اعترف أكبر خبير بالإنفلونزا في منظمة الصحة العالمية بأن تعامل منظمته مع فيروس إتش1 إن1 لم يكن مثاليا. ونفى في ذات الوقت أن تكون المنظمة قد اتخذت قرارات.... خاطئة بتأثير من الشركات العملاقة في مجال الدواء. ونفى كيجي فوكودا أمس الثلاثاء أن تكون منظمة الصحة العالمية تأثرت بشركات الدواء لتضخيم مخاطر الفيروس بإعلانها إنفلونزا الخنازير وباء عالميا في يونيو/حزيران الماضي، وما ترتب على ذلك من حصول شركات الدواء على عقود لتصنيع اللقاحات بملايين الدولارات. وأكدت المنظمة بأنه على الرغم من إصابة عدة ملايين في أنحاء العالم بالفيروس ووفاة عدة آلاف من الوباء ثبت أنه أخف وطأة مما كان يخشاه خبراء الصحة في البداية. وقال فوكودا أمام مجلس أوروبا وهي مؤسسة تابعة للاتحاد الأوروبي تهتم بحقوق الإنسان الذي يتخذ من ستراسبورغ مقرا له "دعوني أقل بوضوح من أجل أن يسجل هذا، سياسات وباء الإنفلونزا وأساليب التعامل التي أوصت بها واتبعتها منظمة الصحة العالمية لم تكن متأثرة بشكل خاطئ بصناعة الدواء". وكان بعض الساسة ووسائل الإعلام قد اتهموا منظمة الصحة العالمية بأنها اعتمدت بشكل مفرط على نصيحة خبراء يحصلون على أموال في صناعة الدواء ممن يمكن أن تكون لهم مصلحة في تضخيم الأزمة. ووجهت للمنظمة دعوة إلى إجراء مراجعة داخلية بشأن الموضوع. وقدمت العديد من الدول طلبات شراء عشرات الملايين من جرعات اللقاح المضاد للفيروس في محاولة لحماية سكانها منه، ولكنها الآن تحاول خفض طلبيات الشراء أو بيع الفائض لديها. وردت منظمة الصحة العالمية بالبيان التالي تفسيرا لتعاملها مع أزمة إنفلونزا الخنازير : إن تقديم المشورة المستقلة إلى الدول الأعضاء لمن الوظائف البالغة الأهمية التي تقوم بها منظمة الصحة العالمية. ونحن نأخذ هذا العمل على محمل الجد ونحول دون الوقوع تحت تأثير أية مصالح غير مناسبة. ولم تقع السياسات التي اتبعتها المنظمة والإجراءات التي اتخذتها في مواجهة جائحة الأنفلونزا تحت أي تأثير غير مناسب من دوائر الصناعة الصيدلانية. والمنظمة تدرك تماماً أن التعاون العالمي مع مجموعة من الشركاء، بمن فيهم شركاء القطاع الخاص، أمر ضروري للعمل على تحقيق أغراض الصحة العمومية اليوم وفي المستقبل. وتوجد ضمانات عديدة لمنع تعارض المصالح أو ما قد يشكل تعارضاً في المصالح بين أعضاء الأفرقة الاستشارية ولجان الخبراء التابعة للمنظمة. فالخبراء الاستشاريون يوقعون للمنظمة على إعلان مصالح يبين تفاصيل أية مصلحة مهنية أو مالية قد تؤثر على نزاهة مشورتهم. والمنظمة تأخذ مزاعم تعارض المصالح على محمل الجد، وهي واثقة من توافر الاستقلالية في عملية اتخاذ القرار لديها بخصوص هذه الأنفلونزا الجائحة. أما المزاعم الإضافية بأن المنظمة اختلقت جائحة "وهمية" بهدف تحقيق مكاسب اقتصادية لدوائر الصناعة فهي مزاعم خاطئة من المنظور العلمي ومنافية للحقيقة من المنظور التاريخي. بينت التحاليل المختبرية أن فيروس الأنفلونزا هذا يختلف جينياً ومستضدياً اختلافاً كبيراً عن فيروسات الأنفلونزا الأخرى الدائرة بين البشر. أثبتت المعلومات الوبائية المقدمة من المكسيك والولايات المتحدةالأمريكية وكندا سراية هذا المرض من شخص إلى آخر. بينت المعلومات السريرية، وخصوصاً الواردة من المكسيك، أن بوسع هذا الفيروس أن يؤدي إلى مرض وخيم وإلى الموت. ولم تكن تلك التقارير قد بينت آنذاك وجود جائحة، لكنها في مجموعها كانت بمثابة إنذار قوي جداً للمنظمة وسائر سلطات الصحة للتأهب لمواجهة جائحة. مع تطور هذه الجائحة حدد الاختصاصيون السريريون شكلاً وخيماً جداً من الالتهاب الرئوي الفيروسي أخذ في التطور اطرادياً بسبب هذا الفيروس وأدى مراراً إلى الوفاة، ولم يكن هذا الشكل قد شوهد من قبل في أنماط الأنفلونزا الموسمية. وإن كانت هذه الحالات نادرة جداً فإنها فرضت عبئاً ثقيلاً على وحدات العناية المركزة. كان الانتشار الجغرافي سريعاً إلى درجة استثنائية. ففي 29 نيسان/ أبريل ذكرت المنظمة أن المختبرات أكدت وجود حالات إصابة في 9 بلدان. وبعد نحو 6 أسابيع، أي في 11 حزيران/ يونيو، ذكرت المنظمة وجود حالات إصابة في 74 بلداً وإقليماً في أكثر من إقليمين من أقاليم المنظمة. وهذا الانتشار العالمي بالذات هو الذي دفع بالمنظمة إلى رفع درجة الإنذار ثم إلى الإعلان في النهاية عن أن الجائحة في سبيلها إلى الانتشار. وبحلول أول تموز/ يوليو كانت الإصابات بهذه العدوى مؤكدة في 120 بلداً وإقليماً. إن العالم يمر بجائحة حقيقية. أما وصفها بأنها جائحة وهمية فهذا قول خطأ وغير مسؤول. وإننا نرحب بأي إجراءات مشروعة لاستعراض الموقف من شأنها أن تحسّن أعمالنا.