في خطوة استثنائية تهدف إلى مواجهة مظاهر المغالاة والتفاخر بمهور الفتيات، قرر المواطن السعودي أحمد الغامدي المقيم في إحدى قرى منطقة الباحة، أن يزوج ابنته مقابل مهر رمزي قيمته خمسة ريالات فقط. والد العروس قال إنه حرص على تزويج ابنته "بمهر رمزي تخفيفًا عن عريسها وعدم تحميله ما لا يطيق"، معربًا عن معارضته مبالغة بعض الأسر في المهور والطلبات والاشتراطات التي وصفها بالتعجيزية. وفسر موقفه قائلاً: "حرصت على اختيار زوج مناسب لابنتي؛ فيه من الصفات الحميدة ومكارم الأخلاق ما يجعله يقدر موقفي، بما ينعكس على ابنتي بحسن التعامل وطيب المعشر. أريد أن تذهب ابنتي إلى بيت زوجها وهما سعيدان؛ لا تثقل كاهل أحلامهما الديون"، حسب صحيفة "عكاظ". ورأى أحمد الغامدي أن ضغوطات الحياة التي تنتظر بطبيعتها مستقبل حديثي الزواج، إذا أضيف إليها هم الديون، فإنها تنعكس سلبًا على نفسية الزوجين ومستقبلهما. وأوضح أنه، بعد أخذ موافقة ابنته على هذه المبادرة وعرض الأمر على العريس، قال له: "إن موقفك هذا يجعل المسؤولية في عنقي مضاعفة، وسأعتبر المهر المدفوع خمسة ملايين ريال لا خمسة ريالات. وابنتك ستكون في قلبي وعلى عيني". وعاد والد العروس ليبدي أسفه الشديد لما يلاحظ "في مظاهر متفشية من متاجرة الآباء ببناتهم، والتي تحوَّل بعضها إلى مداولات ومفاوضات ترخِّص في حقيقتها قيمة الأنثى الإنسانية، وتجعل منها سلعة يتساوم المتبايعون على سعرها"، معتبرًا الرجل الواعي "هو من يبحث عن سعادة ابنته بعدم تحميل زوجها ديونًا والتزامات لا طاقة له بها". مليون ونصف المليون عانس تأتي مبادرة الغامدي الفردية في الوقت الذي يعاني فيه المجتمع السعودي من تصاعد ظاهرة العنوسة. وحسب إحصائية نشرتها صحيفة "الوطن" السعودية الشهر الماضي، فإن هناك مليون ونصف المليون عانس في المملكة، البالغ عدد سكانها نحو 20 مليون نسمة؛ نصفهم تقريبًا من الإناث، ومن المتوقع أن يرتفع عددهن في خمس السنوات القادمة إلى أربعة ملايين فتاة. وأرجعت نتائج الإحصائية 43% من أسباب العنوسة إلى ارتفاع تكاليف الزواج وغلاء المعيشة، بينما ترجع نسبة 41% إلى اهتمام المرأة بدراستها وعملها، و16% بسبب الخوف من الوقوع في الطلاق. إحصائية مخيفة الفتاة الجامعية ندى محمد علقت على هذه الإحصائية بقولها: "لا أنكر أن الإحصائية مخيفة، وأعتقد أن السبب في العنوسة يعود إلى عدم وجود وظائف للشباب، وعدم القدرة على تكوين منزل الزوجية، ومن ثم زيادة معدل العنوسة لدى البنات والشباب على حد سواء". أما رويدا الصديقي فترى أن أهم أسباب العنوسة "امتناع الفتاة عن الزواج بحجة إكمال الدراسة الجامعية، وبعدها الحصول على وظيفة، إضافةً إلى المواصفات الخيالية التي تضعها لفارس أحلامها، وكذلك تمسكها بالعادات والتقاليد المجتمعية، والاهتمام بتفاصيلَ أجدها تافهة، وشروط تعجيزية في المسكن ومفروشات المنزل، والسفر لقضاء شهر العسل خارج المملكة، فترهق الشاب ماديًّا". أمر الله وفي تعليقه على هذه القضية، قال الدكتور محمد السهلي أستاذ الشريعة بجامعة أم القرى: "مشكلة العنوسة بدأت تتفاقم، ونخشى أن تصبح ظاهرة. والسبب الرئيسي في هذه المشكلة مخالفة أمر الله". ولحل هذه المشكلة، أعرب عن أمله أن "نمتثل أمر نبينا صلى الله عليه وسلم في الزواج؛ حيث قال: (خير الصداق أيسره، وخيرهن أقلهن مؤنة)"، متسائلاً: "ما يمنع أن تقام حفلات الزواج في استراحات أجرتها لا تزيد عن 4 آلاف ريال، وأن يقتصر الحفل على الأسرتين، وأن يبدأ الزوج حياته بشقة مكونة من حجرتين؟! فهما زوج وزوجة ولا ثالث لهما". وطالب بحملات توعوية تثقيفية للجانبين، سواء الشباب أو الفتيات، وأولياء أمورهم، وبأن يتقوا الله، وبتيسير أمر الزواج.