هذا ما يردده الأطباء السعوديون، الذين قررت الحكومة صرف خمسين ألف ريال سنويا، لمن لم تؤمن لهم وزارة الصحة سكنا، تقديرا لمكانتهم العلمية، وتشجيعا لهم للبقاء في مستشفيات الوزارة، بعد أن تخطفهم القطاع الصحي الخاص، برواتب مرتفعة، وحوافز تشجيعية مغرية، لو وفرها لهم القطاع الصحي الحكومي، لما شهد هجرة بعضهم بين الحين والآخر، مما جعل وزارة الصحة تفكر في وضع سلم جديد للأطباء السعوديين، أقره المليك، وسمعت كثيرا من الأطباء يثنون عليه، بوصفه أبا، ومتفاعلا مع قضايا الإنسان السعودي، ومن ثم فليس أمام وزارة الصحة سوى تنفيذ القرار. لكن الأطباء ووجهوا بشروط تعجيزية، من المستبعد أن تكون في صلب القرار، وقد تكون نبعت من التفسيرات والاجتهادات الخاطئة، التي ينبغي معرفة أسبابها، ودواعي وضعها، إذا لم تأتِ في القرار، فقد كبلت الشروط الأطباء، ووضعتهم أمام خيارات صعبة، أحدها سيضطرهم إلى الكذب، والتزوير، والغش، مما يعرضهم للمساءلة، والعقاب. هذان مثالان فحسب من الصعوبات، الأول: أحضر عقد سكنك من المكتب العقاري الذي أجر عليك السكن.. هذا واحد، والثاني: إذا كانت زوجتك طبيبة، وأنت طبيب في الوقت نفسه، فلا يجوز لكما حق الحصول على بدل سكن لكل منكما، فإما أنت وإما هي. يسأل أحد الأطباء: هل تضمنت تعليمات معالي وزير الصحة (الدكتور عبد الله الربيعة) هذين الشرطين؟ أو أي شروط مماثلة؟ فلا أحد يجيبهم، وإنما مطلوب منهم ترك عياداتهم ومرضاهم، والركض وراء معاملة صرف بدل السكن. في المرة الأولى يقال لهم: تعالوا بكرة!! فإذا جاء بكرة، تركوا عياداتهم ومرضاهم أيضا، وبدؤوا مشوار الركض، ربما ليخففوا من أوزانهم، أو عقوبة لهم من بعض الموظفين، ناجمة عن سوء تفسيرهم لقرار واضح، ومعلن، ومن ثم فمن المستبعد أن يصدر وزير الصحة، تعليمات، أو أوامر، من شأنها عرقلة عملية صرف بدل السكن، فمن يتحمل مسؤولية تفسير قرار بطريقة خاطئة؟ أي أن على من يعمل في وزارة الصحة منذ عشرين عاما، استطاع خلالها بناء منزل مما ادخره من مرتبه، وسكن فيه، كيف آتي بعقد إيجار من مكتب عقاري؟ ألا يدفعه هذا إلى اللجوء لأحد المكاتب ليزور له عقدا، حتى إذا اكتشف أمره، أحيل إلى التحقيق، وقطعا لا بد من عقوبته، فهو مزور! وغشاش! وكذاب! والنظام يكافح التزوير، ويفرض عقوبات مشددة على الفاعل.. ماذا يعمل؟ عليه أن يتنازل مرغما عن بدل السكن، الذي أقره له الملك عبدالله، وعزز به مكانة الأطباء، وحافظ على وجودهم في وزارة الصحة، لعلاج المرضى المواطنين. ما سمعته من بعض الأطباء من عراقيل، وما يواجهونه من مصاعب ومتاعب، هي الآن على طاولة معالي وزير الصحة، ورجاله، الذين أثق في أمانتهم، ودينهم، وأخلاقهم، لإنقاذ الأطباء إذا كان ما حدث خطأ، ومحاسبة المتسبب. *إعلامي وعضو مجلس شورى سابق