أهم ما يفعله الجهاديون المسلحون، على تعدد ساحاتهم الوطنية وكثرة تنظيماتهم، وعلى تفاوت قوتهم، أنهم يعززون الوقائع الصلبة والاتجاهات القابلة لأن تسود في المجتمعات التي ينشطون فيها. وهذا في معزل عن الرأي، سلباً أو إيجاباً، في هذه الوقائع وتلك الاتجاهات (...)
شهد عقد العشرينات، حين ولدت «جماعة الإخوان المسلمين»، ظهور نُوى شيوعيّة في مصر ولبنان. لكنّ أحد الفوارق الهائلة والكثيرة بين الطرفين أنّ الشيوعيّين عبّروا عن ولادة قطاع حديث هو الصناعة وطبقتها العاملة ممّا أنتجته العلاقات الاستعماريّة الجديدة. أمّا (...)
أحياناً تبدو أميركا (أمريكا) كأنّها مرض مصريّ لا شفاء منه.
فاليوم ترتفع أصوات في جبهة الإخوان المسلمين والرئيس المخلوع محمّد مرسي تردّ الانقلاب العسكريّ الأخير إلى أميركا، وتذكّر بالعلاقات الوطيدة بين الاثنين كي تستنتج «المؤامرة» على مرسي وعهده. (...)
إذا استخدمنا مصطلحات «الربيع العربي»، أمكن القول إن تركيا أنجزت مهمة «الحرية» في 2002، مع وصول «حزب العدالة والتنمية» إلى السلطة. مذاك وهي تخوض معركة الانتقال المديد والمعقد إلى «الديموقراطية». وما الانتفاضة التي تشهدها اليوم بقيادة الطبقة الوسطى (...)
يذهب البعض من نقّاد «حزب الله» إلى أنّه نقل بندقيّته من مواجهة إسرائيل جنوباً إلى مواجهة الشعب السوريّ شمالاً، على ما بات واضحاً جدّاً في الأيّام القليلة الماضية انطلاقاً من معارك مدينة القصير.
وهذا تقدير، على رغم حسن النيّات لدى أصحابه، خاطئ (...)
ليس الزواج الأخير بين «القاعدة» و «جبهة النصرة»، على ما شابه من التباسات، بالأمر البسيط. وهو ما لا يفيد في الهرب منه الحديث عن دور النظام السوريّ في صناعة الإرهاب، أو عن تأثير التباطؤ الدوليّ في إنجاد الشعب السوريّ، أو عن الميل الغربيّ إلى تضخيم (...)
أظهرت ثورات «الربيع العربي» والمضاعفات التي تمخضت عنها، بعضاً من المعطيات التي كانت خافية أو مستترة.
فمن جهة، وهذا ما شد ويشد انتباه الكثيرين في العالم العربي وسائر العالم، تبدت أولوية الأهلي والمحلي على الوطني. وإذا بدا أن حقيقة كهذه لا تزال (...)
في العقد ونصف العقد المنصرمين، تدرّج طلب الحرّيّة في منطقة المشرق فمرّ في مراحل عدّة وعناوين عدّة، على ما بينها من تفاوت في الحجم والأهميّة: من ربيع دمشق إلى إطاحة صدّام حسين في بغداد، ومن انتفاضة القامشلي إلى 14 آذار اللبنانيّ، وصولاً إلى التتويج (...)
جدّدت حرب مالي وتداعياتها الجزائريّة السوداء النقاش بين فريقين، واحد يرى أنّ «الحرب على الإرهاب» تتقدّم وتحقّق انتصاراتها في خطّ تصاعديّ ولو شابهُ بعض الالتواء والتعرّج. وآخر البراهين أنّ التدخّل الفرنسيّ نجح في ردّ «أنصار الدين» وحلفائهم على (...)
هناك في المنطقة الممتدّة بين مصر والعراق ثورات كثيرة تندمج في كلّ منها مستويات عدّة. هناك تطلّب للحرّيّة والعدالة والتخلّص من الأنظمة المستبدّة، وأبرزها النظام السوريّ، وهناك في هوامش الثورات طلب على الديموقراطيّة والسير في ركاب الحداثة، وهناك في (...)
حركة الخوف من إفضاء «الربيع العربيّ» إلى أنظمة إسلاميّة حركة واسعة وعميقة في آن. الأقليّات الدينيّة والمذهبيّة مذعورة، وكذلك قطاعات عريضة من أبناء الطبقات الوسطى والمهن الحديثة. وهناك قطاع من المثقّفين والكتّاب ووجوه التلفزيون يستخدم هذا الخوف (...)
ممّا نُقل عن حسني مبارك في سجنه، أنّه «يردّد غالباً عبارة واحدة لا تتغير: أمريكا هي اللي بتحرك كلّ الثورات دي». والواضح أنّ الرئيس المصريّ السابق ليس على بيّنة من الفكرة التي تتكرّر في معظم المقالات والدراسات والأبحاث الأميركيّة الراهنة، من أنّ (...)
حين اندلعت حرب لبنان، كانت الطائفيّة موضوع الاكتشاف الأكبر لعدد غير قليل من المثقّفين والعاملين في الشأن العامّ. قبلها كان الميل إلى إنكار الطائفيّة أو تخفيف حضورها وأثرها من سمات التفكير ولوازم الكلام والكتابة. ومع الثورة السوريّة، يتجدّد الاكتشاف (...)
