مثلما أننا نعتبر ابن رشد، والمتنبي، وطه حسين، وحسن عواد، وغازي القصيبي، أفراداً استثنائيين، فإن الفرنسيين في الوقت الحاضر يعتبرون (إدغار موران) فيلسوفاً استثنائياً. إنه فيلسوف استثنائي حقاً؛ فهو عميق التفكير إنساني التوجه يحترق من أجل إصلاح التفكير البشري، ويُسهم بعمق وكثافة في ترشيد المسيرة الإنسانية. ولأن الإنسان كائن ثقافي وأنه بما ينضاف إلى قابلياته وليس بما يولد به، فهو يصاغ فكراً ولغة واتجاهاً من خارجه إنه كائن منفعل. ولأن إدغار موران يدرك أن الإنسان يصاغ من خارجه، فقد كرس حياته التي امتدت قرناً كاملاً على الكفاح المتصل من أجل الإسهام في إصلاح التفكير والارتقاء بالأخلاق. إنه يوجه نشاطه إلى منظمة الثقافة والتربية والعلوم (اليونسكو) وإلى وزارات التربية والتعليم في كل العالم، وقد أثرى المكتبة العالمية بإنتاجه الفلسفي الغزير والحصيف حيث يتأجج رغبة في الارتقاء الإنساني. إنه يدرك هشاشة الإنسان وقابليته للتبرمج بأي اتجاه يتم دفعه إليه، وهو يستنهض كل من يعنيهم الأمر بأن يجتهدوا إلى أقصى حد بألا يتركوا الأفكار الضارة تهيمن على العقول فتدفعها نحو الأسوأ والأشد ضرراً، ومن حسن الحظ أن كل كتبه تقريباً مترجمة إلى اللغة العربية وهي تستحق عناية الجميع؛ ومن آخر ما صدر له كتاب (العقل المحكم) وقام بترجمته معهد تونس للترجمة.