إن أفكار أي شخص وتصوراته عن نفسه وعن العالم، تتضمنها خريطة ذهنية كَوَّنها له دماغه، فهو محكوم بهذه الخريطة ويعتقد أن أي فكر يخالف خريطته الذهنية هو فكرٌ ضال.
إن خريطته الذهنية عن الأفكار والتصورات مماثلة لخريطته الذهنية عن الأماكن؛ فحين يقود أي شخص (...)
ثلث أعمار الأفراد وربما نصف الأعمار في كل العالم يستغرقه الانتظام في مراحل التعليم، فما يكاد حامل الدكتوراه يستوعب ظروف العمل الذي يوكل إليه وما تكاد تنضج تجربته حتى يحال للتقاعد. لكن اللافت أن ما يتطبَّع به الناشئون تلقائياً في السنوات الست السابقة (...)
لا نهاية لمعوقات التفكير السليم، ومن هنا فإنه لا نهاية لحماقات البشر، وتبلغ الحماقة البشرية ذروتها في إعلان الحروب والاستغراق في تبرئة الذات وتجريم كل الأطراف المناوئة.
في مطلع العصر الحديث نبه ديكارت إلى تلقائية الحماقة واستثنائية الرُّشْد، فقد (...)
مثلما أننا نعتبر ابن رشد، والمتنبي، وطه حسين، وحسن عواد، وغازي القصيبي، أفراداً استثنائيين، فإن الفرنسيين في الوقت الحاضر يعتبرون (إدغار موران) فيلسوفاً استثنائياً.
إنه فيلسوف استثنائي حقاً؛ فهو عميق التفكير إنساني التوجه يحترق من أجل إصلاح التفكير (...)
من يقرأ تاريخ الفكر أو تاريخ العلوم أو التاريخ السياسي أو أي مجال مهم من مجالات الحضارة سوف يكون أمام حقيقة شديدة الوضوح؛ وهي أنه لم يتحقق أي إنجاز عظيم إلا باهتمام تلقائي قوي مستغرق.
وأكد الفيلسوف الأمريكي رالف بارتن بيري أن الطاقة البشرية محكومة (...)
خلال التأمل الطويل في الأوضاع الإنسانية على مستوى الأفراد وعلى مستوى العموم تَوَصَّلْتُ إلى عدد من المفاهيم منها مفهوم (العقل يحتله الأسبق إليه) ومفهوم (السوابق عوائق) ومفاهيم أخرى وقد استخدمت هذه المفاهيم في كتبي.
إن ثبات الأنساق الثقافية المتوارثة (...)
ما ينبغي أن يتنبَّه له الجميع: هو حقيقة أن كل النقائص هي ذات أولوية مطلقة وأن هذه النقائص والسلبيات تقاوم الإيجابيات بشكل تلقائي وعنيد وشرس.
وعلى سبيل المثال، فإن الجهل البنيوي هو الأصل وهو كلي الوجود وحاسم الفاعلية أما المعرفة فهي طارئة وجزئية. إن (...)
يخلط الكثيرون بين العلم كاهتمامات فردية من أجل الفهم الفردي: إذ كانت اهتمامات فردية معزولة وغير مؤثرة في شؤون المجتمعات كما هي حال ابن الهيثم وابن النفيس وغيرهما في حضارتنا مقابل؛ كون العلم صار العامل الأساسي في كل قطاعات الحياة.
الأمم كانت ولا تزال (...)
الأصل في كل العالم وعند كل الأمم، هو تلقائية استمرار الانتظام على الموروث، فكل جيل يرث بشكل تلقائي النسق الثقافي للجيل الذي قبله، في تتابعٍ تلقائي حتمي كانتظام تدفق الأنهار مع مجاريها.
أحيانا تحدث فرقعة توقظ المجتمع من السبات العقلي التلقائي الحتمي (...)
نشأ فتجنشتاين في أسرة نمساوية ثرية. زامل في المرحلة الثانوية هتلر. ثم التحق بمعهد تقني وتخرج في الهندسة الميكانيكية ثم سافر إلى بريطانيا والتحق بجامعة ما نشستر لدراسة هندسة الطيران.
وأثناء وجوده في بريطانيا قرأ كتاب (المبادئ الرياضية) الذي اشترك في (...)
الأصل في الإنسان أنه كائن حِسِّي، كائنٌ عملي أما العمق في الفهم النظري فنادر حتى بين المتعلمين حتى في الزمن الحاضر.
الإنسان يستطيع التعامل حسيًّا وعمليًّا دون معرفة نظرية؛ فالناس -خلال القرون- قاموا بأعمال عظيمة دون معارف نظرية، لقد شيدوا القصور (...)
للعقاد كتابٌ بعنوان (الثقافة العربية أسبق من ثقافة اليونان والعبريين)، وهو يَعتبر السبق دليلاً على التفوق، ولم يدرك أن تعقيدات الأنساق الثقافية تتراكم بمرور الزمن، فاليابان كان تحررها من السوابق جعلها الأسبق لتبني مكونات حضارة العصر فانطلقت بأقل قدر (...)
