الأسهم الأوروبية تغلق على تراجع    أمير تبوك: نقلة حضارية تشهدها المنطقة من خلال مشاريع رؤية 2030    الفالح: المستثمرون الأجانب يتوافدون إلى «نيوم»    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يقرّ الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2025م    السعودية وروسيا والعراق يناقشون الحفاظ على استقرار سوق البترول    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    الملك يتلقى دعوة أمير الكويت لحضور القمة الخليجية    الهلال يتعادل إيجابياً مع السد ويتأهل لثمن نهائي "نخبة آسيا"    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    «فقرة الساحر» تجمع الأصدقاء بينهم أسماء جلال    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    الأسبوع المقبل.. أولى فترات الانقلاب الشتوي    «شتاء المدينة».. رحلات ميدانية وتجارب ثقافية    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    مبدعون.. مبتكرون    ملتقى الميزانية.. الدروس المستفادة للمواطن والمسؤول !    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    بايدن: إسرائيل ولبنان وافقتا على اتفاق وقف النار    كيف تتعاملين مع مخاوف طفلك من المدرسة؟    حدث تاريخي للمرة الأولى في المملكة…. جدة تستضيف مزاد الدوري الهندي للكريكيت    قمة مجلس التعاون ال45 بالكويت.. تأكيد لوحدة الصَّف والكلمة    7 آلاف مجزرة إسرائيلية بحق العائلات في غزة    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    كثفوا توعية المواطن بمميزاته وفرصه    شركة ترفض تعيين موظفين بسبب أبراجهم الفلكية    «هاتف» للتخلص من إدمان مواقع التواصل    حوادث الطائرات    حروب عالمية وأخرى أشد فتكاً    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    الرياض الجميلة الصديقة    هؤلاء هم المرجفون    المملكة وتعزيز أمنها البحري    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    جمعية لأجلهم تعقد مؤتمراً صحفياً لتسليط الضوء على فعاليات الملتقى السنوي السادس لأسر الأشخاص ذوي الإعاقة    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغذامي: عملت متطوعا لأرد الجميل للشيخ ابن عثيمين والليبرالية تتعرض لابتذال مخيف
نشر في أنباؤكم يوم 28 - 02 - 2010

نقلا عن الوطن السعودية : مازال الناقد الشهير عبدالله الغذامي، ثابتا على منهجه في نقده لوزارة الثقافة التي يصر على أنها الغت الانتخابات في الأندية الأدبية، وفي تذمره مما يعتبره تباكي المبدعين، بل يصل الغذامي إلى حد اعتبار نفسه كاتبا عربيا لا سعوديا، إضافة إلى رفضه أن يكون (مأذونا) كما يقول. هنا حوار معه:
في حوار سابق "على الهاتف" مع "الوطن"، قلت إنك مستعد لحرق كتابك (الخطئية والتكفير) لماذا؟!
- الحديث لم يكن لا عن الخطيئة والتكفير ولا عن الإحراق، ولو تتذكر معي السؤال فقد كان "أن الغذامي في معركة مع التيار الإسلامي" فكان جوابي: لا أنا لست في معركة مع أحد، ولكن هم ضد، فقال هل تمد يدك إليهم، قلت نعم أمد يدي إليهم، فقيل لي: حتى لو طلبوا منك التنازل عن أفكارك، فقلت حتى لو طلبوا مني إحراق كتبي، فالمسألة هنا هي مسألة أنني لا أنظر للأمور شخصيا، لا يوجد علاقة شخصية عضوية بيني وبين أفكاري، أنا أقول أفكاري أعرضها ولا أفرضها، فبالتالي أترك الأفكار للناس إذا صدرت من عندي ينتهي أمرها، إلى درجة أنني لم أعدل قط في أي كتاب من كتبي فالطبعات التي تصدر بعد الطبعة الأولى هي نفسها التي صدرت في الطبعة الأولى، فالعهد الذي بيني وبين القراء هو الطبعة الأولى، والفكرة التي لا تدافع عن نفسها بنفسها لا تستحق الدفاع عنها، أي فكرة تحتاج للمؤلف أو لصاحبها كي يدافع عنها فهي فكرة ضعيفة غير قادرة على البقاء للتاريخ وللزمن، وأنا لا أنظر لأفكاري من هذا المنظار، أنظر لأفكاري على أنها كائنات مستقلة عني بمجرد أن أقولها.
