زواج مسيار انما زواج عادي ومعلن وبعد أن يعقد قرانه على المرأة يرفض اعلانه ويضعها امام الأمر الواقع ففيهم من تخضع وتقبل ومن ترفض، ولكن أحب التوضيح أن أغلب الرجال يريد زواج مسيار ولا يريد أن يتحمل مصاريف أو تكلفة عالية ولا يريد أن يتقيد به وأغلب الرجال أيضاً يكذبون ويقولو ن أن زوجاتهم مريضات ولا يستطعن القيام بواجباتهن الشرعية. تركت المهنة وعن العاملين في مهنة الخطبة من الرجال فلقد دلني أحد معارفي على رجل امتهن الخطبة قبل سنوات وبعد أن عثرنا على (أبو علي) وجدناه قد ترك المهنة وتردد كثيراً في الحديث عن هذا الموضوع وبعد اقناع قال: عملت قبل تقاعدي في مهنة الخطبة التي دخلت اليها صدفة فقد كنت أعمل قهوجيا في احد المصالح الحكومية وفي يوم من الايام أسر لي احد الموظفين من مديري المصلحة أن أبحث له عن عروس للزواج بها (مسيار) على أن يتم هذا الموضوع بسرية تامة وبعد البحث له عن عروس واستطعت التوفيق بينه وبين احدى الأسر حصلت على مبلغ (طيب) منه نظير الخطبة كررتها لكل راغب في الزواج بالمسيار وذلك بسؤالي لبعض الموظفين الذين ابدوا استعدادهم مادام الموضوع تدخل فيه السرية لدرجة أن البعض منهم لا يريد لزميله أن يعلم بنية زواجه وكنت احترم هذه الخصوصية من مبدأ الاتفاق فيما بيننا، ولقد وجدت أن الخطبة تعود بمردود مادي جيد يساعدني على التزاماتي الأسرية بالإضافة إلى أنه عمل شريف، أما كون زواج المسيار يستمر أو لا، أو أن الرجل يتزوج لمجرد البحث عن أمور خاصة هو يحتاج إليها فإنني غير مسؤول عن استمرار زواجه من عدمه فالله هو العالم بنواياه، واغلب من يتجه إلى زواج المسيار يرغب أن يكون في منتهى السرية وان لا يكون سبباً في ضياع بيته وزوجته وابنائه، وبعد تقاعدي من المصلحة تركت هذه المهنة لأنني لم اعد اختلط بأحد. زواج المسيار إهانة للمرأة مريم امرأة مطلقة وضحية من ضحايا زواج المسيار قالت بمرارة (أتحدى) أن يكون في السعودية زواج ناجح ومستمر تحت مسمى زواج المسيار!! أثبتوا لي أعطوني أي تجربة زوجية استمرت أكثر من سنة وعاشت فيها الزوجة مع زوجها وهي حاصلة على جميع حقوقها الشرعية وغير مظلومة (أختي) زواج المسيار كان حلم النساء العفيفات وطموح النساء الراغبات في بناء الأسرة تحت مظلة شرعية لا تظلم ولا تظلم ولكن للأسف صار هذا الزواج مطية لكل من يريد أن يتلذذ تحت مسمى زواج المسيار، اسمحي لي على هذه الجرأة ولكن لابد أن نصارح أنفسنا لابد أن نعرف عيوبنا حتى نصلح شأننا، أنا عندما أتكلم فأنا أتكلم من واقع وتجربة فقبول المرأة السعودية لزواج المسيار (اهانة) لها وللأسف أن هناك رجال يغالطون أنفسهم عندما يقدمون على زواج على هذا النوع من الزواج أنهم يعرفون بأن هذا الزواج هو فقط (للمتعة الجنسية) عبر عقد شرعي وغير مبالين بالحقوق الشرعية الأخرى؟! وليس في نيتهم إعطاء المرأة أي حقوق وأولها النفقة والرجل يعلم يقيناً أن بمجرد أن علمت زوجته انه تزوج عليها سوف يكون طلاق زوجة المسيار واقع لا محالة، بعد وفاة زوجي اخذ أهل زوجي أولادي وهم أطفال صغار رغماً عني وهم لا يزالون في حضانتي وبما أنني لست من نفس المنطقة استسلمت واضطررت إلى الرجوع إلى أهلي وبعد حرماني من أطفالي وطول وحدتي التي استمرت 8 سنوات تقدم لي رجل عن طريق إحدى القريبات فوافق إخوتي الذكور بمجرد أن رأوا عليه سمات الوقار والتدين في ملبسه وهيئته وخيل إليهم انه الرجل الورع التقى الذي لا مجال لرفضه وقبل الزواج اتفقت معه على ضمان حقوقي الشرعية من حيث النفقة والإنجاب وغيرها من الحقوق على أن يتم إشهار زواجه مني فوافق على كل شيء ما عدا إشهار الزواج فوعدني أن يتم ذلك بعد فترة يستطيع أن يرتب فيها ظروفه مع زوجته وبصراحة تزوجته وأنا مغمضة العينين واثقة فيه كل الثقة فكلامه ومنهجه الديني في