لم يف «الإخوان المسلمون» المصريّون بوعد سبق أن قطعوه حين تعهّدوا عدم ترشيح أيّ منهم لرئاسة الجمهوريّة. هكذا، وبذريعة تغيّرات وتحدّيات ليست مفهومة لأحد على ما يبدو، رشّحوا الرجل الثاني في آلتهم التنظيميّة، المهندس خيرت الشاطر.
هذه لم تكن أوّل (...)
في المؤتمر الصحافيّ الأخير لوليد المعلّم، وردّاً على سؤال حول السبل التي تنتهجها الحكومة لحلّ الأزمة السوريّة، قال إنّ «الحلّ الأمنيّ فرضته الضرورة، واليوم أصبحت هذه الضرورة واضحة وبات (الحلّ الأمنيّ) مطلباً جماهيريّاً».
طبعاً أردف وزير خارجيّة (...)
الاشتباكات التي اندلعت في طرابلس، بعد الاشتباكات الأعنف التي جدّت في تشرين الثاني (نوفمبر) الفائت، توحي بعطل ليبيّ عميق قد لا يكون من السهل تذليله والتغلّب عليه.
الأسباب المباشرة لذلك كثيرة، منها الخلاف حول كيفيّة التعامل مع السجناء من تابعي (...)
رسمت حرب تشرين (أكتوبر) 1973، ومن بعدها الحرب اللبنانيّة في 1975، لوحة لنظام المشرق الإقليميّ. واللوحة هذه سريعاً ما عزّزها توقيع مصر معاهدة كامب ديفيد ثمّ انخراط العراق في حرب مدمّرة مع إيران الخمينيّة.
في قلب اللوحة المذكورة قامت مركزيّةٌ سوريّةٌ (...)
تقديم الثورة السوريّة بوصفها ثورة مؤمنين أو إيمانيّين ضدّ علمانيّين هو من قبيل رفع الجزء إلى سويّة الكلّ. فالثورة هي، أوّلاً وأساساً، حركة شعبيّة يطلقها مضطهَدون ضدّ مضطهِدين. وفي الحركات الشعبيّة، كما الشعبويّة والعاميّة على أنواعها، هناك درجة من (...)
ليس خوف الأقليّات موضوعاً مفتعلاً أو عديم المعنى، كما يقال أحياناً في معرض سجاليّ. هناك خوف حقيقيّ تسنده أسباب فعليّة، وهو ما لا يقتصر على المسيحيّين والعلويّين: فحيث يكون الشيعة أكثريّة والسنّة أقليّة يصيب السنّةَ الخوف نفسه الذي يصيب الشيعةَ حين (...)
في الوعي اللبنانيّ التقليديّ، احتاج اللبنانيّون كي يؤكّدوا على «التفوّق» أن يؤكّدوا على «نقص» غيرهم، لا سيّما العرب وسكّان المهاجر التي يقصدونها. ذاك أنّ «المتفوّق» يلزمه تعريفاً اختراع مَن «يتفوّق» عليه.
وفي الوعي العربيّ التقليديّ، احتاج العرب (...)
ما حدث في ليبيا ليس بالأمر العاديّ ولا البسيط. إنّه نقلة ضخمة في الواقع العربيّ، وربّما غداً في الأفكار والتصوّرات أيضاً. ولأنّه بالضبط كذلك، نراه يستنفر غضباً هستيريّاً عند مناهضي التدخّل.
فنحن، هنا، لسنا أمام «نهب النفط» لأنّ النفط «منهوب» (...)
عالم ما بعد الانتفاضات العربيّة لا تزال صورته غامضة ملبّدة. لكنْ من شبه المؤكّد أنّ الإخوان المسلمين وحدهم، من بين قوى العالم القديم، السابق على الانتفاضات، سيلعبون فيه دوراً كبيراً.
فالقوميّون – العسكريّون، على اختلافهم، هم الذين انفجرت (...)
هناك بيننا من يؤيِّدون الثورات العربية كلها من دون استثناء، وهو موقف يمتد من القناعة الصائبة بأن الأنظمة جميعاً شائخة هرمة، وأن الشعوب جميعاً محرومة من الحرية، إلى وعي فوضوي أو آخر عدمي يحضان على تأييد كل ما يزلزل واقعاً قائماً.
وهناك من يعارضون (...)
الإصلاح، في سوريّة، له معنى واحد لا غير: إنّه الشروع بتفكيك حكم الحزب الواحد، أي إحداث شيء قريب ممّا حدث مع انعقاد «الطاولة المستديرة» في بولندا عام 1989. يومها، وبعد تصاعد في الاحتجاجات الشعبيّة والإضرابات العمّاليّة، ابتدأ حوار بين السلطة (...)
أيعارض تقدّميّ واحد انتفاضات أوروبا الشرقيّة والوسطى خلال 1989-91 بسبب دور الدين فيها؟
رئيس جمهوريّة ألمانيا الغربيّة يومذاك، ريتشارد فون فيساكر، لم يُعرف بأمور كثيرة، لكنّ عبارته في تفسير الثورة في ألمانيا الشرقيّة باتت شهيرة: سبباها الاثنان، (...)