نقلا عن الوطن السعودية : الوطن/ ألو... الأستاذ جارالله الحميد؟ الحميد/ نعم. قبل أيام رثيت نفسك بقصيدة مؤثرة. نعم، رثيت نفسي. هل تحس بدنو أجلك؟ ليس بالضرورة، لكنه رثاء لمشاريعي. أنت ساخط لأن مشاريعك لم تتحقق؟ ليست مشاريعي وحدي التي لم تتحقق، بل مشاريع الأمة لم تتحقق. ماذا يعني ذلك؟ يعني مقولة سعد زغلول "غطيني يا صفية مفيش فايدة". هذا كلام يأس؟ أنا يائس في وضع معين، لكن لولا الأمل لما واصلت الكتابة إلى هذه اللحظة. هل أنت كاتب إقليمي؟ أنا لكل الوطن. ما هو سر انحيازك لحائل؟ لأنها مسقط رأسي، لكنني الآن لا أنحاز لها. لماذا؟ لأن حائل تحولت إلى مجتمع تقليدي، حائل تخلت عن مدنيتها؟ ما هي محنة جارالله الحميد؟ يمكن لأن أبي مات مبكرا وأنا في سن المراهقة، وتسربت من الدراسة وأصبحت مثل يوسف في غربته. لكن يوسف نبي؟ أنا لم أقل إني يوسف ولم أقل لك إنني نبي، أنا أقول لك مثل غربة يوسف. لماذا أنت مثقف ضد التيار؟ هذا رأيك وهو رأي الأغلبية الموجهة. الله يسامحك، كيف موجهة؟ المنقادة خلف رأي ما وهي غير مقتنعة. هل أنت مظلوم؟ لست مظلوما، لكنني محارب. ما الفرق؟ المظلوم هو الذي يتبلى عليه أحد، أما المحارب فهو الذي تصادر أشياؤه. لماذا لا تهادن؟ أهادن من؟ تهادن الآخر، تهادن الزمن والحياة. هل تريدني أن أروض؟ لا، أنا لا أطلب أن تكون مروضا، أقول أنت غير موضوعي. أخي، لا يروض إلا الحيوان، وأنا لست حيوانا كي أروض. ما هو مصدر عيشك أو رزقك؟ أنا وظفني الأمير مقرن في إمارة حائل. كم مقدار الراتب؟ ثلاثة آلاف ريال. هل تكفي متطلباتك؟ لا تكفي متطلباتي، لكن "القبس" ترسل لي خمسة آلاف ريال. "القبس" الكويتية؟ نعم، "القبس" الكويتية. لماذا لا تكتب بالصحف السعودية؟ على يدك. كيف على يدي! هذه صحف مشرعة أبوابها لك ولغيرك. من قال لك هذا؟ لماذا لا تكتب في "الوطن" مثلا؟ لا تقبلني "الوطن". لماذا؟ لأن قينان لا يريدني أن أنشر. لكن قينان خارج "الوطن". نعم، خرج بعد أن دجنها. هذا اتهام خطير. هذا رأيي، لك أن تأخذه ولك أن تتركه. "الرياض" لماذا لا تكتب فيها؟ عند تركي السديري؟ نعم. تركي لا يطيقني وبيني وبينه خلاف عميق. "الجزيرة"؟ وش فيها؟ لماذا لا تكتب في "الجزيرة"؟ أنا كنت أكتب ب"الجزيرة" قبل مجيء المالك. من استكتبك في "الجزيرة"؟ عبدالعزيز المنصور، كان يصرف لي سبعة آلاف ريال. ولماذا لم تستمر؟ جاء خالد المالك وقال أنت تقترب من الخطوط الحمراء، وتركت الجريدة وخرجت. و"الحياة"؟ "الحياة" طلبوا مني أن أكتب وكتبت، لكن الذيابي تراجع. و"عكاظ"؟ رئيس تحريرها هاشم عبده هاشم يكرهني لسبب لا يعلمه إلا الله. الآن رئيس تحريرها التونسي. مرة طلب مني أن أكتب بإيلاف وكتبت، وحسب لي راتب ألفين ريال، وأنا كل يوم أكتب، وأخيرا حاول أن يتحاشاني لأنني كنت أكتب ضد إيلاف. أنت تشكك بكل شيء وتكره كل شيء؟ أنا لا أكره عبدالله الغذامي وداود الشريان وعبده خال وأحمد الدويحي لأنهم مبدعون حقيقيون. أنت مثقف كسول ومهمل، هل توافقني؟ كيف مهمل؟ كسول وتطالب الآخرين بأن يطرقوا أبوابك. أخي، في فرنسا مثلا جاك دريدا تعطيه "الليموند" أربعين ألف يورو. وأنت تطالب أن تكون جاك دريدا؟ أنا لا أطالب أن أكون دريدا، أخي الكتابة ليست سوق طلب وعرض، الكتابة هوية يجب أن تحترم. من تعتقد أنه عدوك؟ عدوي البنية الاجتماعية المتخلفة التي تناصبك العداء إذا كنت تدخن أو لم تقصر ثوبك ويشيعون عنك أشياء غير صحيحة. ألا تعتقد أن هذا تجن منك؟ أبدا، هناك من هو متخصص لشتمي فقط. كيف متخصص في شتمك؟ يتعب على جمع مقالاتي، تخيل! ويتهمني بالإلحاد. من الذي أخذ بيدك في السابق؟ محمد الشدي وفهد العريفي وعبدالله مناع. والآن؟ الآن عبدالعزيز السبيل، عندما يزور حائل يزورني في بيتي. كم عدد مؤلفاتك؟ أربع مجموعات قصصية. أنت لماذا مختلف مع الجميع؟ أنا ضد الغلط. أنت بركان ثائر لكنك ستنفجر بنفسك فقط. أسأل الله ألا أموت بلا شاهدين. بلا شاهدين؟ شاهدان على موتي حتى لا أزيف. ممن تشكو؟ أشكو من الجاهلية. كتبت في الإنترنت وقلت عن محمد عبده والقرني يا قلب لا تحزن. لأن الاثنين ليس لهما علاقة بالفن. محمد عبده فنان. محمد عبده تاجر، والقرني داعية لا علاقة له بالفن. لكن عايض باع مليوني نسخة من كتابه؟ وأنت مصدق ها الكلام؟! أنت مشكلة يا جارالله الحميد، حوارنا معك انتهى، شكرا. عفوا.