استهل الفلسطينيون روايتهم، في زمن مضى، بمبدأ «الأمل» الذي يتمسك به المغلوبون، وأعطوا رواية أقرب إلى الحكاية السعيدة، حتى نهرهم واقعهم المعيش، وفصل بين الأحلام والأوهام. قطع حسين البرغوثي، البديع العاثر الحظ، مع الحكاية السعيدة، واكتفى برثاء يتصادى (...)
المكان جملة الوقائع التي عاشها الإنسان فيه، تسكن الذاكرة وتصبح أسئلة، تجيب عنها الخبرة بعد حين. المكان الأثير عند السوري خليل النعيمي، الذي استقر خارج بلاده، ماثل في منطقة الجزيرة التي يخترقها نهران قديمان شهيران: الفرات والخابور. عاد الروائي إلى (...)
المشي الطليق فعل غنائي يفتح عين السائر على جميع الجهات، وعمل شعري، له إيقاعه الذي يختلط فيه الصمت بالحركة، وهو فعل رتيب يربط بين خطوة وأخرى تشبهها، وبداية تغلقها نهاية، وتجربة يتأمل الفكر فيها أحكامه، ومجال للتذكر والاستبصار مشبع بالهدوء والوحدة... (...)
يهرع الحالمون الذين تخذلهم أزمنتهم إلى كلمة: الأزمة، حيث إرادة الفعل لا تستجيب إلى ما يجب فعله، والنظر أصغر من الموضوع الذي يتأمله. والكلمة لا تتخفف من التفاؤل، فبعد الأزمة يأتي، منطقياً، الخروج منها، في انتظار فكر يقول بالأزمة العضوية، التي تقتصد (...)
تتوجه الذاكرة إلى ماضٍ كان فيه ما يردّ إليه، وتربط أهله بأحياء يعيشون الحاضر، وينتمون إلى ماضٍ كان لهم. وقد يكون استمرار الماضي في الحاضر عادياً، يتجلى في مكان موحّد استقر فيه أهله. غير أن هذا العادي خاصم الفلسطينيين، منذ النكبة، أبعدهم عن ماضيهم، (...)
جرى العُرف على الصمت أمام الأعمال الفنية المشهورة، لا فارق إن وعى المتفرّج شيئاً قليلاً منها، أو لم يتقبّلها على الإطلاق، كما لو كان للشهرة حرّاس غير مرئيين يصدون عنها اللوم والاحتجاج. كسر الفرنسي جان لوي آرويه، في كتابه «التزوير الكبير» القاعدة، (...)
سار اللاجئ الفلسطيني في طريق لم يختره، وعوقب في بداية الطريق ونهايته، كما لو كان بطلاً مأسوياً يصل إلى ما لا يريد. كان هذا موضوع رواية سامية عيسى الأولى «حليب التين» الذي امتد في روايتها الثانية: «خلسة في كوبنهاغن». جدّد العملان الرواية الفلسطينية (...)
ما يبتعد عن الرؤية يصبح واضحاً، وما يهدّده التبدّد يزداد جماله. ولعل مآل القدس العربية - الإسلامية، الذاهبة من انحسار إلى آخر، هو ما جعلها، في السنوات الأخيرة، موضوعاً لأكثر من رواية عربية، فكتب عنها الجزائري واسيني الأعرج، والفلسطيني حسن حميد، (...)
منذ كتابه «مقدمة في النظرية الأدبية» يواصل الإنكليزي تيري إيغلتون جهوداً متواترة في النقد الأدبي، جعلته من المراجع في مجاله. التفت، بعد حين، إلى النقد الثقافي ووضع جملة أعمال متميزة من عناوينها الأخيرة: «العقل، الإيمان، الثورة «( 2009 ) و «في (...)
منذ منتصف ستينات القرن العشرين إلى اليوم، ثابر الفرنسي بيار ماشريه على العمل في حقلين نظريين متمايزيين، أحدهما الأدب الذي أعطاه عام 1966 دراسة عنوانها: «نحو نظرية في الإنتاج الأدبي»، أتاحت لها جدتها شهرة ضافية، وثانيهما الفلسفة، التي ساهم فيها (...)
تتحدث الجامعية الأميركية جاكلين روز في كتابها «بروست بين الأمم» عن ألفرد دريفوس، الضابط الفرنسي اليهودي، الذي حكم عليه بالسجن خمس سنوات، بتهمة الخيانة، واعتُبرت محاكمته غير عادلة وعنصرية، رأت اليهودي فيه قبل أن ترى أي شيء آخر. ولعل ظلم المحكمة، التي (...)
التاريخ معارف متوارثة تخالطها الحكايات، والأدب عوالم متخيلة تقترب من الحقيقة، كما لو كان الأدب يتضمن التاريخ ويتجاوزه. ولعل العلاقة بين هذين المجالين اللذين يقصّران عن بلوغ الحقيقة، تجعل كلاً منهما يتوكأ على الآخر، ويستعين بمعارفه.
رجع المؤرخ (...)
لم ترَ حنا أرندت، وهي مرجع في الفلسفة السياسية في القرن العشرين، في الفلسفة حقلاً معرفياً مكتفياً بذاته، قادراً وحده على إرضاء الفضول الإنساني، ولم تكن تحفل بصفة «الفيلسوف»، التي تضعها إلى جانب فلاسفة آخرين. حملت نصها الفلسفي إلى حقليّ الأدب والفن، (...)