كتاب الخطيئة والتكفير الذي صدر عام 1985، ساهم في تفجير معركة الحداثة والصحوة، ماهو تشخيصك لهذه المعركة؟
- هناك وجهان للقضية، الوجه الأول أن المعركة أفادت الكتاب من حيث التوزيع والترويج وهذا جانب إيجابي، والجانب السلبي أنها أحدثت أضرارا سلبية جداً في تصورات جماهير عريضة من الناس حول الحداثة من جهة، وحول أسمائنا من جهة أخرى، ولم نكن نعي الضرر الذي يمكن أن يحدث، كنا نعتقد أن الكلام الذي يقال كهجوم علينا كأشخاص أو على أعمالنا وأفكارنا، نظن أنه من الواضح جداً للآخرين أنه يقوم على التجني وليس على حقيقة علمية أو حقيقة مبرهنة لكن رهاننا هذا تبين أنه خاطئ لأن ذاكرة الناس واستقبال الجمهور لم تكن تفحص هذا الهجوم وتقارنه بالكتب، لدرجة أن المليباري رحمه الله كتب ما يقارب من 30 مقالة عن كتابي الخطيئة والتكفير وهو لم يقرأ الكتاب وصرّح بأنه لم يقرأ الكتاب ولا يريد أن يقرأه.
هل أفادت هذه المعركة الحراك الثقافي؟
- أي معركة تدور حول أي فكرة أو شخص أو نظرية هي من مصلحتها من حيث الترويج، من مصلحتها من حيث إشعال الإحساس حولها، بل إن أسوأ ما سيحدث لأي شخص أو فكرة هو أن تمر بسلام دون أن يكون هناك تعارك حولها، فهذه مسألة أكيدة، لكن هناك الضرر الجانبي الآخر وهو أن المفاهيم أحياناً يجري ابتذالها والإساءة إليها مثلما ابتذلت مصطلحات كثيرة كمصطلح الليبرالية التي يتعرض لابتذال شديد الآن وابتذال مخيف ومذهل يجعل المصطلح مجرد ورقة توت تستخدم فقط لأغراض غير أغراض القيم المعرفية العليا.
تقاعدت كأستاذ، ثم عدت متطوعاً للتدريس في الجامعة، لماذا التقاعد ثم التطوع؟
- في تاريخ حياتي درست عند أناس في صغري كانوا متطوعين يدرسوننا بعد العصر في المدرسة أو في الجامع منهم الشيخ محمد بن عثيمين والأستاذ عبدالله الحسن البريكان والأستاذ علي السيوفي، كانوا يدرسوننا العلوم اللغوية والشرعية ولم نكن نشعر بمعروفهم ونحن صغار ولما كبرت وبدأت أشعر بهذا المعروف كانوا قد انتقلوا إلى رحمة الله، ولم تحن لي الفرصة لأقول لهم شكرا أو أقبل رؤوسهم شاكرا ومقدرا لهم، وأحسست أنه من باب رد الجميل لهم وكجزء شكرهم هو أن أعمل عملهم، وأحيي سنة حميدة كانوا قد بدؤوها، وكنت أتكلم مع الدكتور خالد العنقري وقلت له إني سأدرس بدون مقابل مادي أو معنوي، فرد علي بأنه سيكون هناك مقابل معنوي فرفضت ذلك، إرضاء لضميري ومحبة لقسم اللغة العربية، وإحياء لتلك السنة القديمة.
