السؤال الذي يخاف أن يطرحه على كل من حوله، هو «لماذا نحن هنا.. ولسنا هناك»، بعد أن بدأ يعي، شعر أن هنا تعني المصير المبهم المجهول، وهناك الحياة الجميلة، هنا يعيش والده وسابقاً جده وبعض أقربائه، وجيران لا يقلون تعاسة عن أسرته، ولكنهم سعداء، سعداء للحد (...)
ينتظرون خبراً مبهجاً منه، يأتي ومعه إحدى الصحف، ويقرأ عليهم خبراً، ويبدأ النقاش حول هذا الخبر، مجموعة رجال يجلسون على الأرض في بيت شعبي قديم نسبياً، أصغر هؤلاء الرجال في منتصف الأربعينات، ليسوا أقرباء، ولكن كان مصيرهم أن يقطنوا حياً منسياً، يقع في (...)
أنا على أعتاب العاشرة، قد أكون صغيراً، ربما لا زلت في مرحلة الطفولة، ولكن أعرف أن هنالك رجلاً وامرأة، أعرف أن والدي يختلف عن والدتي، وأخي يختلف عن أختي، ولكن حين رأيتها شعرت أنها تختلف عن الجميع، بالذات في حينا العشوائي المنسي القديم، لم تكن ابنة (...)
لم أعلم وقتها أن باستطاعتي أن ألتقط صورة لي في أي زمان وأي مكان وأشاهد الصورة مباشرة على شاشة صغيرة، بل أستطيع أن أتحكم بالصورة من حيث اللون والشكل والضوء، كنت أعتقد أن تظهير الصورة يأتي عبر عملية كيميائية معقدة وفي غرف مظلمة، وعلى الرغم من ذلك فقد (...)
«سنوات طويلة مضت يا صاحبي»، هل هي كلمات عتاب، عرفتني بصعوبة بعد أن ذكّرتك ببعض المواقف التي مرت بنا، أنا كنت أعرفك، و أسعى أن أكون قريباً منك، وأنت كما الآن، لا يهمك أن أكون صديقاً أو أخاً أو رجلاً التقيت به ذات يوم، ولم يحتل حيزاً بذاكرتك، أنا (...)
وقف في وسط شارع يكتظ بالناس وبدأ يتكلم بصوت مرتفع، كان يردد مقاطع من مسرحيات عالمية، وأشعاراً، ومقطوعات نثرية، تكونت حوله حلقة من رجال ونساء مستغربين تصرفه هذا، كانوا يستمعون لما يقوله، ولكنهم غالباً لا يفهمون شيئاً، لم يفهموا ما الأمر، وماذا يريد، (...)
على الرغم من كونه موظفًا بسيطًا لكنه يعرف أن ما واجهه في حياته من مشكلات وظروف أسرية تسبب في تحصيله العلمي المتدني، وتشبثه بعمل بسيط ليعول أسرة كبيرة؛ وبذلك حقق شيئًا من الاستقرار لعائلته، التي يدين فيها لوالديه برعايتها حتى أتاهما الأجل المحتوم، (...)
اختار أحد مقاعد الصف الخامس وتحديداً في الوسط لمشاهدة العرض المسرحي، الجمهور يتابع باهتمام، يضحك ويعلق، وهو معهم يتابع العرض وفي الوقت ذاته يحرص على متابعة الجمهور حوله، المسرحية يشارك بها مجموعة من نجوم الفن، الذين ما أن يطل أحدهم على خشبة المسرح (...)
وضِعَت في الركن لتُشرف على كامل المكان، مهمتها نقل الصورة التي تلتقطها حية لتبث مباشرة عبر شاشات في غرفة مغلقة، المكان الذي وُضِعت به تلك الكاميرا صغير وضيق، عبارة عن مدخل لمؤسسة أو شركة، ربما مستشفى، لنقل أن المدخل لفندق صغير، هي لا تحيط بما خلفها، (...)
تلقى دعوة من رئيس النادي الأدبي للمشاركة في ندوة عن شأن ثقافي، أرسل له محاور النقاش، وأسماء المشاركين، وحدد موعد الندوة ومكانها، سيكون مضطراً إلى أخذ إجازة عمل لمدة يومين، طبع خطاب دعوة المشاركة وأرفقها بطلب الإجازة وقدمها لرئيسه المباشر، اطلع عليها (...)
إنه ضحية البدايات، حكايته غريبة، فثمة ما قبل وما بعد، وهو الخط الفاصل بينهما، في عصور غابرة وفي أوروبا تحديداً حسب بعض المعلومات كان هو الفاصل بين العزوبية والزواج، بصور مختلفة، ثم أصبح يمثل البدايات التي تعتمد على التدشين، والانتقال إلى شيء آخر، (...)
الممر طويل، وعلى جانبيه عدد من الغرف، بين أبواب الغرف وضعت مجموعة مقاعد أشبه بمقاعد الانتظار في المستشفيات، أو المطارات، زينت جدران الممر بلوحات ذات نسق واحد، أشبه بمعرض لمصور فوتوغرافي، يهوى تصوير الزهور والحدائق، عموماً تلك اللوحات تكسر رتابة (...)
ليس من عادتها أن تمكث كل تلك المدن في المستودع، وأن يطولها قليل من الغبار، حياتها ارتبطت بالمطارات، ووسائل النقل المختلفة، تعودت أن تحمل في داخلها ما يؤهلها أن يحملها الناس معهم، لا تعرف مطلقاً أن المطارات مغلقة، وأنه مر زمن حتى خروج الناس من (...)
