اشتهر المبدع الأمريكي سنكلير لويس بنقده الحاد للمجتمع الأمريكي. وفي البداية لم يتحمَّل الناس هذا النقد فهاجمه النقاد واتهموه بأنه يكره المجتمع وأنه لا يرى سوى السلبيات.. ولكن الناس أدركوا أن السكوت على السلبيات يؤدي إلى تناميها واستشرائها فأخذت قيمة هذا المبدع تعلو ثم رشحته بلاده لنوبل في الأدب ففاز بها.. كان سنكلير يواصل تنبيه الأمريكيين إلى أنهم تقدموا ماديا حيث تم التركيز على الجانب الاقتصادي وأن هذا التقدم المادي ملأهم بالزهو والغرور والصلف والانتفاش ولكن هذا التقدم المادي صاحَبَه غيابُ الإحساس الإنساني بالجوانب الإنسانية الراقية فغاب الاهتمام بالأدب والفن وحب الجمال. لقد تَغَوَّل حب المال حتى كاد الدولار يكون المعبود الأوحد.. ورغم السخط الذي قوبلتْ به إبداعاته في البداية؛ إلا أن نقده اللاذع وسخرياته الجارحة قد أثمرت يقظة عظيمة أعادت لأمريكا بعض التوازن وخفَّفتْ الخلل الذي كان يتفاقم في الحياة الأمريكية.. وقد قالت عنه لجنة نوبل بأنها تمنحه الجائزة لقدرته الحية على تصوير الحياة وخلق النماذج الإنسانية التي تمازجها الفطنة الناقدة الساخرة.. إن تجسيد الحياة الأمريكية بشخصيات همجية مضحكة كان عاملًا مهمًّا من عوامل اليقظة، فالنقد الساخر أيقظ الناس لإدراك الخلل والعمل على الارتقاء في المجالات الإنسانية الأرحب.