لم يعد الاهتمام بغذاء الأطفال هما يؤرق المجتمع ولاحتى الأسر في ظل تزايد الهجمات الدعائية التي يقدمها المنتجين لتسويق منتجاتهم المضرة بصحة الأطفال خصوصا فيما يخص المشروبات الغازية والمأكولات السريعة. تقع المسؤلية الكبرى أولا على المنظمات والهيئات الوطنية في تفشي هذه الظواهر والأنماط الغذائية الغير صحية وذلك لسماحها لتلك الشركات بتمرير مخططاتهم من دعاية وإعلان وتسويق لتلك المنتجات التي لاتهدف سوى للربح . لايقتصر الضرر فقط على الأطفال بل حتى البالغين فهم يتأثرون بذلك، غير أن المشكلة تكون متضاعفة ومعقدة عند الأطفال، لأن تأثير هذه المنتجات الغير صحية يصاحبهم في أهم فترات حياتهم التي تعتبر سن ذروة النمو حيث يحتاجون فيها لكل ماهو صحي وغني بالفائدة لذلك كان التسليط على الأطفال أولى من البالغين. الكثير من الناس يخفى عليهم أو يتجاهلون، الأثر السلبي للمشروبات الغازية والمأكولات السريعة على الأطفال من بدانة وتسوس الأسنان وضعف العظام وقلة التركيز والإضطرابات العصبية وسوء الهضم وضعف البنية، وكل هذه المشاكل من المنطق جدا حدوثها وذلك للتركيبة الشديدة الضرر في هاذين الصنفين خصوصا المشروبات الغازية التي تحوي غاز ثاني أكسيد الكربون والكافيين والمنكهات الصناعية وأحماض الفوسفوريك والمواد الحافظة وغيرها من المواد الضارة، وفي المقابل تخفي الشركات المصنعة تراكيز هذه المواد وذلك بغية الإستمرار في انتشار منتجاتها وتمريرها عبر جميع الجهات والقنوات الرقابية داخل الدول. فيما يخص المأكولات السريعة كان ارتفاع الدخل والاتجاه للحياة المدنية في المجتمعات الخليجية عاملا هاما من عوامل انتشار أنماط حياة هنية وفيها من الرفاهية الكثير، مما جعلنا نتخلى عن الغذاء التقليدي والصحي والاتجاه الى هذه الظواهر السلبية في التغذية خصوصا الاتجاه للمأكولات السريعة وذلك لما فيها من عوامل جذب كسهولة في الوصول إليها ولذة في مذاقها نظرا لكثرة المنكهات الصناعية التي تميزها عن غيرها من الأطعمة. قد يكون من الصعب السيطرة على رغبات الأطفال الجامحة تجاه هذه المنتجات ومن وجهة نضري فإن الخطوة الأهم هي تفعيل دور الأسرة التي هي أساس المجتمع لترغيب أبنائها ببدائل لهذه المنتجات المضرة أو على الأقل تقليل الكميات المتناولة بالتدريج للوصول لأقل كمية ممكنة، وفي نفس الوقت على الحكومات مهام كبيرة ممثلة في عدة وزارات كوزارة الصحة التي عليها التشديد في رقابة هذه المنتجات وماتحويها من مواد ضارة والتدقيق على تراكيز هذه المواد داخل كل منتج، أما وزارة الإعلام فمهمتها زيادة توعية الجمهور ومنع الإعلانات المزيفة عن هذه المنتجات خصوصا فيما يخص الاستهداف الدعائي للأطفال، ووزارة التجارة يجب عليها فرض ضرائب وتشديدات من شأنها أن تعيق وتقيد هذه الشركات لتحد من انتشارها وسهولة وصولها للمستهلك، ووزارة التربية والتعليم التي كانت ومازالت لها تجارب ايجابية بمنعها بيع كل المنتجات الغذائية التي تضر بصحة الأطفال داخل المدارس بالإضافة لمهمة توعية النشئ بأضرار هذه المنتجات من خلال المناهج الدراسية، كما لابد من إثراء البحث العلمي وزيادة الدراسات ودعمها من الجهات المسؤلة عن البحث العلمي في كل بلد حول ضرر هذه المنتجات وكيفية تجنبها. قد تكون المقترحات السابقة خيالية للواقع الذي نعيشه إلا أنها مطلب أساسي لتحسين العادات الغذائية للطفل آخذين في الإعتبار أنه لا يكفي أن تعمل كل جهة على حدا فالأهم من ذلك كله هو الاتصال المباشر والترابط بين كل هذه الجهات للوقوف صفا واحد أمام هؤلاء المنتجين. بكالريوس طب وجراحة جامعة القاهرة *