التعامل معي كان سبباً قوياً للموافقة وبعد يومين فقط من الزواج أصبح لا يحضر إلا في وقت فراغه وفي وقت يحدده هو ولغرض يريده هو بالرغم من وحدتي وجلوسي في البيت لوحدي أوقاتاً طويلة صبرت على أمل أن يتغير الوضع كما وعدني وبعدها ازداد الأمر سوءاً وبدا حضوره لبيته الثاني يقل بالتدريج، ونظراً إلى أنني موظفة في وظيفة بسيطة عندما حان موعد إيجار المنزل طلب مني أن ادفع الإيجار بدلاً عنه وأصبح يساومني ويقول اذا رغبت في استمرار الحياة الزوجية بيننا فعليك أن تقومي بالصرف على بيتك وأنه ليس مسؤولاً على النفقة علي، كما يرفض وبشدة أن اذهب معه إلى أي مكان خشية أن يراني احد ومع ذلك صبرت وطالبته بالانجاب قد يكون وجود طفل في حياتي يقطع علي هم وحدتي إلا أنه كان يرفض، وبالرغم من ظلمه لي استمر زواجي معه سنة وبعد أن انكشف امره وعلمت زوجته طلقني واختفى ورجعت إلى بيت أهلي محطمة وبخفي حنين. خدعني ثم طلقني مها مطلقة 25 سنة ولديها 3 أطفال تقول تقدم لي شخص يكبرني 30 عاماً متزوج ولديه أبناء أوهمني بأنه غني عندما قدم لي شبكة ثمينة وبعدها بأيام اصر على والدي أن يعقد قراني عليه بسرعة وان يكون الزواج سرياً حتى يقوم بترتيب أوضاعه مع زوجته وابنائه وبعدها يستطيع أن يشهره ويعلنه، فوافقت بنية صادقة على طلبة ومن ثم أصبح يحضر إلى منزل والدي كل فترة بحجة أن نتعرف على بعضنا البعض وبعدها أوهمني انه قام باستئجار شقة فاخرة في احد الأحياء الراقية وكان يطلب من والدي أن اذهب معه بحجة تأثيث واختيار المفروشات وكان والدي يوافق بحكم أنه أصبح زوجي على سنة الله ورسوله وبالفعل كنت اخرج معه وبعد ان نلف محلات الأثاث كان يختار الأثاث ولكن لا يشتريه بحجة أنه يريد التفصيل في أحد المصانع وهذا يتطلب وقتاً طويلاً وبعد ذلك كنا نذهب إلى الشقة الخالية من الفرش يقوم بمعاشرتي واستمر هذا الوضع عدة أشهر وفي يوم من الأيام أتفاجأ بأنه يرسل لي ورقة طلاقي بدون سبب وكانت الشقة مجرد كذبة استغلها لتحقيق مأربه فكان (الجنس) هو كل ما يبحث عنه ولم يفكر لحظة واحدة في مصيري وموقفي المؤلم مع أهلي بعد الطلاق. تزوج علي واختفى المعلمة منيرة عمرها 35 سنة أرملة تعيش مع أبنائها الخمسة في منزلها تقول بعد مرور عدة سنوات أقنعتني إحدى الخطابات بزواج المسيار وان هذا الزواج سوف يحقق لي السعادة بمجرد وجود زوج يطل علينا ويزورنا ما بين كل فترة وأخرى وبعد إلحاح اقتنعت ووافقت على أن ابقى في بيتي فهو ملك لي وبالفعل وافقت ومنذ أن تزوجته كان لا يحضر إلى البيت إلا في أوقات فراغه وذلك من اجل رغباته فقط فلم يجلس معي أو يأكل معي أو حتى نتحدث كأي زوجين فدائماً يكون مستعجلاً ومشغولاً وبعد مرور شهرين طلقت أختي من زوجها فاضطررت أن اسكنها في الدور العلوي مع أبنائها وبعد أن علم زوجي أقام الدنيا ولم يقعدها ورفض أن اسكنها بحجة أن الإيجار يمكن لنا الاستفادة منه فهو رجل طماع ويتدخل في حياتي مع أهلي ومع ذلك لا ينفق علي بحجة أنني موظفة وأنه لا يستطيع أن يصرف على بيتين انقطع عني فجأة ولم اعرف له طريق منذ أكثر من خمسة اشهر. المرأة لا تقبل التنازل عن حقوقها المحامي والمستشار القانوني الأستاذ إبراهيم فهد الفهيد يعلق برأيه حول هذا الموضوع ويوضح بأن عقد زواج المسيار هو عقد شرعي كعقد الزواج العادي تماماً ويترتب عليه جميع آثاره من حقوق والتزامات لأي من الطرفين تجاه الآخر ويحذر بأنه إذا وُرد في عقد الزواج أي شرط يلزم الزوجة بالتنازل عن أي من حقوقها فيعتبر هذا الشرط باطلاً لأنه يتنافى مع مقتضى العقد (يبطل الشرط والعقد يستمر صحيحاً) ولكن مع الأسف فإن بعض مأذوني الأنكحة يضمنون شروط التنازل عن العقد. ٭ ولكن ما هي حقوق الزوجة في العقد؟ - من حقوق الزوجة التي ينبغي عليها أن تعرفها قبل الإقدام على هذا النوع من الزواج والتي يضمنها لها العقد (سواء كان زواج مسيار أو زواجا عاديا) هي: النسل.. السكن.. النفقة.. الإرث.. المبيت أو القسم.. الطلاق. كما أن أغلب المشايخ الذين أفتوا بجواز هذا النوع من الزواج لم يسمحوا بتنازل الزوجة عن أي من حقوقها بالتراضي إلا عن المبيت أو القسم حيث يكون بالاتفاق الضمني أو التراضي ونحن نعتبر أن الزوجة إذا تنازلت عن حق آخر غير المبيت والقسم التي يتم بالتراضي قد فرطت في أبسط حقوقها. ٭ كيف تضمن المرأة حقوقها في هذا الزواج قبل الإقدام عليه؟ - يجب على المرأة أن لا تتنازل عن أي من حقوقها «لا كتابة ولا ضماناً بالتراضي» وإن كان لا بد من التنازل فلا تنازل إلا عن المبيت أو القسم يتم الاتفاق على أوقات المبيت وتشترط على الرجل إذا خالف هذا الاتفاق يكون حقها الطلاق مع ضمان كافة حقوقها المترتبة على عقد الزواج، ويكون هذا الاتفاق ضمنياً بالتراضي ولا يُكتب بعقد الزواج وإنما يكون بعلم الشهود، كما يجب أن يكون شهود وعقد الزواج من طرف المرأة التي تضمن مصداقيتهم في الشهادة عند الاقتضاء، ولا يكونا من طرف الزوج حتى لا يستغل الشهود الذين أحضرهم في التهرب من التزاماته. من الواجب على المرأة أن تتأكد من أن المأذون مصرح له من المحكمة بمزاولة هذه المهنة ومشهود له بالأمانة والنزاهة، ولا تمكن الرجل منها حتى تحصل على نسخة من عقد الزواج، وإن أرادت الاحتياط أكثر فتتريث إلى أن يتم العقد في سجلات المحكمة. كما يجب أن تحاول الحصول من الزواج على ضمانات السكن المقدم عند كتابة عقد الزواج وقبل التوقيع عليه. بالإضافة يجب على المرأة أن لا تتسرع في قبول من يتقدم لها وتتوخى الحذر وتتحرى الدقة في السؤال عنه والتأكد من أنه قادر على تحمل المسؤولية صادق في نواياه ورغبته في الاستقرار وتتأكد أيضاً من حسن خلقه وكفاءته فإذا احتاطت لنفسها وتمسكت في حقوقها مما سبق ذكره فإنها تستطيع بعد تطليقها الحصول على جميع حقوقها التي ترتبت على عقد الزواج إما ودياً أو عن طريق القضاء. من جهة أخرى يؤكد المستشار القانوني الأستاذ إبراهيم الفهيد بأن هناك نقاطا جديرة بالتأمل يجب على الجميع إدراكها وهي: إذا كان هذا النوع من الزواج قد ابيح كنوع من الرخصة ولأسباب معينة وبما أنه أصبح ظاهرة اجتماعية خطيرة نظراً لأنه أسيء استخدامه فلماذا لا تتدخل الدولة وتضع ضوابط محددة له من حيث الشروط الواجب توافرها في الرجل كي تسمح له الاستفادة من هذه الرخصة وكذلك المرأة وحصر الحقوق التي يمكن أن تتنازل عنها المرأة كحد أدنى لحمايتها من استغلال الرجل لظروفها والضغط عليها (كأن يكون التنازل فقط عن قسم المبيت بالتساوي بين الزوجتين) وبذلك يتم قطع الطريق أمام ضعاف النفوس من استغلال هذا النوع من الزواج لإشباع رغباتهم فقط دون أدنى وازع ديني أو مسؤولية وكذلك حفظ كرامة المرأة وآدميتها، كما يجب الزام مأذوني الأنكحة بالتأكد من تطبيق هذه الضوابط قبل عقد القران. والأهم من ذلك أن أغلب الذين يلجأون إلِى هذا النوع من الزواج السهل قد وضعوا في اعتبارهم بأنهم لن يستمروا طويلاً في هذه العلاقة (أي تكون فيه نية الطلاق موجودة لديهم) وهذا قد ثبت واقعياً في أغلب حالات الزواج فما هو رأي الشرع في ذلك؟؟ وما حكم قول الله عز وجل {فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة} في هذا النوع من الزواج، وحتى وإن وافقت الزوجة مضطرة على التنازل عن بعض حقوقها التي كفل لها الشرع الحنيف كحق خاص لها، الاتجاه العام في الدولة حالياً هو الاهتمام بالمرأة وحقوقها وإعطائها دوراً أكبر في المجتمع ونجد مع الأسف أن الظلم البين والانتقاص من كرامتها في هذا النوع من الزواج نتيجة استغلال ضعاف النفوس له وفراغه من مضمون وسط غياب الضوابط التي تحمي المرأة وتضمن لها كياناً من هؤلاء المستغلين.