(حالات مستعادة) .. والذين في محفل الكلام يطرحون عليك الصوتَ العالي، يقترحون لك السبلَ لكي تختارَ السهلَ والمتاح. وهم الذين، إذا اشتهيتَ أن تقول لهم الكلمةَ في الوجه، يتصاعدُ لهم الدَّمُ في الأوداج، ويتكاثرون عليك بالمدجج من الأعضاء والعناصر، يفتون لك بما يجيز لهم ويجوز عليك. … والذين في المحفل يَقصّون عليك أحسنَ القصص ويفعلون بك العسف. وإذا طابَ لك أن تسأل عن النص والممثلين، يُقصُونَك عن المشهد ويستكثرون سعيك ويستكبرون تواضعك، يضعونك في الهامش ويستفردون بالمتن حتى يفسد. يزرعون الممرات بما تتعثر به قدماك وما يدمي جبهتك، وأنت تندفع نحو الكلام تطرح أسئلتك، يقصرون عن الأجوبة ولا يسألون، وليس لك أن تشكَّ فيما يقولون ومالا يفعلون. … والذين إذا أزدحمَ المحفلُ بهم يضيق بك، وإذا بَريتَ ظفرك لكي تحكَّ به جلدك تبرعوا لك بالنصال والمخالب، يُدمون بها جسدك زعماً أنهم أقدر منك على الحَكِّ حتى يتسلّخ الجلدُ ويطلع العظمُ منك، وهم لا يعبأون بنحيبك ونواح ثواكلك. لا يرون في كلامك المشتهى غيرَ الركيك من اللغة، وليست الكتابة التي تحلم بها غير الهذر الذي يتوجب عليك الكفّ عنه، لئلا تفسد النص والمشهد والعرض والممثلين. فيصبح من يمثلك هو غيرك، ومن يقول عنك ليس لسانك، ولا تسمع إلا ما يَنْشزُ عن حنجرتك ولحنك وحروفك. … والذين لهم اليد الطولى، يطالونك أينما ذهبتَ ويمّمتَ وتماهيتَ أو اختفيتَ. بينهم وبينك الفصلُ من القول، ولن تأخذ منهم غير الجرح والميل، دون أن يكون لك حقٌ في التعديل. يقترحون أن تقرأ ما يكتبون، وليس بين يديك المغلولتين غير أختام الصمت. … الذين إذا وقفوا عليك، يقْسرونك لكي تجلس. القائمون على كل شيء. القاعدون على كاهلك منذ الأزل. ليس لك الآن .. الآن إلا أن تضع فيهم النصَّ، بجرأة المخيلة وحنان الحب والكتابة.