«هي خمس كلمات.. احفظها.. ولا تحتاج إلى النص كاملاً»، كلمات مؤلمة، واجهني بها المخرج، ولكن أقنعته أنني أريد أن أستفيد من قراءة النص، مؤكداً أن طموحي أن أكون البطل مستقبلاً، ليجيبني متهكماً، إن الطريق طويل جداً لأصبح البطل، أخذت منه نص المسرحية قسراً، (...)
غادرت البيت اليوم بعد حجر تجاوز الشهرين. كنت خائفاً من كل شيء؛ هنالك عدو غير مرئي ولكنه قاتل. هذا الشعور مسيطر علي. أضع كمامة، وألبس قفازات، وأنظر لكل شيء بارتياب. لا أريد أن أقترب من أحد ولا أحد يقترب مني. لم أفكر في أن أستقل سيارتي، بل فضلت أن (...)
لا أدري إن كان حلماً أو حقيقة، كان يجلس بجانبي ومعه مجموعة من الأوراق، يحكي لي قصة حدثت له مساء أمس، كان يتحدث بتفاصيل دقيقة عن أشياء بكل تأكيد أعرفها، وأعرف أنه لا يعرفها لأنها تخصني، مثل ألم القدم اليسرى التي شعرت به بعد أن كدت أسقط مساء أمس، ولم (...)
منذ زمن طويل لم يحمل معه قلماً، ولم يخط بيده حرفًا على ورق، كان يكتفي بالكتابة باستخدام لوحة المفاتيح بحاسبه المحمول، قرار اتخذه منذ سنوات، لن يكون أسير الورقة والقلم، لن يكون تقليدياً، ليدون ملاحظاته بتطبيق خاص بذلك في هاتفه المحمول، وليكتب أيضاً (...)
يعجبني كثيراً ذلك الرجل، كنت صغيراً، أجلس عند باب بيتنا ألتقي بأبناء بعض الجيران، نلعب، ولكن أحياناً نفضل أن نجلس ونتحدث، كان يأتي من عمله، ماشياً، عمله ليس بعيد، وبيته في آخر الشارع الذي يقع عليه بيتنا، عندما يمر أمامنا، نقف جميعاً احتراماً له، كان (...)
كان يفكر بنص مشترك، هو لم يتعود أن يكتب مقالاً أو نصاً إبداعياً، فقط هو مهووس بوسائل التواصل الاجتماعية الحديثة، يكتب بعض الخواطر وغالباً ينقل بعض المقولات لكتاب من العالم، وقد تعجبه مقولة فيقوم بتحريف بسيط قبل إعادة نشرها ليشعر القارئ أنه هو (...)
كان يدب في داخلك الحماس منذ صغرك حين يُطلب منك أن تقوم بعمل ما، لذا الجميع يحب أن تكون قريباً منهم بالذات الذين أصيبوا بداء الكسل فأنت تحضر لهم كوب الماء، وتنجز بعض ما يطلب منهم، كان ذلك يتم ضمن دائرة ضيقة هي الأسرة، لذا فوالديك يشعران بالزهو لأنك (...)
أنت الآن جالس في قاعة انتظار، تعاني مشكلات في الأسنان، وتنتظر دورك للدخول على الطبيب ليفحص أسنانك، ربما ضرس العقل. أنت تجلس تتصفح هاتفك المحمول، تصلك رسالة من صديق عبر إحدى قنوات التواصل الاجتماعي، تقرؤها، تبتسم قليلاً، ثم تعلق مستخدمًا الرموز (...)
لديه مكتبة صغيرة في بيته، هي منتجعه الخاص، وملاذه، ذات يوم قرر أن يستغني عن بعض الكتب، ولا سيما أن المكان المخصص لها في البيت لا يحتمل زيادة أعدادها، وهو بطبيعته لن يتوقف عن شراء الكتب، إضافة إلى ما يصل إليه من إهداءات، جلس عدة ساعات يتأمل تلك (...)
ليس الوحيد على سطح هذه الأرض، وليس الأول ولا الآخر، قد يكون إنسانا عادياً، وهو كذلك، ولكن هنالك أمر يميزه عن غيره، وهذا التميز والاختلاف بسبب رغبته بأن يجذب الانتباه إليه منذ صغره، فهو يجد نفسه ضمن مجموعة من الإخوة والأخوات، ليس بصغير ولا كبير، فقد (...)
لا يعنيه كل الصخب الذي حوله، يجلس على مقعد جلدي صغير، أمامه طاولة زجاجية، فوقها كوب شاي، من حقيبة صغيرة وضعها بجانب مقعده أخرج جريدة يومية، وبدأ يتصفحها، أثناء ذلك كان المقهى يعج بعدد كبير من الرجال، بعضهم حضر لمشاهد مباراة كرة قدم بين فريقين (...)
أخبر أصدقاءه أنه سيلتقي بهم في المساء، يرغب أن يتحدث معهم، يخبرهم بأنه شرع في كتابة رواية، هذه المرة الأولى التي يفكر فيها جدياً بالكتابة، لم تكن له محاولات قبل ذلك، ربما كان يترنم أحياناً بمقاطع شعرية، ما يلبث أن ينساها، لذا لا يعتقد مطلقاً أنه (...)