أحد الموضوعات المهمة جداً التي وضعتُها لخطتي في الكتابة ضمن مشروع: (تأسيس علم الجهل لتحرير العقل)، إصدار كتاب أو أكثر لتقديم نماذج فارقة من التغيرات النوعية الكثيرة التي تختلف بها الحضارة المعاصرة عن كل الحضارات القديمة..
لقد لاحظت أن المهووسين في (...)
حين يكون أي مجتمع منتظمًا في أي وضع؛ فإن الاختلافات العميقة، لا تكون ملحوظة، ولا معروفة، لأنها في حالة سبات نسبي. لكنها موجودة وبقوة لأن لكل فرد منظومة أنماط ذهنية تختلف عن كل الآخرين، ولأن مصالح وطموحات كل فرد، تخصه وحده، وهي تختلف عن مصالح وطموحات (...)
رغم كل ما حققته العلوم المتعلقة بالإنسان فإن مقولة الفيلسوف الانجليزي جيرمي بنثام ما تزال صامدة حيث يقول في كتابه (أصول الشرائع):
«خُلق الإنسان خاضعاً لسيدين قاهرين: الألم واللذة، فهما وحدهما اللذان يدلانا على ما ينبغي أن نفعل، كما أنهما يحددان ما (...)
تنطوي الطبيعة البشرية، على ميلٍ تلقائي إلى تعظيم الذات، بشكلٍ وهمي. وبذلك شاعت ظواهر التمركز؛ سواء على المستوى البشري بأجمعه، حيث كانت البشرية تتوهم أنها مركز الكون، أم على المستوى الأُسري، أم على مستوى العشيرة أو القبيلة أو على المستوى الفردي أو (...)
لو عرف الناس أسباب ميلهم إلى التذمر لكانوا أسعد بالحياة، ولصار ذلك سببا في شيوع التعاطف بين الناس، فالإنسان كائنٌ متذمر؛ لأن كل فرد يقيِّم الأمور والأحداث والمواقف بمنظار رغباته هو وليس بالواقع الموضوعي، إنه يحكم عليها باحتياجاته وطموحاته ومصالحه (...)
اشتهر المبدع الأمريكي سنكلير لويس بنقده الحاد للمجتمع الأمريكي. وفي البداية لم يتحمَّل الناس هذا النقد فهاجمه النقاد واتهموه بأنه يكره المجتمع وأنه لا يرى سوى السلبيات..
ولكن الناس أدركوا أن السكوت على السلبيات يؤدي إلى تناميها واستشرائها فأخذت قيمة (...)
• كل الأمم سواء في الغرب أم في الشرق لا تتغير رؤاها بالإقناع بواسطة الفلسفة والعلوم الموضوعية، فهذه أدوات ووسائل لابد منها، لكنها تنتظر قادة يحيلونها إلى واقع. إنها تتيح للقادة الجريئين إمكانات تغيير اتجاه الحركة، وتعبئة الأمم بالفاعلية، فأوضاع (...)
نجا (ستيف جوبز) من التأطير فغيَّر العالم بإبداعه كون الرواد المغامرين يسيرون دائمًا في اتجاه مضاد للتيار العام السائد، فإذا كان التعليم الجمعي يستهدف تكريس الواقع وتزكية الراهن فإن المبادرين المبدعين يسعون لتغيير الحال وتجاوز المكرّس وشق مسارات (...)
ليس غريبا أن تجد أكثر المبدعين هم من الذين نجت قابلياتهم من القولبة التعليمية وإنما الغريب أن يتمكن بعض الذين تم إخضاعهم للبرمجة التعليمية سنوات طويلة أن يتحرروا من التنويم التعليمي، وكما يقول بول سالمون: (عندما أعيد النظر في كل التفاهات التي (...)
ليست عادات الفرد الذهنية وولاءاته، ورؤاه الوجودية، سوى امتداد للعادات المتوارثة السائدة في مجتمعه، فكل مجتمع محكومٌ بعاداته الذهنية، والوجدانية، والسلوكية، وهو يتوارث هذه العادات، ويتبرمج بها، بحتمية حادة صارمة..
العقل البشري نظامٌ يعمل بالنمذجة، (...)
ينبغي أن يكون واضحًا أن المجتمعات التي ازدهرت، لم تزدهر بحصول طفرة في وعي عموم الناس مهما نالوا من تعليم، وإنما ازدهرت بعادات التحضر، فالسلوك المتحضر يفيض من الناس في المجتمعات المتحضرة، فيضانا تلقائيا بفاعلية التبرمُج والتعود التلقائي، وليس بإشراق (...)
إن الهدف من الكتابة عن رواد التنوير من مختلف الأمم هو إيضاح أن البداية لتحديث أي مجتمع تكون بأفكار ريادية خارقة مغايرة لما هو سائد، فإذا اقتنع بها قادة الفعل واستجابوا لها استجابةً إيجابية كافية تَغَيَّرتْ بذلك طريقةُ التفكير واتجاه حركة المجتمع (...)
إنه لأمرٌ جوهريٌّ وفي الصميم وفي غاية الأهمية للأفراد والمجتمعات والبشرية كلها أن يتعرَّف الناس على طبيعتهم ليُنَمُّوا إيجابياتها ويقاوموا السلبيات ذات الأولوية التلقائية، ولو تحقق ذلك للعدد الأكبر من الناس في كل الأمم لصار بإمكان الجنس البشري أن (...)