ضيق ضيق
مثل بؤبؤ العين
أعني من يرى
رأيت
ويضيق / أصغر بحر رأيت
لا يكاد يتسع لسعلة نورسٍ غريب
ولا تجد الأسماك الصغيرة فسحة
لكي تستدير
أديروا الكلام
وحدها اللغة تخلع الصور وتوزعها
لست / وحدها اللغة
فيدخل البحر في الأروقة
أصغر من غرغرة (...)
سيكون من غير العدل دعوة الشاعر ليقول شهادته على تجربته. خشية أن تكون شهادة مجروحة بالفعل.
أذكرُ، عندما دُعيت أول مرة لأتحدث عن تجربتي الشعرية، سَميتُ ذلك (محاولة).
وقلتُ إن هناك طرقاً كثيرةً للكلام عن التجربة.
هذه المرة اسمحوا لي أن أعيد تلك (...)
لا تسعفني ذاكرة مجهدة، كيف التقينا أول مرة، فقد تعبت عن ذلك فعلاً، غير أنني أجزم أن لقاءاتنا كانت بالغة الندرة، لتقاعسي من جهة ولعزلته من جهة أخرى، غير أننا كنا على اتصال دائم على كل حال، اتصال يجعلني، كلما جلستُ إليه، أشعر كم هو قارئ مذهل لتجربتي، (...)
ما الذي جاء بي يا أبي
والقطارات مشحونة بالشجر
القطارات ذات الحديد الحزين
ستخطفني بغتة في غموض المطر
ما الذي يا أبي
حطني في الطريق إلى الماء
للناي يقتلني بالصدى كلما مر بي
يا أبي
ما الذي جعل العانسات البعيدات يشغفن روحي
ويغزلن مثل الأغاني النحيلة (...)
إذا تخيلنا الكتابة بوصفها أنواعاً شتى من الفاكهة، سوف نتوقع أن ثمة نكهة خاصة تميز كتابة عن أخرى، لكأنما النصوص هي ضروبٌ من الفواكه، يتميز كل منها بنكهته الخاصة، وبالتالي الطعم المميز عن غيره.
بهذا المعنى، يتسنى لنا البحث عن القرائن في كل نص نقرأه، (...)
1
أضمُّك
مثل فصِّ الملح في جُرحي
لعلَّ دمي
يُغَيِّرُ رأيه
وتكفُّ موسيقى النبيذ
وينتهي نوحي.
2
أضمّك،
نجمة البلور
أسمعها تعالج في نزيفي
زهرة الحجر الكريم،
لكِ دمي
وأضيع تقريباً،
لكي ألقاكِ ضائعة
وجرحك في جراحي.
3
كلما قبَّلتُ خيطاً في ضياعكِ
هاجَ (...)
(حالات مستعادة)
.. والذين في محفل الكلام يطرحون عليك الصوتَ العالي، يقترحون لك السبلَ لكي تختارَ السهلَ والمتاح. وهم الذين، إذا اشتهيتَ أن تقول لهم الكلمةَ في الوجه، يتصاعدُ لهم الدَّمُ في الأوداج، ويتكاثرون عليك بالمدجج من الأعضاء والعناصر، يفتون (...)
1
هذا الفضاء الشاسع الذي يسمونه الحياة، تقدر الكتابة على جعله أكثر رحابة وأجمل. شرط أن تكتب ما تحبه أنت. فمهما استضاقت حدود الحياة وصعبت شروطها، لك أن تفتح في خيمة الحديد طاقة شمس صغيرة، وترى من هذه الشمس ما تريد. دون الخضوع لشروط الخارج، الكتابة هي (...)
- أين كنت قبل البحر يا محمد؟.
فاضطربتْ في حنجرتِه لغةٌ توشك على نسيان المعنى. لم يسأله أحد قبل الآن عن مكانه، بل إن أحداً لم يكن يسأل الناس عن مواقعهم. الجميع يعرف أن النخل كان جغرافية الناس وتاريخهم.
– لم أكن في مكان.
حاولَ أن يبدو واضحاً بقليل من (...)
نُحصي دورة الدمّ في أرواحنا
ونرصدها
ونغفو جالساتٍ في رمال البحر
في الخشب الخفيف يجفُّ في قاع السفينة
دورة في الدم
ثمة غربة يرتادها بحارة
يطأون موجَ الجمر
نرصدهم
وهم يرخون أعضاء التأمل
بعضُ أشداقٍ وتهلكةٍ
وشكوىً من جلازةٍ يقودون السفينة للمساقط
كلما (...)
1
دفعوه في ظهره بقوة رمته في أشداق الغرفة الغريبة، وصفقوا خلفه الباب المشغول من حديدٍ قديم وخشبٍ جديد. بذل جهداً وهو يفتح عينيه التي أزيلت عنهما سحابة سوداء، محاولاً تبين المكان. ظلمة كثيفة، دخان ساخن، جناح غراب أسعف يكاد يطبق على وجهه بعد إزالة (...)
7
غلاةٌ يستبدونَ بنا
ويؤدون هدوءاً غامضاً
في شهقات الليل
والموتى يموتونَ تباعاً
والصدى الصامت جرحٌ نافرٌ،
كيف اطمأنَّ المطمئنونَ
وكيف ازدردَ التأويلُ نصاً موغلاً في حلمنا
مَنْ نحن / مِنْ أينَ
وفي أي كتابٍ؟
هدأتْ روحي
لكي يجتاحني هذا السؤال.
8
وطنٌ (...)
