يوسف الفراج في مقالة في هذه الزاوية بتاريخ 22/2/1431ه بعنوان: \"الأراضي الفضاء والوضع المحيّر \"ذكرتُ ما نصّه:\".. إذاً حريةُ التملك مكفولةٌ شرعاً ونظاماً وهذا هو الوضع الطبيعي ولا غرابة في ذلك ولا تحيُّر , لكن أين الحق الواجب في هذا المال للكافة تجاه المالك؟ فالضريبة لا تؤخذ كما هو معلوم لعدم وجود تشريع بذلك وللموقف الشرعي المانع منها, والزكاة لا تجب على رأي أكثر العلماء إلا في حال انعقاد نية المالك على البيع نيةً جازمةً لتكون الأرض عروضاً للتجارة فتجب فيها الزكاة , وأكثر الملاك يُقرّر أنه لا ينوي البيع في الوقت الحاضر, وبالطبع لا يمكن التصديق بأن الملاك يريدون سكن هذه الأراضي! أو استغلالها بالزراعة والحرث!, إذاً هل يمكن القول إنها وإن لم تكن معروضة حقيقةً للتجارة فهي معروضة حكماً بالنظر إلى المآلات والدلالات فتجب فيها الزكاة كما هو قول البعض من الفقهاء ..\", وفي مقال لاحق له استعرضت رأي مجلس الشورى والذي حدّدّ بعض الضوابط والتي بموجبها يُعدّ العقار من عروض التجارة وبالتالي تجب فيه الزكاة, وهو يلتقي مع ما أشرت إليه في مقدمة المقالة من اعتبار الأراضي الفضاء من عروض التجارة حكماً. أسترجع هذه النقول بمناسبة انعقاد ندوة زكاة العقارات التي نظمتها الهيئة الإسلامية العالمية للاقتصاد والتمويل, وكان موضوع \"أثر النية في إيجاب الزكاة\" حاضراً كمحورٍ مهم في الندوة, وقد اختلف المجتمعون على ثلاثة أقوال - وفقاً ل \"الاقتصادية\" -, فالأول هو القول المشهور بعدم الوجوب إلا بالنية الجازمة , في حين ذهب أصحاب القول الثاني إلى أهمية الأخذ بالقرائن التي تؤكد نية صاحب العقار في البيع، وقالوا :\"\" ينبغي الأخذ بالقرائن لجباية الزكاة من المتاجرين في العقارات خاصة أصحاب الأملاك الكبيرة من المخططات البيضاء والقطع الكبيرة، مؤكدين أن عدداً من أصحاب العقارات الكبيرة يمسكون عقاراتهم حتى تصل إلى أسعار مرتفعة ثم يقومون ببيعها، خصوصاً أن كثيراً من هذه الأراضي لم تصلها الخدمات ولا يوجد حولها بنيان أو أي مؤشر على أن يستخدمها مالكها إلا في بيعها\"\", وقال أهل الرأي الثالث: \"\"إن عرض العقار لدى مكتب عقاري يعدّ قرينةً للاتجار توجب زكاة العقار عليها، ولا تزكى العقارات التي لم تعرض وتركت على حالها\"\". وأكد المناصرون للرأيين الأخيرين أن في جباية الزكاة على العقارات معالجة للأراضي البيضاء الراكدة وتحريكاً لرساميل الأموال وكسراً لاحتكار الأراضي والعقارات الهائلة في المملكة، ودعماً لعدد كبير من الأسر الفقيرة، وأشاروا إلى أن الحكمة من مشروعية الزكاة توزيع الأموال على المحتاجين والمعوزين. لا بد من التأكيد هنا أن من يرى وجوب الزكاة في الأراضي الفضاء وفقاً لما ورد من ضوابط ولعل من أدقها وأشهرها الضوابط الواردة عن مجلس الشورى لا يُجادلون في أن نية البيع شرطٌ في وجوب الزكاة, فهم يتفقون على أنها شرط للوجوب إلا أنهم لا يوافقون على أن من يملك المخططات الكبيرة أو الأراضي الشاسعة لا يقصد البيع بل هو قاصد للبيع ولا شك في ذلك, وعندما يَستفتي فلا يصح أن يُسأل هل ينوي البيع أم لا؟, لأن ظاهرَ الحال دالٌ على نيته ومن ثمّ فالشرط متحققٌ فتجب عليه الزكاة والله أعلم .