أستاذ النظرية هو الناقد الذي اشتكى منه الكثير من المبدعين، حدثنا عن النظرية فقد يجلو ذلك سوء الفهم بين الغذامي والمبدعين؟
- على أي حال سأتحدث عن المبدع لأنه هو القضية، المبدع ينتظر منك أن تكتب عنه مادحا ومثنيا، أما إن كتبت منتقدا له فسيدعي عليك بأنك إقصائي وأنك لا تشجع المواهب، وإن سكت بدأ يصرخ ويقول لماذا سكت، على هذا الكرسي الذي تجلس عليه جلس عندي مرة أحد الروائيين جاء يهدي روايته، فكنت أحدثه وأقول على بعض الروائيين أن يحمدوا الله على أن النقاد لا يتكلمون لأنهم لو تكلموا، سيفضحون هذه الروايات بسبب رداءتها الشديدة، لذلك المبدعون الذين تراهم يتباكون في الصحف على النقاد هم لا يطلبون متابعات نقدية هم يطلبون المديح والثناء، والنقد ممارسة فلسفية معرفية وليس لخدمة المبدع، ليس لغرض تسويقي، هناك من ينظر للناقد على أنه مأذون يعقد علاقة بين رأسين بالحلال بين المبدع والجمهور، هذه ليست وظيفة الناقد، امرؤ القيس لم يكن له ناقد يسوقه للجمهور، محمود درويش لم يكن بحاجة لناقد، العلاقة بين المبدع والجمهور علاقة مباشرة لا تحتاج إلى وسيط.
كلامك هذا يشعرنا أن الإبداع غائب تماماً! فهل سبق النقد الإبداع، هل تجاوز النقد الإبداع؟!
- من الخطأ الربط بين النقد والإبداع، فالنقد عمل فلسفي فكري أنا عندما أقرأ أرسطو أو أفلاطون أو رولان بارت في هذه الحالة أنا لا أقرأ أدباً، أنا أقرأ فكراً معرفيا، ومن يحاول الربط بين النقد والإبداع فهو لا يعرف الحدود على مستوى المعرفة وعلى مستوى الخطاب، قبل أن يولد النقد كان هناك إبداع مرّ دون أن يكون هناك مدارس نقدية، الإبداع له شروط وله عالمه وله تاريخه وله نموه الخاص، ويستطيع الاستقلال التام عن النقد، كذلك النقد يمكن أن يكون له الاستقلال التام عن الإبداع.
أنا حينما أريد أن أكتب على المستوى النقدي النظري ممكن أستعين ببيت لأمرئ القيس وبيني وبينه أكثر من سبعة عشر قرنا أو بنص لبورخيس أو تولستوي، لست مضطراً إلى أن أربط نقدي ربطا محليا أو ربطا معاصرا، بل إني لا أقول عن نفسي إنني ناقد سعودي على الإطلاق ولا أتصور هذا أبداً، أنا ناقد عربي بمعنى أنني أتعامل مع اللغة العربية نفسها كتاريخ وكمنطقة معرفية وفكرية وفلسفية، لذلك لا يصح الربط بين النقد والإبداع.
قلت إنك ناقد عربي، هناك شعراء وروائيون يتهمون الغذامي بأنه يستورد نظريات نقدية لا تناسب اللغة العربية، فما رأيك في هذا الاتهام؟
- لسنا محتاجين للمرافعات هنا ونفي التهم أو إطلاقها، علينا فقط أن نحتكم إلى أمر واحد، الفكر مثله مثل الجسد البشري والأعضاء داخله، الآن في الطب هناك نقل الأعضاء من جسد إلى الجسد، العضو المنقول إذا لم يناسب الجسد المستقبل له فسيموت العضو أو سيتسمم الجسد.