1
لا أعرفُ من أين لهم هذا الرماديُّ بلا أجنحةٍ
من أين يأتيهم
إذا هاموا بنا في التيه
سمُّوه بلاداً / وطناً
ما الفرقُ بين الموتِ والجلطة
أنّ التاسعة
سعةٌ ضيقةٌ
يرتاحُ فيها المطمئنونَ من النوم
ويفتونَ بأنّ الحربَ شمسٌ ومجازٌ،
ربما يَصْدُقُ كذبُ (...)
1. يدخلون البيت قبل الشمس.
العائلة في سرير الأحلام، أحلامٌ تذهب بهم نحو فجرٍ منتظر، فيما المدينة على سطح التوجس، ثمة قلق يدفع إلى غامض اليوم التالي. كان الكابوس هنا.
هل في خيالك ما يكفي من التريث إزاء تحولات المشهد؟
خرجَ الجمعُ من التجربة، بقدرٍ (...)
1
توقظني من النوم أصوات وقع حوافر خيول كثيرة، ترتجّ الأرضُ لها. أسمعها مثل هدير يبدأ بطيئاً ويتصاعد تدريجيا وسرعان ما يتفجر مثل الرعد، تماماً مثل موسيقى تشايكوفسكي «مارش العبيد».
أشعر بسريري يرتجُّ ويضطرب لفرط ذعر الأرض من تحته. تقترب الحوافر من (...)
1
بتعبير فاتن، يصف «تادوروف» الشعر والرسم، بأنهما (أكثر الممارسات الفنية هيبة). جاء ذلك في سياق كلامه عن «وحدة الفنون»، وسعي النقد الأدبي نحو صياغة منظورات لجماليات جديدة في الأدب الحديث، خصوصاً في أوروبا، انطلاقاً من أكثر الكتابات جرأة تعبيرية، تلك (...)
دعْ لأعدائك وقتاً
يستعيدون به أحلامَهم
ويغنُّون جراحَ الروح
في أشلائهم
ويموتون قليلاً،
دعْ لهم باب الندم
وابدأ بنفسك
دعْ لهم حرية القاموس
يبتكرون ما يمحو ضغائنهم
ويوقظهم قبيل الليل
واكتبْ ما ترى
وابدأ بنفسك
جرّد الماضي من الأسماء
قلْ للماء
أنْ يهذي (...)
(استعادة نص سابق)
1
لماذا تريد أن تندم؟!
هذا دمك الذي ربيته في جسدك طوال خمسين. دمك الذي تدفقه الآن في رمل الصحراء. أنت وحدك غذيته من أجل فداء فاتن. وما إن تجرّعتَ أقداح ثلاث هزائم دفعة واحدة، حتى وجدتَ نفسك أمام مائدة، قيل لك إنها عشاءٌ أخير قبل (...)
ليس هذا نزل ساحراتٍ، لكنه بيت نساء يغزلن قمصان رجال ذهبوا في سفرٍ لا يعودون منه. بيت يقع على مفترق طرقات المحرق، ويشرف على الجسر، ويحرس البحر؛ لئلا تفر منه السفن دون علمهن. ثلاث عوانس لا يتركن نافذتهن في الطابق الأعلى من البيت، لم يرهن أحد عن قرب، (...)
8
أذكرُ،
في سبعينيات القرن الماضي، وفي ذروة الزخم الثقافي والسياسي في المنطقة العربية قاطبة، كنا في ذروة الحماس الذي اجتاح الشباب في البحرين، وخصوصاً أولئك الشباب الناشطين في المجالات الطلابية في الداخل والخارج، كان الحراك الوطني السياسي في قمته، (...)
6
ما زال الكلام عن قارئٍ يزعم أنه هناك.
قارئٌ هو، بطبيعته الفعالة، سيكون مستوعباً الرؤى الجوهرية التي تقوم عليها تجربة الشاعر، واستقباله للحياة واتخاذ المواقف إزاءها. قارئٌ سيكون دائماً لصيقاً بصميم التكوين الفكري والإنساني للشاعر، بحيث يكون قادراً (...)
1
أحياناً، ينتابني شعورٌ غريبٌ إزاء مسألة الكتابة، كتابتي خصوصاً، وعلاقتها بالقارئ. وأقصر كلامي على القارئ العام، لكي يشمل كلامي ما يُستدرك من أصناف القراء أحياناً، فيما أخصّ على التعيين قارئ الأدب، الشعر خصوصاً.
أقول، شعورٌ غريب، لكنه حقيقي بالنسبة (...)
الشرق - السعودية
لو أن قلبي،
وهو ينتفض اشتياقاً،
قال لي قبل انهياري مرةً،
لانهرتُ أكثر.
لو أنه،
مثل اضطراب الخيل،
ساعةَ مقتل الفرسان،
سَمّى نجمةً تهوي على كبدي،
لكان الحبرُ لي..
ولكنتُ دفتر.
لو مالَ،
متكئاً على جرحي،
وأخطأني قليلاً في انكسار (...)
لو أن قلبي،
وهو ينتفض اشتياقاً،
قال لي قبل انهياري مرةً،
لانهرتُ أكثر.
لو أنه،
مثل اضطراب الخيل،
ساعةَ مقتل الفرسان،
سَمّى نجمةً تهوي على كبدي،
لكان الحبرُ لي..
ولكنتُ دفتر.
لو مالَ،
متكئاً على جرحي،
وأخطأني قليلاً في انكسار السهم،
لاختارتْ يدي (...)
1
تستوجب جماليات المعنى توافر قراءة تصدر عن موهبة وذائقة معرفة؛ لكي يتاح للقارئ أن يكون مؤهلاً لذلك. فليس مصادفة أن يطلق أحدهم على نص، أو عمل فني ما، بأنه: أدب جميل. فالكتابة بوصفها أدباً، لا تتحقق بفعل رغبة الكتابة فحسب، بل إنها تصير جميلة المعنى (...)