إعاقته شكلت تجربةً خاضها بروح المنافسة والتحدي، وارتفع بسمو هدفه، وكسر أسوار الإعاقة وبنى لذاته نموذجاً حياً يجسد القدرة على الإبداع والتميز رغم كل الظروف، لم يستسلم لإعاقته وإنما استطاع أن يواجهها بكل قوة وعزيمة وثبات .. يملك الإصرار والعزيمة، واستطاع أن يثبت تفوقه على الجميع. "زياد الزايد" أصيب منذ طفولته بمرض يسمى "الصلب المشقوق" وهو عيب خلقي نتيجة وجود فتق في العمود الفقري. خالف الزايد التصور السائد، حيث كانت إعاقته دافعاً لممارسة حياته الطبيعية، ولم يتوان لحظة بأن يكون عنصراً فاعلاً في المجتمع، رغم الظروف التي واجهته عند وفاة والده ، كونه العائل الوحيد لأخوته وهو في المرحلة المتوسطة. يقول: " الصدمة بوفاة والدي، والحمل الثقيل الذي ألقي على عاتقي، استوقفني كثيراً، ودعاني للتفكير مطولاً وبتركيزٍ عالٍ، لاسيما وأنا بهذه الحال، وبدأت أتساءل، كيف أستطع أن أواجه الحياة بهذه الإعاقة التي تمنعي من مواجهة الناس؟، وفي مجتمعٍ ذو نظرة للمعاق تختلف كثيراً عن باقي المجتمعات؟، إلى أن جاءت اللحظة التي ينبغي لي فيها مواجهة الواقع، وأن أبدأ بنفسي أولاً". ويستطرد قائلاً: "بدأت أكمل دراستي حتى تخرجت من الثانوية التجارية وحصلت على الكثير من الدورات مثل إدارة الأعمال واللغة الانجليزية، وتوظفت بعد ذلك سكرتيراً في أحدى الشركات الخاصة، ومما زاد من رغبتي في إطفاء عطشي بخدمة المجتمع والإسهام بالمستطاع في جميع المجالات التي يمكنني أن أقدم خلالها شيئاً مفيداً". ويضيف الزايد: "شاركت في العديد من الأنشطة والبرامج التوعوية مثل اليوم العالمي للتوحد، والتوعية بمرض الزهايمر والمشاركة في جميع البرامج التي تهم ذوي الإعاقة الحركية وشاركت في برامج تلفزيونية ، في موضوعات تهتم بذات الشأن". واستطاع الزايد تحويل المستحيلات إلى مسلّمات، يقدم من خلالها نموذجاً للعزيمة وروح التطوع والحضور والمساندة لمن هم يعانون من الإعاقة لأفذاذ ينشدون قمم النجاح، ساعياً بذاته أولاً ثم بمن يهتم لأمرهم للوصول إلى أبعد نقطة يمكن الوصول إليها شرفاً، دون أن يثني عزيمته شيء. وواصل مشاركاته في الأعمال التطوعية حتى أن أنشأ مع مجموعة من الشباب ذوي الإعاقة الحركية جمعية "حركية"، التي تُعنى بالأشخاص الذين لا يستطيعون الحركة، وكانت أول مشاركة لهم في المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية، والتعريف بأهداف الجمعية، التي يبرز منها برنامج وقف السكن الخيري الأول، الذي يعد من التحديات الكبيرة التي تواجه ذوي الاحتياجات الخاصة، وبرنامج النقل الذي يسهل الحركة لهم دون الحاجة إلى الغير ، وبرنامج الحج والعمرة الذي يسهم في تنظيم رحلات لمكة المكرمة والمدينة لأداء مناسك الحج والعمرة . كما شارك في برنامج الزواج الذي يهدف لمساعدة ذوي الإعاقة الحركية لتكوين حياة أسرية مستقرة ، وبرنامج ذرية الذي يسعى لتحقيق الاستقرار الأسري والاجتماعي بين المتزوجين من ذوي الإعاقة ، وبرنامج الشهري ويقام سنويا ويهدف إلي زيادة الترابط بين المعاقين حركياً والاعتماد على الذات، وبرنامج إصلاح الكراسي الذي تقدم عبره خدمة ذوي الإعاقة الحركية بتسهيل حصولهم على الصيانة الفورية وتقديم العربات البديلة أثناء الصيانة . ويتحدث الزايد بكل هذا وما تزال طموحاته وأهدافه في تنامي وازدياد، حيث حصل على عضوية الاتحاد السعودي لذوي الإعاقة، وشارك في بطولة المملكة لرفع الأثقال، والحصول على الميدالية الذهبية. والزايد بالإضافة إلى جميع هذه الإمكانيات، فهو محترف في مجال التصوير وحاصل على لقب أول مصور فوتوغرافي من ذوي الإعاقة الحركية، ما جعل الإعلام هدفاً له، وحلماً يراوده فبدأ بالبحث عن مؤسساته، ليجد أبواب صحيفة "اليوم" مفتوحة، ويعمل بها كمحرر صحفي، ويطمح أن يكون مذيعاً لأحد البرامج التي تهم ذوي الإعاقة وتعريف المجتمع بحاجة تلك الفئة وطموحاتها.