انطوى ليل مصر امس على تلاحق مثير للاحداث انتهى الى فرض حظر التجول في كافة انحاء البلاد التي شهدت مظاهرات واشتباكات دامية. كما انتشرت فرق من الجيش المصري في عدة مناطق بعدما عجزت قوات الامن عن كبح جماح المتظاهرين. وتراجع الرئيس المصري عن القاء خطاب كان يفترض ان يوجهه للمصريين عقب حظر التجول وانفلات الامور وقيام متظاهرين باقتحام مبنى الخارجية المصرية والتلفزيون المصري اضافة الى مؤسسات رسمية اخرى تعرضت للسلب والنهب. وتعهد الرئيس المصري حسني مبارك مساء أمس بعد التظاهرات غير المسبوقة التي طالبت باسقاط نظامه ب"خطوات جديدة" على طريق الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، واعلن اقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة اليوم السبت. وقال مبارك ان "طريق الاصلاح الذي اخترناه لا رجوع عنه او ارتداد ، سنمضي عليه بخطوات جديدة تؤكد احترامنا لاستقلال القضاء واحكامه ومزيد من الحرية للمواطنين". واضاف انه سيتم اتخاذ خطوات جديدة "لمحاصرة البطالة ورفع مستوى المعيشة وتطوير الخدمات والوقوف الى جوار الفقراء ومحدودي الدخل". واكد انه طلب من الحكومة "ان تقدم استقالتها" ، موضحا انه سيشكل حكومة جديدة اعتبارا من اليوم وسيصدر اليها تكليفات لتحقيق ذلك. وتابع مبارك 82( عاما) الذي يتولى السلطة منذ 30 عاما انه كان دائما يؤمن بان "السيادة للشعب وسوف اتمسك دائما بحقه في ممارسة حرية الرأي والتعبير طالما تمت في اطار الشرعية والقانون". وقال انه تابع التظاهرات "وتابعت محاولات البعض لاعتلاء موجة هذه المظاهرات والمتاجرة بشعاراتها واسفت كل الاسف لما اسفرت عنه من ضحايا ابرياء من المتظاهرين وقوات الشرطة". وشهدت مصر امس عقب صلاة الجمعة تظاهرات حاشدة ومصادمات دامية شارك فيها عشرات الآلاف من المصريين ما اسفر عن سقوط 5 قتلى واصابة المئات بجروح في القاهروة واعتقال عدد من الصحفيين والاعلاميين ، عدا عن اضرام النيران في اليات عسكرية واحراق مقار للحزب الحاكم ومؤسسات رسمية وحكومية في اكثر من منطقة من بينها مقر الحزب الحاكم الرئيسي في القاهرة. في ما اعلن عن مقتل 13 وجرح 75 في السويس ، و2 في المنصورة و3 من الشرطة في سيناء . وردد المتظاهرون هتافات تطالب برحيل الرئيس المصري حسني مبارك واسقاط نظامه ، بينما حاولت قوات الشرطة تفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع وطلقات الرصاص المطاطي ، ففي القاهرة ، تظاهر قرابة ثلاثة الاف في ميدان الجيزة واكثر من الفين في الازهر وعدة الاف في شبرا والمطرية وميدان التحرير وفي عدد من الاحياء الاخرى. ووقعت فور انتهاء صلاة الجمعة اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين المحيطين بالمعارض المصري محمد البرادعي في ميدان الجيزة ، جنوب العاصمة المصرية والذي فرض عليه الاقامة الجبرية لاحقا. وفي الاسكندرية ، وقعت اشتباكات بين الاف المتظاهرين والشرطة في مسجد القائد ابراهيم بميدان محطة الرمل وهي الساحة الكبرى بوسط المدينة. وفي المنصورة ، عاصمة محافظة الدقهلية تظاهرة الالاف ، وكذلك في المنيا. وشهدت السويس كذلك تظاهرات شارك فيها الالاف واشتبكوا مع قوات الامن. اما في السويس فقتل متظاهر عندما اطلقت قوات الامن النار لمنع الاف المتظاهرين من اقتحام مركز شرطة في هذه المدينة الواقعة على القناة التي تحمل الاسم نفسه وفقا لشهود عيان.