الظلم .... ما الظلم ... وما أدراك ما الظلم؟؟؟ تعريف الظلم كما اتفق عليه علماء اللغة .. هو وضع الشيء في غير محله، ويأتي بعكس العدل. وفي الشريعة .. التعدي عن الحق إلى الباطل .. التصرف في ملك الغير والتعدي والتجاوز عليه. وهو خلق ذميم،، وذنب عظيم،، وأذى جسيم،، ووصف لئيم ... قال الله تعالى في الحديث القدسي : " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته محرماً فلا تظالموا..." الظلم ما شاع في أمة إلا أهلكها ... ولا انتشر في بلدة إلا خربها ... ولا حل في قرية إلا دمرها ... فلا يجوز لأحد كائناً من كان أن يظلم عباد الله .... يؤذيهم، أو يضرهم، أو يتجنى عليهم، أو يعتدي على مصالحهم، أو يمنعهم حقوقهم، أو يبخسهم أشيائهم، أو يقصر عليهم فيما يجب عليه تجاههم.. فالخلق خلق الله ... وكلنا عبيد الله... يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم من بطونهم أحراراً) والظالمُ لا يحبه الله،، ولا يهديه،، ولا يغفرُ له - إلا إذا شاء سبحانه وتعالى- وكم من الآيات ورد فيها عدم رضى الرب عن الظالمين.. قال تعالى : "وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ" وقال تعالى : " وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ" صدق الله العظيم. وضرب الله سبحانه وتعالى مثلاً في كتابه الكريم لنبي من الأنبياء ظُلم أشد الظلم وهو يوسف الصديق عليه السلام .. لقد اتُهم في عرضه وهو العفيف،، وسُجن وهو البريء،، وبِيعَ في سوق النخاسة،، وهو الحر الكريم ابن الكريم ... لكن...ماذا كانت النهاية بعد هذه المظالم المتتالية، والابتلاءات المتنوعة ؟؟!! لقد مكَّن الله له في الأرض ... وجعل له العاقبة في الدنيا والآخرة ... وآثره على كل من آذاه وظلمه.. أحياناً يتبادر إلى الذهن سؤالاً مهماً ً... لماذا كثرت المظالم بين الناس؟ وامتلأت المحاكم بالقضايا والخصومات؟ لماذا بغى الناس بعضهم على بعض؟ فالراعي يظلم الرعية ويهدر حقوقهم .. والمسئول يظلم السائلين، ويبخسهم أشيائهم.. والمدير يظلم الموظفين، ولا يعطيهم مستحقاتهم.. والأب يظلم أبنائه، ولا يعدل بينهم.. والزوج يظلم زوجته، ويهدر حقوقها.. والزوجة تظلم زوجها، ولا توفيه حقه.. ونحن نرى أن الإجابة على السؤال بسيطة وهي ... إن الظالم يعتقد انه يمتلك الحق في الظلم، ولديه القدرة على ذلك... واذا نظرنا إلى وجه آخر من وجوه الظلم.... فان الظلم قبيح في نظر كل الناس .. ولكن قبحه أشد وعاقبته أضر إذا كان من ولاة الأمر لرعاياهم حيث يصعب رفعه عنهم وإزالته منهم، لما للحكام من السطوة والأعوان. ولأنه من أهم حقوق الرعية على الرعاة دفع الظلم عنهم، وحماية الضعفاء من جور الأقوياء.. فكل المسلم على المسلم حرام، دمه، وعرضه، وماله، ولا ينبغي للحكام ولا لغيرهم أن ينالوا من ذلك شيئا إلا بحق الإسلام. قال أبو بكر رضي الله عنه عندما ولي الخلافة: (الضعيف منكم قوي عندي حتى آخذ الحق له، والقوي منكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه) وقيل عن الظلم... " إذا دعتك قدرتك على ظلم الناس ... فتذكر قدرة الله عليك " علي بن أبي طالب " الظلم ظلمات يوم القيامة " جاء في الأثر " والظلم من شيم النفوس فان** تجد ذا عفة فاعلة لا يظلم " المتنبي. ونختم كلامنا بقصة لطيفة لملك نوى الظلم، وتذكر أن عاقبته وخيمة، روى المنذري في الترغيب والترهيب، والبيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس رضي الله عنهما... أن ملكاً من الملوك خرج من بلده يسير في مملكته مستخفٍ من الناس، فنزل على رجل له بقرة، فراحت عليه تلك الليلة البقرة، فحلبت مقدار ثلاثين بقرة، فعجب الملك من ذلك. وحدث نفسه بأخذها؛ فلما كان من الغد غدت البقرة إلى مرعاها ثم راحت فحلبت نصف ذلك؛ فدعا الملك صاحبها وقال له: أخبرني عن بقرتك لِمَ نقص حلابها؟ ألم يكن مرعاها اليوم مرعاها بالأمس؟ قال: بلى، ولكن أرى الملك أضمر لبعض رعيته سوءاً فنقص لبنها، فإن الملك إذا ظلم، أوهمَّ بظلم ذهبت البركة؛ قال: فعاهد الله الملك ربه أن لا يأخذها و لا يظلم أحدا؛ قال: فغدت ورعت ثم راحت فحلب حلابها في اليوم الأول؛ فاعتبر الملك بذلك وعدل؛ وقال: إن الملك إذا ظلم أوهمَّ بظلم ذهبت البركة، لا جرم لأعدلنّ ولأكونن على أفضل الحالات خلاصة القول يا جماعة... بالعدل قامت السموات والأرض.. وبالعدل يصلح الراعي والرعية.. وبالعدل تسعد البشرية .. وبالعدل تأمن الرعية.