عاش نجيب محفوظ تاريخ مصر المعاصر مرتين: مرة أولى مصرياً شغوفاً بمفردات الدستور والاستقلال الوطني والحرية السياسية، ومرة ثانية روائياً يرصد ويراقب بعين سياسية، ويضع ما يعيش في روايات متعاقبة، حتى بدا روائياً ومؤرخاً في آن. تعرّف المؤرخ فيه على (...)
قلائل هم النقاد العرب الذين يمارسون الكتابة بمسؤولية، وأقل منهم الذين يقدمون للباحث عن المعرفة شيئاً مفيداً. المغربي سعيد يقطين من هذه القلة المحظوظة، التي لا تنتج نصاً على عجل، وتعتبر النقد عملاً معرفياً منهجياً. جمع في شخصه بين الناقد الأدبي (...)
لأن الرواية الحقيقية تعالج، لزوماً، الوجع الإنساني، فقد كان فيها متسع لموضوع المرض، الذي إن اتسعت حدوده غدا وباء، أو جائحة محملة بالكارثة. تأسى «الصبي» في كتاب طه حسين «الأيام»، على أخيه الأكبر، الذي واجه مع غيره مرضاً معدياً - الكوليرا ربما - وسحبه (...)
ذهب بلزاك برحلة متخيلة، إلى بالي في أندونيسيا، رأى ما اشتهى أن يراه، ورسم نساء من عطر وفضة. فرنسي آخر هو الشاعر آرتور رامبو ذهب في رحلة حقيقية إلى أندونيسيا، لم يزر بالي بل قصد جزيرة جاوا، بغاباتها المهلكة، ولم يطل به المقام وعاد، سراً، إلى بلدته (...)
كل مجتمع تاريخي تسقط سلطته السياسية بفعل ثوري، يطرح موضوع هويته، ويسأل عما كانه وما سيكونه. طرح المجتمع المصري، في ثورته المفتوحة، سؤال الهوية الشهير، ومضى يبحث عن إجابة لن تأتي سريعاً. عثر البعض على الحل في هوية ماضوية مغلقة، اخترعها «اسلام ظلامي»، (...)
لا شيء في السيرة الذاتية للروائي أونوريه دو بلزاك يتحدث عن رحلة إلى جاوا، في أندونيسيا، وليس في ما كتبه نقاده عنه ما يخبر عن عمل عنوانه: «رحلة من باريس إلى جاوا». مع ذلك، فقد كتبه الروائي، وهو يشرف على الثلاثين، ونشره في «مجلة باريس»، في 23 تشرين (...)
الفن كوني في وظائفه، عرفته الشعوب في أشكال مختلفة، ومتميّز في تجاربه، فلكل شعب ثقافة وبيئة وخبرة تختلف عن غيرها. يتجلّى البعدان في معرض عنوانه «حوار في عمّان» تقيمه «دارة الفنون»، ويستمر حتى نيسان (أبريل) 2014، ويشارك فيه فنانون من: عمان، بيروت، (...)
الفن كوني في وظائفه، عرفته الشعوب في أشكال مختلفة، ومتميّز في تجاربه، فلكل شعب ثقافة وبيئة وخبرة تختلف عن غيرها. يتجلّى البعدان في معرض عنوانه"حوار في عمّان"تقيمه"دارة الفنون"، ويستمر حتى نيسان أبريل 2014، ويشارك فيه فنانون من: عمان، بيروت، القاهرة، (...)
يسرد عبده وازن في «غرفة أبي» (منشورات «ضفاف» و «الاختلاف») سيرة ذاتية، تحايثها سيرة أخرى أقرب إلى الأحلام. تتوازى السيرتان أكثر مما تتقاطعان، تلاحق الأولى ملامح أب رحل قبل الأوان، وترصد الثانية ذاكرة ابن «انتقم» لأبيه وعاش أكثر منه. تأتي السيرة (...)
يسرد عبده وازن في"غرفة أبي"منشورات"ضفاف"و"الاختلاف" سيرة ذاتية، تحايثها سيرة أخرى أقرب إلى الأحلام. تتوازى السيرتان أكثر مما تتقاطعان، تلاحق الأولى ملامح أب رحل قبل الأوان، وترصد الثانية ذاكرة ابن"انتقم"لأبيه وعاش أكثر منه. تأتي السيرة الأولى لاهثة، (...)
هل القراءة فعل رشيد يصقل الروح ويهذّب، أم أنها متعة آثمة تختلس من الأرواح طمأنينتها وتدفع بها الى القلق والحيرة؟ هل يحتفظ الكتاب المقروء، بعد أكثر من قراءة، بصورته الأولى، أم أن القارئ المجتهد يعطيه أكثر من ولادة:"هل يستحم القارئ في الكتاب ذاته (...)
على الرغم من كلام قديم - جديد يشتق "الكاتب" من الوعظ والبلاغة، كان الكاتب، ولا يزال، مشدوداً الى إشكالية محددة هي: السلطة، فهو مشدود اليها إن كان ملتحقاً بها مبرراً لسياساتها، وهو مشدود اليها ان كان كارهاً لها مندداً بأفعالها... ولعل كتاب عز الدين (...)