النظريات كذلك لا يمكن لنظرية أن تدخل وتستمر في الفكر والمعرفة إذا كانت المعرفة لا تقبلها، هذا جانب. الجانب الآخر هناك مقولة قالها إدوارد سعيد عن رحلة النظرية، وملخصها أن النظرية مثل الشتلات التي لدى الفلاح، الفلاح يعرف كيف ينقل زرعة من بيئة إلى بيئة ويعمل لها تبيئة، النظرية كذلك إذا لم يحدث لها فعل التبييئ والتقليم والتعديل والتحوير، لكي تناسب البيئة الجديدة المستضيفة فهي حينها غير قابلة للنمو. لذلك لابد من إجراء مجموعة عمليات يعرفها الناس الذين يتعاملون مع النظرية، ويعرفون شروط التوظيف وقاموا بممارسة التوظيف، النظرية تترحل من الشرق إلى الغرب من أقصى روسيا من الشكلانيين الروس وباختين إلى أواسط أوروبا إلى فرنسا إلى أمريكا ثم تعود بعد ذلك في رحلة مستمرة وتطور مستمر وتبادل مستمر يعرفه أهل الخبرة بالمسائل النظرية ويجهله من لا خبرة لهم من النَقَلة الحرفيين.
ألا ترى أنك تقسو على المبدع ؟!
- المبدع الذي يتحسس من الناقد أو غير الناقد هذا في داخله إنسان هش وهذا لن يساعده، المبدعون الحقيقيون في التاريخ كله كانوا أكبر من كل هذه المعضلات، والواقع أن المعضلات الكبرى هي التي صنعت المبدعين الكبار، أناس منهم دخلوا السجون وتعرضوا لملاحقات، وهذا الذي صنع منهم كبارا. أما هذا المبدع الهش الذي يحتاج إلى بساط أحمر وتطبيل على كتفه فهذا نبتة هشة ستموت لا يجب أن نعبأ به، الحياة للأقوياء وليست للهشين الضعفاء، ولذلك راقب أنت لو كشفت عن السنوات الثلاثين الماضية كم شاعر مر ممن يسمون الحداثيين أو غير الحداثيين ونسيهم الزمن، سميت بعضهم جيل الكعكة، وهناك روايات بالمئات كم سيبقى منها بعد سنوات، هذه ثقافة الهشاشة أو ثقافة المراهقة، هذه ترفع رأسها بالصراخ والعويل لفترة ثم تندثر ويأتي غيرها، والزبد كثير في هذه الحياة وسيذهب جفاء في الأرض.
ما مدى تأثير الحضور الثقافي على حياتك الاجتماعية؟
- أنا لا أملك حياة اجتماعية فنهاري جزء كبير منه لعملي أقضيه في مكتبتي الخاصة، وأقتنص بعض الوقت للإنترنت، خصصتُ ساعتين من وقتي في الأسبوع للإنترنت، لأعلم ما يجري في هذا العالم، ما زالت علاقتي مع الكتاب والورق، ولا أريد أن تتأثر، و جزء من وقتي لعائلتي وبناتي، أما فيما يخص المؤتمرات العالمية والعربية، فأنا قلصت هذا الوقت، في هذا الفصل الدراسي دعيت لأكثر من عشرة مؤتمرات واعتذرت عن أكثرها، ولم أحضر سوى ثلاثة مؤتمرات، أولاً لأنني لم أعد مرتاحاً لمؤتمرات النقد الأدبي لأنها أصبحت باردة وجافة وتكرر أشياء مكرورة لم تعد مثيرة والحضور عندها أيضاً ضعيف، وثانياً أنا أرى أن مقابلة في التلفزيون تعادل مئة ندوة ومئة مؤتمر من حيث توصيل الأفكار والتفاعل معها ووصولها لقاعدة عريضة.
وهل أثر هذا الحضور على الغذامي داخل الحي ومع الأهل؟
- بالطبع، انشغالي العلمي والمعرفي أخذ مني وقتي كله فلذلك علاقاتي الاجتماعية صفر تقريباً، أهل الحي لديهم دورية اعتذرت عنها، بل حتى مع عائلتي لا أحد يحضر من إخواني وأخواتي إلا بموعد مسبق واتفاق على الوقت والمدة، وهم يقدِّرون ويعرفونني، يعرفون أن هذا هو أنا، ووالدتي رحمها الله كانت تلومني على ذلك لوماً شديداً، وتطلب مني أن أفتح بيتي وأستقبل الناس، لكنني كنت لا أستطيع لانشغالي الشديد.
