حين يكون أي مجتمع منتظمًا في أي وضع؛ فإن الاختلافات العميقة، لا تكون ملحوظة، ولا معروفة، لأنها في حالة سبات نسبي. لكنها موجودة وبقوة لأن لكل فرد منظومة أنماط ذهنية تختلف عن كل الآخرين، ولأن مصالح وطموحات كل فرد، تخصه وحده، وهي تختلف عن مصالح وطموحات كل الآخرين. إن الانتظام التلقائي ضمن نسق ثقافي وسياسي متجدد، قائم على مؤسسات عقلانية تجمع بين القوة والانفتاح؛ هو الضمان لاستمرار تقدم المجتمع دون رجات واضطرابات مدمرة .... حين انسحب السوفييت من أفغانستان اعتقد الكثيرون أن المعضلة قد انتهت ولم يتصوروا أنه بانسحاب العدو المشترك تبرز الاختلافات بين الأفراد والمجموعات والمذاهب والاتجاهات لقد انقضى نصف قرن وأوضاع أفغانستان تزداد تدهورًا وعنفًا وتفرُّقًا. وحين سقط زياد بري في الصومال توهم الكثيرون أن الصومال تتجه نحو التحرر ولكن الأحداث أثبتت أن انفراط النظام في أي مجتمع هو بدايةٌ لكوارث لا نهاية لها. والأمثلة كثيرة من الماضي والحاضر وكلها تؤكد أن أي انفراط للنظام في أي مجتمع هو إيذانٌ باضطرابات مدمرة لا نهاية لها فليس أسوأ من الوضع الليبي في عهد القذافي لكن الاضطرابات التي أعقبت إسقاطه كانت أشد سوءًا فالإنسان كائن غير عقلاني وتتحكم به أهواؤه ونظرته النفعية الضيقة لذلك ينبغي أن يتعلم الناس تجنب الاضطرابات فلا يحفظ الحياة سوى الانتظام في وضع مستقر.