وقام متظاهرون باحراق ثماني سيارات للشرطة وقسم شرطة الاربعين بوسط المدينة واستولوا على الاسلحة الموجودة فيه بعد ان هرب منه رجال الشرطة. وامتدت التظاهرات الى مدن اخرى حيث شارك الالوف في الاحتجاج في مدن دمياطوالمنيا ودمنهور والزقازيق وكفر الشيخ والفيوم وكوم امبو بمحافظة أسوان كما خرج عشرات الالاف من المتظاهرين في مسيرات بمدينة المحلة الكبرى التي تكثر بها المصانع بوسط دلتا مصر. وفي سيناء قال شهود ان مسلحين أطلقوا رصاصا كثيفا على قسم شرطة الشيخ زويد في محافظة شمال سيناء وأجبروا من بداخله من الضباط والجنود والعاملين على الاستسلام. وقال شهود عيان ان متظاهرين تجمعوا قرب القصر الرئسي في القاهرة في محاولة لاقتحامه. كما تحدثت انباء اخرى عن اصابة المعارض ايمن نور بجروح. وتضاربت الانباء بخصوص عدد القتلى حيث قالت قناة الجزيرة ان امرأة واحدة الاقل قتلت وسقط عشرات المصابين خلال المظاهرات في ميدان عبد المنعم رياض القريب من ميدان التحرير بوسط بالقاهرة.فيما اكدت قناة العربية ان عددا من رجال الشرطة المصريين خلعوا زيهم الرسمي وانضموا للمحتجين بعد رفضهم اطلاق الغاز المسيل للدموع ضد الجموع المحتشدة. وافادت مصادر طبية بوزارة الصحة المصرية بان اعداد المصابين في المظاهرات التي تجتاح جميع احياء القاهره بلغت 230 شخصا. واضافت المصادر ان 130 حالة جرى نقلها للمستشفيات لتلقي العلاج بينما خرج الباقون بعد تلقي اسعافات اولية. وذكرت مصادر امنية ان اعداد المصابين تجاوزت 850 اصابة. ورغم عدم اعلان السلطات المصرية عن اي ارقام بخصوص المعتقلين قالت مفوضة الاممالمتحدة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي ان السلطات المصرية اعتقلت أكثر من ألف شخص خلال المظاهرات الحاشدة ضد الرئيس المصري حسني مبارك. من جهة اخرى ، اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية ان اربعة صحافيين فرنسيين تم اعتقالهم امس في القاهرة بسبب قيامهم بتغطية الاحداث افرج عنهم لاحقا. وفرضت السلطات المصرية حالة من التعتيم الاعلامي وتشديد الامن حيث تم قطع الطرق الرئيسية ووضع الحواجز الامنية فضلا عن قطع خدمات الاتصال والانترنت والهواتف المحمولة. وفي خطوة اخرى القت قوات الامن المصرية القبض على 20 على الاقل من قيادات الجماعة وكوادرها في المحافظات المختلفة ، بحسب محامي الاخوان عبد المنعم عبد المقصود. ومن بين المعتقلين ثمانية على الاقل من قياديي الجماعة في مداهمات جرت في الساعات الاولى من صباح امس من بينهم المتحدثون باسم الجماعة عصام العريان ومحمد مرسي وحمدي حسن.واتخذت السلطات المصريّة إجراءات احترازيّة في مطار القاهرة الدولي لمواجهة تداعيات التظاهرات الاحتجاجيّة التي تشهدها العاصمة القاهرة. الا ان انباء لاحقة قالت ان حركة الطيران في مطار القاهرة توقفت بالفعل.