حتى مع تقاعدي لا يزال وقتي ضيقا جدا.
* عن كتابك الأخير، القبيلة والقبائلية، نقدت الانتماء للقبيلة؟
هناك انتماءات إيجابية وفعالة وهي من حقوق البشر، ولكن إذا تحول الانتماء إلى نفي وعداء للآخر هنا تجاوزنا الجانب الإيجابي والإنساني من الانتماء إلى الجانب العدواني، أنا سأشير إلى تعريف مونتسكيو للحرية: حقك أن تفعل كل ما لا يضير الآخرين، إذا دخلت في الإضرار بالآخرين حينها بدأنا بالنسقية الثقافية التي يجب أن نوجه النقد لها.
وكأن الغذامي يقول بأنه لا فرق بين من يشجع ناديه الرياضي أو قبيلته، هل هناك فرق؟
- إن كان مجرد تشجيع فلك الحق في تشجيع من تشاء، ولكن لا يكون تشجيعك لانتمائك قائما على إلغاء الآخر وتمني الشر له وإيذاءه بكل الطرق.
هل للقبيلة قداسة جوهرية، هل للقبيلي أن يرى نفسه فوق غير القبيلي؟
- أعوذ بالله، هذا لا يجوز وهذا ظلم، وويلٌ لمن فعل هذا، كل إنسان يمتلك نسبا، ولا فرق بين عائلة كبيرة وعائلة صغيرة، والقبيلة ليست سوى عائلة كبيرة جداً، وأي انسان لا يعرف سوى أمه وأبيه فهو ينتمي لقبيلة صغيرة جداً هي عائلته المكونة من أب وأم.
لا يوجد قداسة لنسب، القداسة للعمل إن أكرمكم عند الله أتقاكم، وبئس ذلك الشخص الذي يرى أنه يسمو بنسبه، بل فرسان القبائل و شيوخها كانوا يهزأون ممن لا يفخر سوى بنسبه.
القبيلة قيمة محايدة، قيمة اجتماعية وثقافية محايدة، من حق الإنسان أن ينتمي إليها، لكن يجب أن يعرف أن القبيلة ليست سوى عائلة كبرى، والعائلات أيضاً بالمثل هي قبائل ولكنها صغيرة جداً، ولو تعمقنا في التاريخ فسننتهي إلى نسب واحد، أب واحد وأم واحدة، والتفريق بين البشر هو من اصطناعنا نحن، نحن من صنع هذه الفروقات بين البشر.
ألا ترى أن القبيلة تقف في وجه المجتمع المدني؟
طبعاً لا، هذا غير صحيح، هذا هراء، لو ألغينا القبيلة اليوم هل سنصبح غداً مجتمع ديموقراطي متجانس ومتآلف وعظيم، طبعاً لا.
البنى الاجتماعية معيبة وتحتاج إلى النقد والتشهير بهذه العيوب، مجتمعنا تتحكم فيه الأنساق بشدة، تتحكم بالمدعي للديوقراطية والمدعي للحداثة والليبرالية، حتى المدعي للإسلام وهو يكفر الناس ويظلمهم ويجافي كل شروط التقوى، والليبرالي الذي يدعيها ثم يقمع الرأي الآخر ولا يحتمل أن يوجه له النقد حتى لو كان عبر قفازات من حرير.
أنت أمام نسق ثقافي يتحكم بالجميع، وأحاول بما إنني أشتغلت في الآونة الأخيرة على موضوع الليبرالية، أحاول أن أجد ليبرالياً واحداً تنطبق عليه شروط وصفات وسمات الليبرالية بمعناها الفلسفي المثالي، ووالله لم أجد، ومن لديه اسم فليسمه لي.
ماذا تقول لوزارة الثقافة والإعلام ؟
- والله لا أدري ماذا سأقول لها! فأنا ما زلت أوجه لوماً أخوياً للصديق الأستاذ إياد مدني حينما اتخذ أول قرار بإلغاء الانتخابات من الأندية الأدبية، وما زلنا ندفع الثمن إلى اليوم، لا تزال كل الأخطاء التي تقع الآن ناتج عن خطأ إلغاء الانتخابات.
