قارب صغير، يسبح فوق ماء النهر، يقترب من الشاطئ على مهل. على الشاطئ أشجار سامقة، تمد ظلها على الماء. والحافة المبطنة بأحجار بيضاء، يشقها درج يهبط من أعلى ليصل إلى عمق الماء. أعلى الدرج يجلس رجل كبير السن، هرب من ضجيج السيارات، وزحام الأرصفة ليستريح (...)
حين تراه تظن انه عبقري أو شحاذ، شعره الخشن طويل ومهوش، ولحيته مهملة، وثيابه قديمة بالية، وغير مهندمة بالمرة، يتأبط أوراقاً بيضاء، ويضع قلماً فوق اذنه.
يمشي مائلاً قليلاً نحو اليمين، تتقلقل قدماه في حذاء من دون رباط، لا يكف عن المراقبة، ينظر هنا (...)
اتفقا على اللقاء ظهر هذا اليوم. انتظرها طويلاً، وكانت قوات الامن قد نجحت في تفريغ الميدان وتفريق التظاهرة. أقاموا صفاً طويلاً نحو الطريق الدائري، وأغلقوا تماماً الشارع الرئيس المؤدي الى وسط المدينة. اتصلت على الموبايل، وكان صوتها مضطرباً وعصبياً.
- (...)
أ
ولدتها أمها - ذات فجر - في بيت من الطين معتم، وأمها امرأة من قرية تقع على النهر الذي تسامقت على حوافه أشجار العبل، وخرجت من بطنه روافد لقنوات كثيرة تروي الأرض الممتدة.
حين صارت الطفلة صبية بضفيرتين تنتهيان بشريطين على هيئة وردة صحبها أبوها بين (...)
تنزل إلى شوارع القاهرة، تترك نفسك للمصادفة، تركب الأتوبيس الفارغ وتدعه يصحبك إلى مكان لم تحدده سلفاً. تصنع بهجتك الخاصة من دون حاجة الى أحد.
القاهرة تخلت عن نصف قاطنيها، الشوارع نظيفة هادئة، والناس في حال من الاسترخاء، والرضا عن بعضهم بعضاً، تخلصوا (...)
- 1 -
رأيتني على رصيف المحطة، وهو على الرصيف الآخر يمشي وحيداً في غبشة المغيب، رأيت ظهره، وعرفته من مشيته، وقلت لنفسي: هذا كتفه.
وأسرعت حتى وازيته، كان وجهه ملثماً بشال من صوف أبيض، ناديت عليه: جدي. لم يلتفت إليّ، ناديت: جدي.
وقف فجأة، ثم حملق فيّ (...)