هذه محاولة لاستقراء حاجتنا الى الفنيين الصحيين في عام 2040 أى بعد 25 سنة من اليوم. سوف أطلق تعبير الفنيين الصحيين على جميع المساعدين الصحيين بكافة فئاتهم بالإضافة الى هيئة التمريض. وقد سبق لي أن نشرت بعض التوقعات المستقبلية، وأعود اليها الآن من زاوية مختلفة تبعا للمقارنات الدولية. وليس هناك فرق كبير في النتائج بين الطريقتين. بالرجوع الى الكتاب الإحصائي السنوي لوزارة الصحة لعام 2013 نجد أن عدد سكان المملكة 30 مليون نسمة، ومعدل الزيادة السنوية 2.7%، ومن ثم فالمتوقع أن يتضاعف عدد السكان في عام 2040 ليصبح نحوا من 60 مليون نسمة. عدد المساعدين الصحيين حاليا في المملكة 92 ألفا (منهم 63 ألف سعودي أى 69% من المجموع)، وهيئة التمريض 155 ألفا (منهم 54 ألف سعودي أى 35% من المجموع). ولنتحدث بداية عن هيئة التمريض. لو افترضنا أننا نخطط بعد 25 سنة من اليوم للوصول الى معدل 10 ممرضين وممرضات لكل 1000 من السكان وهو أقل من المعدل الذي وصلت اليه بريطانيا في عام 2008. وإذا افترضنا أننا نخطط لأن يكون 60% منهم سعوديين بدلا من 35% معدلهم اليوم، سنجد أننا سنكون في حاجة الى 360 ألف ممرض وممرضة سعوديين (مقابل 54 ألفا الموجودين حاليا) بعضهم حاصل على درجة البكالوريس والبعض الآخر حاصل على الدبلوم.. ولو افترضنا أن حاجتنا الى عدد المساعدين الصحيين السعوديين آنذاك هي نفس حاجتنا الى هيئة التمريض، فإن هذا يعني أننا سنكون في حاجة الى تدريب نحو من 720 ألف فني صحي سعودي في غضون 25 سنة قادمة، مقابل العدد الحالي 117 ألف فني صحي سعودي استغرق إعدادهم أكثر من 60 سنة. علما بأن الموجودين حاليا لن يكونوا يومها على رأس العمل لدواعي التقاعد أو تغيير طبيعة العمل أو الوفاة. أتوقع أن لدى إدارة التخطيط في وزارة الصحة حساباتها عن حاجتنا الى الفنيين الصحيين مستقبلا. ليتها تفصح عنها، لأن قضية الفنيين الصحيين ليست قضية صحية فقط، وإنما هي الى جانب ذلك قضية اجتماعية (عوامل الدين واللغة)، وأمنية (أثناء حرب الخليج الثانية وطلبا للأمان غادرت المملكة أعداد لا حصر لها من العمالة الصحية الوافدة)، واقتصادية (تشغيل الأيدي السعودية في المجال الصحي). كما أن القضية لا تخص وزارة الصحة وحدها وإنما أيضا تخص الجامعات المسؤولة عن منح درجة البكالوريوس، والهيئة السعودية للاختصاصات الصحية المسؤولة عن شهادات الدبلوم، ووزارة العمل (4% فقط من الفنيين الصحيين العاملين في القطاع الصحي الخاص سعوديون!). بقلم زهير أحمد السباعي