بعد ثمانية عشر عاما من الصبر على العنف والأذى النفسي والجسدي، أطلقت زوجة ثلاثينية بمكةالمكرمة؛ نداءات استغاثة خافتة عبر هاتف ابنها المحمول، مستنجدة من خلاله بأحد أشقائها، في الوقت الذي كان يأخذ الزوج المعنف قسطا من الراحة بعد ثلاث ساعات متواصلة من الضرب المبرح لها، ليعود ويكمل مخططه في الإجهاز عليها هي وأبناؤها الخمسة بواسطة سلاحه من نوع «مسدس» محشو بذخيرة كاملة، بالإضافة إلى «رشاش» معبأ ب30 طلقة وحزام رصاص آخر، إلا أن عناية الله أنقذتها من الموت المحقق بعد أن وصل ذووها ورجال الأمن في الوقت المناسب، وتمكنوا من اقتحام الشقة وإخراج الضحايا بعد محاولات استمرت لساعات لإقناعه بتسليم نفسه والإفراج عن أسرته التي كان يحتجزها بثلاث غرف منفصلة داخل الشقة. وبعد زيارة المعنفة (غ.ض) التي ترقد بمستشفى الملك فيصل بالعاصمة المقدسة، إثر معاناتها من جروح وكدمات بليغة، بعد أن قام زوجها الأربعيني مساء أمس بالاعتداء عليها بالضرب المبرح أمام أبنائها وتهديدهم بالمسدس، روت (غ.ض) تفاصيل قصتها قائلة: «منذ 18 عاما وأنا أذوق صنوف العذاب والويل من زوجي، إلى أن كبر أبنائي الخمسة وشاطروني هذا الألم، ولم أكن أخبر أهلي بما أعانيه خوفا عليهم من المواجهة مع زوجي الذي لا يعرف لغة تفاهم غير العنف والسلاح، خاصة أنه مدمن على المخدرات والخمر، بالإضافة إلى أنني خشيت من أن أفقد أبنائي بعد انفصالي عنه فقررت البقاء وتحمل الأذى منه، ففي كل يوم كنت أدعو الله أن يهديه ويرفع الضر عنه، إلا أنه لم يكف عن التعاطي حتى بعد أن أودع بمستشفى الأمل لعلاجه من الإدمان ثلاث مرات». وقالت عن يوم الحادث: «كعادته استيقظ من النوم وهو متوتر ويصرخ ويتوعد بحرمان أبنائه من الذهاب إلى المدرسة ومنعي من الذهاب إلى عملي، وقام بأخذ جوالي وإخراج الشريحة منه، وطلب مني القدوم إلى حجرتي الخاصة والجلوس معه وظل يتحدث لساعات طويلة ولم يسمح لي بالخروج من الحجرة أو مشاركته الحديث نهائيا، وبعد محاولات ضارية سمح لي بالذهاب إلى دورة المياه على أن أجلب له كوبا من الشاي، وبعدها لحق بي إلى المطبخ وانهال علي ضربا بواسطة أربع عصي خشبية وواحدة معدنية بالإضافة إلى سلك لجلدي به»، مشيرة إلى أن ابنها أعطاها بطانية لتضعها على رأسها حتى تحميها من ضربات العصي التي كان ينهال بها على رأسها متعمدا، وهو يطلب منها كتابة استقالتها وطلب طي قيدها من العمل نهائيا، بعدها أخذ يردد «الآن سأطوي قيدك من الحياة» واستمر في ضربها هي وأبناؤها لثلاث ساعات متواصلة، بعدها تركهم وذهب إلى حجرته ليستريح ويعاود تعذيبهم من جديد. في هذه الأثناء تمكن ابنها من الحصول على جواله ومنحه إلى والدته التي تمكنت من الهروب إلى دورة المياه والاتصال بشقيقها وأخبرته بصوت منخفض بأن زوجها سيقتلها هي وأطفالها فسمع صوتها وقام بكسر باب الحمام وأخذها إلى حجرة النوم وحبسها ومن ثم احتجز بناته في حجرتهن والولد في حجرته الخاصة وعاد إلى زوجته وهو يحمل مسدسا يريد قتلها به، وفي هذا الأثناء وصل أبوها وأشقاؤها الذين حاولوا جاهدين إقناعه بفتح الباب لهم إلا أنهم لم يتلقوا أي رد منه مما اضطرهم إلى الاتصال بالشرطة ورجال الدفاع المدني، حيث تم كسر باب الشقة واقتحم والدها وأشقاؤها البيت وشاهدوه وهو يحمل مسدسا وتوجه إلى حجرته الخاصة لجلب الرشاش محاولا إطلاق النار عليهم عندها تمكنوا من الإمساك به وتسليمه إلى شرطة الشرائع والتي بدورها أحالته للسجن لعرضه على التحقيق والادعاء العام، وأخذ الإجراءات الرسمية لتفتيش المنزل وتحريز الأسلحة والذخيرة التي بحوزته، فيما تم نقل المصابة بواسطة الإسعاف إلى مستشفى الملك فيصل وهي فاقدة الوعي تماما وغارقة في دمائها. وأكدت (غ.ض) أنها سترفع دعوى قضائية ضد زوجها وطلب الطلاق منه، بالإضافة إلى توفير الحماية لها ولأطفالها خوفا من تنفيذ تهديده بالانتقام منهم وإلحاق الأذى بهم وبكل من يقف معهم، كما طالبت بتدخل الجهات الشرعية والحقوقية في قضيتها والحصول على كامل حقوق أبنائها من والدهم بعد الطلاق. فيما أبان مصدر مطلع في مستشفى الملك فيصل بالعاصمة المقدسة أن المصابة تعرضت لإصابات بليغة في الكتفين والأفخاذ والظهر ورضوض في أنحاء متفرقة في جسدها بالإضافة إلى ضربات في مؤخرة الرأس والجبهة، موضحا أنها تحتاج إلى الراحة لشهر وبضعة أسابيع حتى تشفى من إصاباتها بحسب الكشف المبدئي على الحالة، موضحا أنها مازالت تحت المعاينة الطبية نظرا لسوء وضعها الصحي.