قبل أيام قليلة تحول اسم «حاتم الطائي» مضرب المثل في الكرم والأخلاق إلى مصدر للنزاع في حائل، وذلك لقيام بعض المتشددين بتغيير اسم مدرسة تحمل اسمه وحذف الطائي لتصبح مدرسة حاتم الابتدائية، حيث اعتبروا حاتم الطائي كافرا ولا يستحق أن تحمل اسمه مدرسة تربوية. كما قام بعض المتشددين بمحاولات عدة لإزالة قبر وقصر حاتم الطائي في قرية توارن التابعة لمدينة حائل، باعتبارها من الآثار الجاهلية التي يجب طمسها لوجود زيارات سياحية من قبل بعض الأجانب، هذا عدا تغيير اسم أحد الشوارع الذي كان يحمل اسمه، رغم الجهود المبذولة لتطوير المنطقة وحرص المسؤولين في المنطقة على تذليل العقبات في سبيل النهوض بمستوى التعليم وتهيئة واستغلال كل ما من شأنه دعم السياحة، إلا أن التجاوب مع أفكار هؤلاء المتشددين ومطالبهم الغريبة، أمر يعطل الهدف السامي للرقي بمدينة حائل. لماذا لا نكون كغيرنا من الدول الأخرى التي تحافظ على تراثها وحضارتها، فها هي الأهرام في مصر تجذب آلاف السياح من كل بقاع الأرض، فمن بنى الأهرام إنهم الفراعنة، وهل هناك كفر أكبر من كفر فرعون حين قال: أنا ربكم الأعلى؟، كذلك البتراء في الأردن التي شيدها الرومان، أما حاتم رجل ذو أخلاق وكرم، ثم إن رسول الأمة، صلى الله عليه وسلم، أثنى عليه حين فك أسر ابنته سفانة، وقال «أكرموها فإن أباها يحب مكارم الأخلاق»، كما قام المؤلف الفارسي الكاشفي بتأليف كتاب بعنوان «قصص حاتم» ككتاب للأخلاق الكريمة، وترجم إلى اللغة التركية، ووصلت شهرته إلى إندونيسيا والهند من خلال رواية «رجل نجد»، فالاهتمام والحفاظ على تراث رجل كحاتم الطائي أمر يجب أن ترعاه الهيئة العامة للسياحة والآثار والمواطنين الذين يفترض أن يكونوا أصدقاء للسياحة وليسوا أعداء لها. ظاهرة التشدد والغلو دخيلة على حائل وامتد خطرها على فكر وطبيعة أهلها، حيث قاموا بالتضييق على أبنائها المعروف عنهم الانفتاح وتقبلهم للآخر وسماحتهم وبساطتهم بالنظر إلى الأمور بدون ريبة وشك، إن ما وقع في حق رمز من رموز المنطقة يعود نسب عدد من قبائل الجزيرة العربية إليه يعتبر إساءة تستدعي التحقيق في الموضوع ووقف أي نشاط مماثل، أما أهل حائل الشرفاء فإنهم مطالبون بإسماع صوتهم للتنديد بمثل هذه التصرفات المشينة، إن لم يكونوا قادرين على التصدي الفعلي لهذا الفكر المتطرف. صيغة الشمري