ولكن هناك من يقول إنه لم يكن هناك انتخابات!
- كان هناك انتخابات وأنا دخلت الانتخابات وفي جدة عملت ثلاث مرات وفي الطائف مرتين وعملت في عسير وفي القصيم، وفي نادي جدة أنا وعبدالفتاح أبو مدين كنا منتخبين، الذين ينكرون إما أنهم جيل جديد لم يعي تلك المرحلة، أو أنهم كانوا بعيدين، أو أنهم ممن تم تعيينهم فيريدون أن يلبسوا على الآخرين، كان هناك انتخابات وهي جزء من لائحة الأندية الأدبية وبند موجود وواضح لو عدت إليه لوجدت هذه الحقيقة.
وسيرتك الذاتية ألن تكتبها؟
أنا كتبت حكاية الحداثة، والآن ربما أن أصدقائي الليبراليين سيساعدونني لعمل كتاب عن حكاية الليبرالية في المملكة، فإن تجملوا معي وزادوني قصصا وحكايات وزادوني هجوما وتريقة وسخرية فسيساعدوني على عمل كتاب عن حكاية الليبرالية.
والمشاريع الإبداعية بعيداً عن النقد؟
- أنا رجل أشعر أنني حكواتي أحب الحكي والسواليف وأحب إيصال الأفكار عبر الحكايات، بمعنى التوسل بالقصص والحكايات، هذا جزء من تكويني لم أكن واعياً به، كنت أظن أنني شاعراً، واتضح أن شعري هراء لا يستحق، وكنت عازما على نشره في ديوان، والحمد لله أنني لم أفعل.
لأنه لو كان لدي ديوان فسأكون خجلاً منه الآن، والصديق الحبيب أبو فوزي الأستاذ علي العمير لما علم أنني من باب السخرية قلت سأبيع قصائدي بأي مبلغ يأتي ولأي مشترٍ يطرق الباب، اتصل وقال إنه سيشتريها وعرض عليّ ريالين أو ثلاثة، وطلب مني أن أجري له تخفيضات، والحمدلله اكتشفت في وقت مبكر أنني ناقد ولست بشاعر.
ردود الأفعال حيال "الخطيئة والتكفير"
تبين لي أن ردود الفعل على الكتاب وعليَّ وعلى الأفكار بعامة لا تقوم بناء على قراءاتهم لما في الكتب، بل على ما سمعوه وما انتشر فيما بينهم، بدليل أن كتاب الحداثة في ميزان الإسلام ليس فيه أي إحالة مرجعية واحدة للخطيئة والتكفير على الإطلاق! كما أن هنالك نقولات مما سمع في المجالس وما قرئ في الصحف، وهذا أثبت مع الزمن أنه أحدث آثارا سلبية جداً، أنت تحدثني الآن في الجامعة في مكتبي، ربما أقول لك إن لي طالبا هنا في الجامعة درس عندي في مرحلة الدكتوراه ثم تعين معنا أستاذاً في القسم منذ أكثر من عشر سنوات، في خلال هذه السنوات كلها لم يسلِّم عليَّ قط، مع أنه درس عندي وأخذ درجة امتياز، درس عندي ولم يجادلني أثناء الدراسة أبداً، وعندما كنت أعطيه الأفكار التي هي نفسها أفكار كتاب الخطيئة والتكفير، كان يتقبلها بقبول تام بنسبة 100% ولم يظهر أي اعتراض، لكنه بعد ذلك أخذ مني هذا الموقف، بناء على ما سمع، وظلّ لا يسلم عليّ أبدا إلى الآن، وحضر معي في الأحساء في الحوار الوطني ولم يكن يسلم، قابلته على المصعد هناك فأدار ظهره ومشى. فهذه من آثار الحملة التي أشرت إليها، هذه أمور لم نكن نظن أنها ستحدث لكن من الواضح أنها حدثت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.